حذّر أطباء ومختصون من إساءة استخدام المضادات الحيوية وشرائها من دون وصفة طبية، مؤكدين أن هذا السلوك لا يسبب فقط حساسيات واضطراباً في البكتيريا النافعة داخل الجسم، بل يؤدي أيضاً إلى تأخير التشخيص الحقيقي للمرض، وارتفاع معدلات البكتيريا المقاومة للعلاج، وشددوا على أن تفاقم هذه الظاهرة بات يشكل تهديداً مباشراً للرعاية الصحية حول العالم، مستندين إلى بيانات منظمة الصحة العالمية، التي تكشف أن العدوى المقاومة للمضادات الحيوية تسببت في 1.27 مليون وفاة عالمياً عام 2019.

وتفصيلاً، أكدت الدكتورة سنام مالك، استشارية طب الأسرة، أن استخدام المضادات الحيوية يجب أن يقتصر على الحالات، التي يثبت فيها وجود عدوى بكتيرية، مشددة على أنها لا تفيد في علاج نزلات البرد أو الإنفلونزا أو معظم التهابات الحلق، لأنها أمراض فيروسية لا تتأثر بالمضادات الحيوية. وشددت على أن استمرار هذا الوضع قد يجعل بعض العدوى الشائعة غير قابلة للعلاج، ما يهدد حياة المرضى، ويقوض فعالية منظومات الرعاية الصحية، داعية إلى عدم استخدام المضادات دون استشارة طبية، وإلى الالتزام التام بجرعات العلاج ومدته، مؤكدة أن المسؤولية مشتركة لحماية المجتمع من خطر مقاومة المضادات الحيوية.

استخدام غير رشيد

وترى الدكتورة لينا غزال، أخصائية الأمراض الباطنية، أن الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات، الذي يقام بين 18 و24 نوفمبر كل عام يشكل فرصة مهمة للتذكير بمخاطر الاستخدام غير الرشيد للمضادات الحيوية، في وقت تتصاعد فيه معدلات مقاومة البكتيريا لهذه الأدوية، موضحة أن المضادات الحيوية، رغم دورها المحوري في إنقاذ الأرواح، قد تفقد فعاليتها عندما تستخدم بلا حاجة طبية، أو بجرعات غير مناسبة، أو عندما يتوقف المريض عن العلاج قبل إتمامه، ما يؤدي إلى زيادة صعوبة علاج العدوى، وارتفاع نسب الدخول إلى المستشفيات والوفيات.

ولفتت الدكتورة غزال إلى أن عدم إكمال المريض للمدة العلاجية المحددة يعد أحد أهم أسباب نشوء المقاومة البكتيرية؛ إذ تبقى بعض البكتيريا داخل الجسم قادرة على التكاثر وتطوير آليات دفاعية تجعلها أكثر مقاومة للعلاج عند عودة الإصابة، وغالباً ما تكون العدوى حينها أشد وأطول مدة.

تحديات

وقال الدكتور محمود مدحت أبو موسى، أخصائي طب العناية المركزة في المستشفى الدولي الحديث، إن الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات يشكل فرصة مهمة، لتسليط الضوء على التحديات المتصاعدة المرتبطة بسوء استخدام المضادات الحيوية، خصوصاً داخل المستشفيات وأقسام العناية المركزة، التي تعد من أكثر الأقسام حساسية في التعامل مع العدوى.

وأوضح أن الارتفاع المستمر في حالات العدوى المقاومة للمضادات الحيوية أصبح يشكل خطراً مباشراً على المرضى ذوي الحالات الحرجة، حيث يعتمد شفاؤهم على اختيار العلاج المناسب في الوقت المناسب، وقال إن وجود بكتيريا لا تستجيب للعلاجات المتاحة قد يؤدي إلى إطالة فترة البقاء في العناية المركزة، وارتفاع المضاعفات، وزيادة في التكلفة الصحية.

بدورها ترى الدكتورة جيتانجالي أفيشكار باتيل أن المضادات الحيوية تعد أحد أعمدة الطب الحديث، لكنها باتت أكثر عرضة للخطر، بسبب سوء استخدامها، موضحة أن الإفراط في تناول المضادات الحيوية أو استخدامها دون حاجة طبية حقيقية يسمح للبكتيريا بتطوير مقاومة لها، ما يعني أن العلاجات التي نعتمد عليها اليوم قد تفقد فعاليتها عندما نحتاج إليها بالفعل، وهو ما يمثل أحد أخطر التهديدات المتوقعة للصحة العامة خلال العقود المقبلة.

وأكدت الدكتورة باتيل أن حماية المضادات الحيوية تتطلب التزاماً بسيطاً من الجميع، من خلال استخدامها فقط عند وصف الطبيب، وعدم مشاركة الدواء أو الاحتفاظ به لاستخدام لاحق، والحرص على إكمال الجرعة كاملة حتى في حال تحسن الأعراض، كما دعت إلى تجنب التداوي الذاتي أو شراء المضادات الحيوية من دون استشارة مختصة، مشيرة إلى أن إجراءات الوقاية البسيطة – مثل غسل اليدين، وسلامة الغذاء، والمواظبة على التطعيمات – تسهم بشكل كبير في منع الإصابة بالعدوى من الأساس.

شاركها.
Exit mobile version