كتب – سيد متولي


03:00 م


28/12/2025

لم تعد مقاطع الفيديو القصيرة المنتشرة على الإنترنت، والمعروفة بـ”الريلز”، مجرد وسيلة للترفيه السريع، بل أصبحت جزءا أساسيا من الروتين اليومي لكثير من الأطفال والشباب، ومع هذا الانتشار الواسع، تتزايد المخاوف العلمية حول تأثيرها العميق في الدماغ والصحة النفسية.

تطبيقات مثل تيك توك وإنستجرام ويوتيوب شورتس نجحت في جذب أعداد هائلة من المستخدمين دون سن الثامنة عشرة، حيث يقضي الكثير منهم ساعات متواصلة في التمرير والمشاهدة، هذا الاستخدام المكثف أثار نقاشا واسعا في الأوساط البحثية حول ما قد تسببه هذه المنصات من آثار نفسية وسلوكية على المدى القريب والبعيد.

وبحسب موقع “ذا كونفرسيشن” الأمريكي، فإن طبيعة تصميم الفيديوهات القصيرة تعتمد على المشاهدة المتواصلة دون توقف، ما يجعل من الصعب على الأطفال والمراهقين التحكم في مدة الاستخدام.

ويرى الباحثون أن هذه المنصات قد تلعب دورا إيجابيا أحيانا في تكوين الاهتمامات وبناء العلاقات الاجتماعية، لكنها في المقابل قد تؤدي إلى اضطرابات واضحة لدى بعض المستخدمين، مثل ضعف التحكم في السلوك، وقلة التركيز، واضطراب النوم، وتراجع الوقت المخصص للتفكير الهادئ أو التفاعل الحقيقي مع الآخرين.

وتعتمد المقاطع القصيرة، التي لا تتجاوز غالبا دقيقة واحدة، على تحفيز الدماغ بشكل متكرر عبر محتوى متغير وسريع، ما يجعل نظام المكافأة العصبي في حالة استجابة دائمة، ومع غياب فترات التوقف الطبيعية، يفقد الدماغ فرصته في استعادة التوازن والتركيز، وهو ما قد يؤثر تدريجيا على القدرة على الانتباه وضبط النفس.

ولا يتوقف التأثير عند هذا الحد، إذ إن استخدام الشاشات في أوقات متأخرة من الليل يعطل إفراز هرمون النوم الطبيعي، كما أن التغيرات العاطفية السريعة التي تفرضها المقاطع المتلاحقة تجعل من الصعب على الدماغ الدخول في حالة الاسترخاء، كما ترتبط بزيادة القلق الاجتماعي واضطرابات النوم لدى بعض المراهقين.

وتنعكس مشكلات النوم بدورها على الحالة المزاجية والذاكرة والقدرة على التحمل، وقد تدفع الأطفال، خاصة من يعانون ضغوطا نفسية أو اجتماعية، إلى دائرة مغلقة يصعب الخروج منها.

كما أن التعرض المستمر لصور مثالية وأنماط حياة مصقولة قد يعزز المقارنة السلبية لدى الأطفال، خصوصا في سن ما قبل المراهقة، حيث قد تتشكل لديهم تصورات غير واقعية عن الجمال أو النجاح أو القبول الاجتماعي، ما يؤثر سلبا على تقدير الذات.

وكشف الباحثون أن الأطفال الأصغر سنا أكثر عرضة للتأثر بهذه المنصات، نظرا لعدم اكتمال نضجهم النفسي وضعف قدرتهم على التمييز وضبط السلوك، ويزداد الخطر مع احتمالية التعرض المفاجئ لمحتوى غير مناسب، مثل مشاهد عنيفة أو تحديات خطرة أو مواد ذات طابع جنسي، بسبب التشغيل التلقائي وسرعة الانتقال بين المقاطع.

شاركها.
Exit mobile version