كتبت- أسماء مرسي:
منذ آلاف السنين، صنع الفراعنة حضارة عظيمة ما زالت آثارها باقية حتى اليوم، لكن ما لا يعرفه الكثير هو أن بعض العادات والتقاليد التي مارسها ما زالت موجودة في حياتنا اليومية، فما هي هذه العادات؟ وكيف انتقلت عبر الزمن؟
كشف الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار، في تصريح خاص لـ “مصراوي”، أبرز تلك العادات.
– أربعين المتوفى
عادة إحياء ذكرى المتوفي بعد مرور أربعين يوما على وفاته، من العادات المصرية الراسخة التي توارثها المصريون عبر الأجيال، منذ زمن الفراعنة حتى يومنا هذا.
في هذا اليوم، يجتمع أهل الميت في مقبرته لقراءة القرآن الكريم وذكر الله ترحما على روحه، ويقومون بتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين.
ترجع جذور هذه العادة إلى طقوس التحنيط عند الفراعنة، والتي كانت تستغرق مدة تتراوح بين 40 و 70 يوما، ففي اليوم الأربعين، كانت تعتبر الروح قد تحررت من جسدها، وأصبحت جاهزة للسفر إلى العالم الآخر.
– إشعال البخور
البخور أحد أقدم العادات التي عرفها الإنسان، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالحضارة المصرية القديمة، حيث استخدمه الفراعنة في طقوسهم الدينية لاعتقادهم بقدرته على تطهير المكان ورفع الروح المعنوية.
وعلي جدران المعابد المصرية، نجد رسومات توضح طقس إشعال البخور، حيث كان المعبد هو المكان المقدس للتواصل مع الآلهة، وكان حرق البخور أحد أهم القرابين التي تُقدم للمعبودات.
ولا زالت هذه العادة حاضرة حتى يومنا هذا، حيث يُستخدم البخور في امتلاء الهواء برائحة مميزة، ويوم الجمعة لطرد الحسد.
وتُظهر رحلة الملكة حتشبسوت لبلاد بونت، التي استمرت ستة أشهر لجلب أشجار البخور، مدى أهمية هذه المادة لدى الفراعنة.
– صناعة العطور
لا زال عشق المصريين للعطور يملأ أرجاء الحاضر، دون أن يدرك الكثير أن هذه العادة هي امتداد لعظمة حضارة الفراعنة العريقة، حيث إن أساليب صناعة العطورِ مستوحاة من الأسلوب القديم الذي كان سائدا في عصرِ الفراعنة، حيث اكتشفت زجاجات عطر في قبور فرعونية تعود إلى آلاف السنين.
وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن المصريين القدماء برعوا في استخلاص العطور من خلال نقع الأخشاب ذات الروائح العطرة في مزيج من الزيت والماء، وكانوا يدهنون أجسادهم بها، كما استخدموا أنواعا أخرى في حفظ جثث الموتى أثناء عمليات التحنيط.
وتُظهر النقوش على جدران مقابر المصريين القدماء العديد من الصورِ التي تُبين كيفية حرق الفراعنة اللبان والصمغ والأخشاب، تعبيرا عن عشقهم للروائح الذكية، وكانوا يقومون بعصرِ الورود وخلطها بالزيوت ومن ثم حفظها في أوان فخارية.
ولم تكن صناعة العطور متاحة لجميع أفراد الشعب، بل كانت مقتصرة على الملوك والملكات والكهنة، نظرا لارتفاع درجة الحرارة في مصر، أقبل المصريون القدماء من جميع الطبقات الاجتماعية على التعطرِ.
ومن أشهر أنواع العطور التي استخدمها المصريون القدماء زهرة اللوتس، التي كان يتم استخلاص زيوت جاذبة منها.
كما اشتهرت الملكة كليوباترا السابعة بتركيبة عطر جاذبة جعلت كل من يقترب منها يعشقُها، وفتنت بها أباطرة وملوك العالم.
– الحجاب والتميمية لردع السحر
يعود استخدام التمائم والأحجبة إلى العصر الفرعوني، حيث كان قدماء المصريين يعتقدون بقوة السحر والشر، فكانوا يصنعون تعويذات معينة وكتابات فرعونية في طيات ملابسهم أو في أعناقهم أو غطاء الرأس، لحماية أنفسهم من الأذى.
كما كانت تُوضع على جسد المتوفي، وأسفل عتبات المنازل للحفاظ عليها من دخول شر السحر.
– ارتداء ملابس سوداء تعبر عن الحزن
ينما يرتبط اللون الأسود بالحزن في عصرنا الحالي، فهي تعتبرعادة مصرية مكتسبة من الفراعنة، حيث اعتاد المصريون القدماء على ارتداء الملابس السوداء تعبيرا عن الحزن وحدادا على الفقيد.
