كتب : نرمين ضيف الله
09:00 م
17/12/2025
في شوارع لندن المزدحمة، لم يعد مشهد استخدام النقود مألوفا كما كان، المقاهي ومحطات المترو وحتى بعض المتاجر الصغيرة، باتت ترفض التعامل بالأوراق النقدية، مكتفية بالمدفوعات عبر البطاقات أو الهواتف الذكية.
وبينما أصبح التنقل وشراء القهوة أكثر سهولة بلمسة زر، تكثر التساؤلات الجدية، هل يمكن أن تصبح مدينة بأكملها بلا نقود؟
ووفقا اصحيفة “The Guardian”، فإن مدن مثل ستوكهولم وبيرجامو وسيول تصدر التحول نحو الاقتصاد اللانقدي، حيث تُستخدم البطاقات الرقمية في كل شيء تقريبًا.
لكن هذه الثورة المالية لا تمر دون ضحايا فالفقراء وصغار التجار يجدون أنفسهم شيئًا فشيئًا خارج النظام الجديد.
الفقراء في خطر.. الوجه الخفي للمدن الخالية من النقد
يرى الخبراء أن الجمال في النقود الورقية يكمن في بساطتها وقدرتها على الربط بين جميع طبقات المجتمع، غنيًا كان أو فقيرًا.
لكن عندما يُفرض الدفع الإلكتروني على الجميع، يصبح من لا يملك حسابًا مصرفيًا أو هاتفًا ذكياً خارج اللعبة تمامًا.
ويحذر الكاتب المالي دومينيك فريسبي من أن التحول السريع نحو عالم بلا نقود قد يخلق مجتمعًا من مستويين: “أولئك القادرين على التعامل إلكترونيًا، وآخرين مهمشين لا مكان لهم في الاقتصاد الحديث”.
حتى الرئيس التنفيذي لشركة ماستركارد، أجاي بانجا، نبه إلى خطر نشوء “جزر مالية” معزولة، يعيش فيها غير المتعاملين مع البنوك على هامش النظام المالي.
الهند.. صدمة التحول المفاجئ إلى الاقتصاد اللانقدي
في نوفمبر 2016، فاجأ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي شعبه بقرار سحب الأوراق النقدية من فئتي 500 و1000 روبية من التداول، في خطوة هدفت لمكافحة الفساد ودفع البلاد نحو الدفع الإلكتروني.
لكن النتيجة كانت فوضى اقتصادية قصيرة المدى، وارتباكًا كبيرًا لدى الفقراء فقد اصطفت الطوابير أمام البنوك، وعجز كثير من الباعة الجائلين عن شراء أجهزة الدفع أو تشغيل تطبيقات مثل Paytm.
يقول المحامي آيريس رودريغيز من ولاية غوا إن “سائقي الريكشا وبائعي السمك باتوا عاجزين عن التعامل مع الزبائن، لأن معظمهم أصبح يفضل الدفع الرقمي”. ويضيف: “الحكومة استعجلت الخطوة وتجاهلت معاناة الناس”.
السويد.. أقرب نموذج لمدينة بلا نقود
السويد من أكثر الدول استعدادًا للتحول الرقمي الكامل، ويتوقع الباحث نيكلاس أرفيدسون من المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم أن تصبح البلاد أول مجتمع خالٍ من النقد بحلول عام 2030.
فكبار السن في القرى الشمالية يشعرون بالاستياء من تراجع الخدمات البنكية التقليدية، حتى أن منظمة المتقاعدين السويدية أطلقت حملة بعنوان “انتفاضة النقد” للمطالبة بإبقاء خيار الدفع الورقي متاحًا.
تجارب أخرى.. من أمستردام إلى كينيا وزيمبابوي
في أمستردام، يواجه الباعة المتجولون والمشردون صعوبة في تقاضي المال من الزبائن الذين لا يحملون نقدًا.
حتى تجربة الدفع عبر أجهزة فشلت لكونها معقدة وبطيئة لذا يجري العمل حاليًا على تطوير حلول عبر رموز QR لتسهيل التبرعات والمدفوعات الصغيرة.
أما في كينيا، فالمشهد مختلف فقد أطلقت البلاد عام 2007 خدمة M-Pesa، التي سمحت للملايين بتحويل الأموال عبر الهواتف البسيطة دون حسابات مصرفية، لتصبح نموذجًا عالميًا ناجحًا في الشمول المالي.
وفي زيمبابوي، ساعدت خدمة EcoCash أكثر من ستة ملايين شخص على تجاوز أزمة السيولة من خلال المدفوعات النصية، حتى لأفقر الباعة في الشوارع.
ويؤكد الخبير التقني ديف بيرش أن التخلي عن النقد ليس بالضرورة ضد الفقراء، فالتكنولوجيا قادرة على توفير حلول رقمية بسيطة حتى عبر الهواتف القديمة.
لكنه يشدد على ضرورة أن تعمل الحكومات والبنوك وشركات التكنولوجيا معًا لضمان شمول الجميع في هذا التحول.
أقرأ أيضًا:
تعاني منها ياسمين عبد العزيز.. أعراض وأسباب “فوبيا الريش”
قلة النوم تضاعف خطر الإصابة بنزلات البرد.. كيف تحمي جسمك؟
مكاسب مالية في الطريق لـ4 أبراج فلكية قبل بداية 2026… انفراجة طال انتظارها
4 أبراج قادرة على جذب الحظ دون مجهود.. هل أنت منهم؟
تقاليد غير تقليدية.. أغرب احتفالات رأس السنة حول العالم

