وافق المجلس الوطني الاتحادي، خلال جلسته الثانية من دور انعقاده العادي الثالث من الفصل التشريعي الثامن عشر، التي عقدها برئاسة معالي صقر غباش، رئيس المجلس، أمس، في قاعة زايد بمقر المجلس بأبوظبي، على مشروع قانون اتحادي بشأن ربط الميزانية العامة للاتحاد وميزانيات الجهات الاتحادية المستقلة عن السنة المالية 2026، بحضور معالي محمد بن هادي الحسيني، وزير دولة للشؤون المالية.
وقال معالي صقر غباش، إن إقرار الميزانية الاتحادية لعام 2026، التي تعد الأكبر في تاريخ الدولة، يؤكد أن الإمارات تمضي في مسار تصاعدي من النمو والاستقرار، وأن سياساتها المالية قائمة على الثقة بقدراتها الذاتية ورؤيتها المستقبلية.
وأشار إلى أن هذه الميزانية ليست رقماً قياسياً فحسب، بل رسالة ثقة استراتيجية تعبر عن نضج الإدارة المالية للدولة، وقدرتها على الجمع بين الاستدامة والتنمية، وبين رفاهية الحاضر واستشراف المستقبل.
من جانبه قال معالي محمد بن هادي الحسيني خلال مناقشة مشروع القانون إن اعتماد مجلس الوزراء، للميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026 بإجمالي 92.4 مليار درهم، مقارنة بـ 71.5 مليار درهم في ميزانية العام 2025، يمثل قفزة نوعية بنسبة تقارب 29%، لتكون بذلك الميزانية الاتحادية الأكبر مقارنة بميزانيات السنوات المالية السابقة، ما يعكس قوة الاقتصاد الوطني والالتزام بدعم مسيرة التنمية المستدامة في الدولة.
وأضاف معاليه أن الميزانية العامة للاتحاد للسنة المالية 2026 تمثل نموذجاً متقدماً للتخطيط المالي القائم على استشراف المستقبل، لافتاً إلى أن السياسات المالية التي تتبناها دولة الإمارات أصبحت أكثر قدرة على الاستجابة للمتغيرات العالمية، وأكثر تركيزاً على تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وأن التركيز على القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها التعليم والصحة والبنية التحتية والتنمية الاجتماعية، يعكس إيمان الدولة بأن الاستثمار في الإنسان والابتكار هو المحرك الأهم للنمو الاقتصادي المستدام.
وحول توزيع الميزانية الوارد في ملحق مشروع القانون، تم تخصيص 34.6 مليار درهم على القطاعات الأساسية، حيث خصص لقطاع التنمية الاجتماعية والمعاشات نسبة 37% من إجمالي الميزانية، بما تضمنه من برامج التعليم العام والجامعي، ومعاشات التقاعد، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والخدمات العامة.
كما تم تخصيص 27.1 مليار درهم لقطاع الشؤون الحكومية بنسبة 29% من إجمالي الميزانية، ولقطاع الاستثمارات المالية تم تخصيص 15.4 مليار درهم وبنسبة 17%، بالإضافة إلى المصاريف الاتحادية بواقع 12.7 مليار درهم، والتي تمثل 14% من إجمالي الميزانية، وتم تخصيص 2.6 مليار درهم لقطاع البنية التحتية والاقتصادية بما يمثل نسبة 3 % من إجمالي الميزانية.
التأمين الصحي
وخلال مناقشة مشروع القانون، أكد أعضاء المجلس على ضرورة الإسراع في اعتماد ميزانية التأمين الصحي، وتوسيع مشاريع مراكز علاج الصحة النفسية، ومراعاة التوازن بين سرعة التغيير المؤسسي واستدامة الأثر التنموي للقطاعات الحيوية، وإعادة النظر في شروط استحقاق منحة الزواج بتخفيض سن المستحق عن 21 عاماً لتحقيق استقرار الأسرة والمجتمع.
كما دعا الأعضاء إلى إنشاء مراكز إخصاب في مختلف مناطق الدولة، وتعديل رواتب المتقاعدين المنتسبين لوزارة الداخلية قبل عام 2008 م، وتعيين الخريجين والباحثين عن عمل، وزيادة المنحة السكنية، وزيادة بدل الأبناء للمتقاعدين أسوة بالعاملين، وزيادة ميزانية مشروع تطوير مستقبل التعليم في الدولة.
وطالب الأعضاء بدعم مشاريع الرياضة المجتمعية لتعزيز الصحة العامة من خلال إنشاء مسارات المشي والملاعب المفتوحة في مختلف المناطق، والاهتمام بالاستثمار المالي في دعم الصناعة الوطنية في مجالات الطاقة والصناعة والبيانات لمردودها الإيجابي على الميزانية.
