كتبت- أسماء العمدة:


05:30 م


16/12/2025

لطالما ارتبطت الألوان بالجمال والفن، لكن بعضها تجاوز حدود الإبداع ليصبح رمزًا للثروة والسلطة ومن بين هذه الألوان، برز لون واحد حمل لقب «أغلى من الذهب» عبر قرون طويلة، الأزرق الفائق اللون الذي غيّر تاريخ الفن وكشف جانبًا خفيًا من صراع الندرة والقيمة.

حجر كريم يتحول إلى لون
وبحسب ما ورد عبر صحيفة، timesofindia، لم يكن الأزرق الفائق لونًا عاديًا يُحضّر من النباتات أو المعادن المتوفرة، بل استُخرج من حجر شبه كريم يُعرف باسم اللازورد وهو حجر نادر لم يكن يوجد تاريخيًا إلا في مناجم محدودة في أفغانستان، هذا البُعد الجغرافي، إلى جانب ندرته، جعل وصوله إلى أوروبا مغامرة مكلفة ومحفوفة بالمخاطر.

عملية شاقة وسعر يفوق الذهب
تحويل اللازورد إلى صبغة زرقاء نقية لم يكن بالأمر السهل، فقد تطلّب الأمر طحن الحجر وغسله مرارًا لفصل اللون الأزرق الخالص عن الشوائب، وهي عملية معقدة استغرقت وقتًا طويلًا وأيديًا خبيرة، وبسبب هذه الصعوبة، أصبح سعر الأزرق الفائق أعلى من سعر الذهب وزنًا بوزن خلال العصور الوسطى وعصر النهضة.

لم يكن الفنانون يستخدمون هذا اللون بحرية، بل غالبًا ما كان يُشترى بتمويل خاص من رعاة اللوحات، ولهذا السبب، خُصص الأزرق الفائق لرسم أقدس وأهم العناصر في الأعمال الفنية، وعلى رأسها ملابس السيدة مريم في اللوحات الدينية، تعبيرًا عن النقاء والسمو الروحي.

مع تطور الكيمياء في القرن التاسع عشر، نجح العلماء في إنتاج نسخة صناعية من الأزرق الفائق بتكلفة أقل، ما أتاح استخدامه على نطاق واسع، ورغم ذلك، لا يزال الأزرق الطبيعي المستخرج من اللازورد يُعد مادة نادرة وباهظة الثمن، ويُستخدم اليوم في نطاق محدود للغاية.

قصة الأزرق الفائق ليست مجرد حكاية لون، بل شهادة على كيفية تداخل الفن والتجارة والرمزية الدينية في تشكيل تاريخ البشرية، لون واحد كان كفيلًا بأن يُعامل ككنز، ويُقدَّر أحيانًا بما هو أثمن من الذهب نفسه.

شاركها.