– قائمة منقولات الزوجية “القايمة”
اهتم الفراعنة بحقوق المرأة في الزواج، حيث حرص المصريون القدماء على تدوين كل ما تجلبه العروس قبل زواجها في وثيقة تُعرف باسم “اتفاقية الزواج”، التي تُسمي حاليا بـ “القايمة”، هي بمثابة عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات، يجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية، كما يلتزم بردها متى طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات والزوج يقوم بالتوقيع عليها.
– شم النسيم
عيد مصري قديم، بدأ منذ 1700 عام، وأكلات شم النسيم من أهم مظاهر الاحتفال بهذا العيد، حيث حافظ المصريون على تناول نفس الأكلات منذ عهد الفراعنة حتى العصر الحالي، وهي أسماك الفسيخ والرنجة والبصل الأخضر.
فيما أضاف الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثري ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار، في تصريح خاص لـ “مصراوي”، بعض العادات المرتبطة بالمصريين القدماء، وتشمل:
– الخرزة الزرقاء
عادة أخرى من عادات المصريين القدماء متواجدة في العصر الحالي، وهي تتمثل في “الخرزة الزرقاء” التي يتم ارتداؤها لمنع وردع الحسد والعيون الشريرة، وهي قصة بدأت منذ أكثر من 7 آلاف سنة.
وتُعرف هذه الخرزة أيضا باسم “عين حورس” نسبة إلى إله السماء والعدل في الحضارة المصرية القديمة، الذي انتصر على إله الشر “ست” بعد معركة شديدة، وفقد حورس إحدى عينيه خلال هذه المعركة، لكنها استُبدلت بعين أخرى ذات قوة خارقة تُعرف باسم “عين رع”.
واستخدم الفراعنة رمز عين حورس كتميمة لحماية عروشهم وتعزيز استقرار نظام الدولة، ويؤمن المصريون حتى يومنا هذا بالحسد.
كما تُعلق هذه الخرزة على الصدر أو ارتدائها في سلسلة، أو تعليقها على حوائط المنازل وأبوابها وداخل السيارات.
– سبوع المولود
وهي عادة مصرية عريقة تُوارثتها الأجيال منذ آلاف السنين، وتُقام احتفالية السبوع بعد ٧ أيام من ميلاد الطفل.
يرجع أصل هذه العادة إلى اعتقاد المصريين القدماء ببدء حاسة السمع لدى الطفل في اليوم السابع، ففي هذا اليوم، يُصدرون أصواتا عالية بجوار أذنيه، لبدء تفاعله مع العالم الخارجي.
– كسر القلل:
من أشهر العادات المصرية التي تُعبر عن فرحة الناس بالتخلص من شخص مُزعج أو مُستبد، حيث تُقال عبارة “اكسر وراه قلة” للتعبير عن التخلص من هذا الشخص نهائيا.
تعود إلى النصف الثاني من عصر الأسرة الثالثة عشرة الفرعونية، وهو العصر الذي سمي تاريخيا بعصر الإنحطاط والإضمحلال.
– الملوخية
من أشهر الأطباق المصرية الأصيلة، ويرجع تاريخ زراعتها على ضفاف النيل إلى عهد الفراعنة، كما تشير البرديات القديمة.
وبينت بعض الروايات أن الفراعنة اعتبروها نباتا ساما، بينما يرى البعض الآخر أنّهم قد استخدموها في طعامهم.
وتشير بعض الروايات إلى أن أصل تسمية الملوخية يعود إلى عصر الدولة الفاطمية، حيث يظن أن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله منع تناولها على العامة لأسباب غير معروفة، بينما سمح بها فقط للملوك.
وذكرت أيضا بعض الروايات أنّ تسميتها بـ “ملوكية” تعود إلى شفاء المعز لدين الله الفاطمي من المغص بعد تناولها، فاقتصرت على ملوك وأمراء مصر.
ومع مرور الزمن، تحوّر اسمها من “ملوكية” إلى “ملوخية” لتصبح من أشهر الأطباق الشعبية المصرية التي تُقدم الآن على موائد المصريين.
اقرأ أيضا:
الشعور بالعطش المستمر يكشف إصابتك بـ 5 أمراض خطيرة
سر برودة شهر فبراير عن يناير.. خبير أرصاد يوضح السبب
طعام رخيص الثمن يمنع الالتهابات وارتفاع ضغط الدم.. لن تتوقعه
امرأة تسرق سيارة شرطة.. والمطاردة تنتهي بكارثة
بسبب خطأ طبي.. حرمان 100 امرأة من الأمومة- ماذا حدث؟