أسئلة
وأشار معالي محمد بن هادي الحسيني إلى أن شركات التأمين المرخصة في الدولة تقدم العديد من خدمات التأمين الصحي، سواء كانت تغطيات أساسية في وثائق التأمين وفقاً لما هو مقرر من قبل هيئات التأمين الصحي في مختلف إمارات الدولة، أو منافع وتغطيات إضافية على تلك الوثائق ووفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين شركة التأمين والمستفيدين من وثيقة التأمين مقابل أقساط إضافية، يتم الاتفاق عليها، سواء كانت تلك الوثائق فردية أو جماعية.
وذكر فيما يتعلق بتغطية الأمراض المزمنة، بأنها من التغطيات المتوفرة في العديد من باقات التأمين الأساسية الموجودة في مختلف إمارات الدولة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر باقة التأمين الصحي الأساسية للعاملين في القطاع الخاص والعمالة المساعدة في الإمارات الشمالية التي تم اعتمادها في مطلع العام الحالي، لافتاً إلى أنه حتى في الحالات التي لا ترد فيها هذه الأمراض من التغطيات الأساسية، فإنه يمكن تغطيتها من قبل شركات التأمين وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بهذا الشأن مع المستفيدين.
جاء ذلك في رده على سؤال برلماني في شأن قيام بعض شركات التأمين الصحي بإدراج استثناءات في وثائق التأمين تستثني تغطية بعض الحالات الصحية، مثل الأمراض الخلقية التي يولد بها الإنسان، والأمراض المزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، والربو، وأمراض القلب.
أما بخصوص الأمراض الخلقية التي تولد مع الإنسان، سواء كانت داخلية أو خارجية قال معاليه، إنها لا تعتبر من المنافع الأساسية الإلزامية الواجب توفيرها ضمن وثائق التأمين الصحي وفقاً للتشريعات الصادرة عن الهيئات الصحية في مختلف إمارات الدولة، وتقع في حالات عديدة ضمن الاستثناءات من تغطية التأمين الصحي شأنها شأن الاستثناءات الأخرى الواردة في وثائق التأمين الصحي الموجودة في الدولة، وخصوصاً الأمراض الوراثية المزمنة، وذلك نظراً لارتفاع تكاليف العلاج المترتبة عليها وتجنباً لارتفاع أسعار وثائق التأمين الصحي في الدولة.
وأضاف أنه لا بد من مراجعة شروط وثيقة التأمين الصحي لكل حالة على حدة ونوع المرض الذي يعاني منه المستفيد، للتأكد من مدى تغطية الوثيقة لهذا النوع من المرض من عدمه، وإمكانية إضافته على الوثيقة والقسط المترتب دفعه للشركة في حال تغطية هذا المرض.
حوافز حكومية
وقال معالي محمد بن هادي الحسيني: إن برامج دعم نافس، عبارة عن حوافز حكومية تستهدف تشجيع توظيف المواطنين في القطاع الخاص، إلا أنها لا تستوفي بشكل كامل شرط الانتظام والاستمرارية المنصوص عليهما في المادة (2) من نظام القروض المصرفية، لافتاً إلى أن البنوك قد تنظر وفقاً لإدارتها للمخاطر وممارسات الإقراض لديها في احتساب دعم برنامج نافس عند تقييم الملف الائتماني بشكل أشمل، بشرط عدم تعارض ذلك مع متطلبات المصرف المركزي الرقابية المتعلقة بتحديد الدخل المنتظم واحتساب عبء الدين، ومع الالتزام بالإقراض المسؤول وحماية المتعاملين.
وأفاد معاليه في رده على سؤال برلماني حول «ضمان تمكن المستفيدين من برنامج نافس في الحصول على القروض من البنوك»، إن مصرف الإمارات المركزي، أصدر نظام القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للعملاء الأفراد رقم (29/2011)، ودخل حيز التنفيذ في مايو 2011 وتم تعديله وإصدار إيضاحات بشأنه خلال الفترة الماضية، حيث يهدف النظام إلى تحديد العلاقة بين البنوك وعملائها الأفراد وتعزيز الشفافية لضمان التمويل المسؤول وحماية المتعاملين من خلال وضع ضوابط واضحة بشأن حد مبلغ القرض ومدة السداد والأقساط الشهرية التي يجب أن تتناسب مع دخل العميل، وكذلك مصادر الدخل التي يمكن الاعتماد عليها عند منح القروض، بما يضمن قدرة العميل على سداد التزاماته طوال مدة القرض بما يتناسب ودخله وعدم تحميله أعباء إضافية تفوق قدرته على السداد.
وأشار إلى أن المادة (2) من النظام تنص على تعريف القرض الشخصي بأنه القرض الذي يمنح للعميل الفرد ويتم سداده من الراتب أو مستحقات نهاية الخدمة أو أي دخل منتظم آخر من مصدر معروف يمكن التحقق منه، مشيراً إلى أن الدخل الذي يجوز للبنوك الاعتماد عليه، يجب أن يكون منتظماً وثابتاً وصادراً عن مصدر معروف، ويمكن التحقق من استمراريته خلال مدة سداد القرض.

