منذ تفجر الحرب الروسية الأوكرانية، بات أمن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل كل اعتبار بالنسبة إلى الكرملين. وقد تضاعف هذا الحذر بعد “محاولة الاغتيال” المزعومة التي أعلنت عنها موسكو قبل أسابيع قليلة بمسيّرات أوكرانية.
إلا أن سيد الكرملين الذي خبر عمل الاستخبارات لسنوات، حريص منذ فترة طويلة على أمنه الشخصي، ومدرك لحساسية هذا الموضوع. وقد بنى مجمعاً سكنياً تحت الأرض على ساحل البحر الأسود، يمكنه أن يحميه وقادة البلاد في حال نشوب أي حرب كبرى، أو انهيار للنظام، بحسب ما أظهرت بعض الصور.
في قلب الريفيرا الروسية
فقد بينت تلك الصور مشاهد لمجمع يقع تحت قصر مطل على البحر الأسود في مدينة غليندزيك المعروفة بالريفيرا الروسية، بحسب ما أفادت صحيفة “التليغراف”.
وقد تخطت كلفته مليار دولار أميركي، حيث يضم شبكة من الأنفاق وشبكات للتهوية، كما أنه محمي بجدران إسمنتية يصل سمكها إلى 38 سنتيمترا.
إلى ذلك، أظهرت مخططات هندسية وصورا جوية هيكل المجمع الذي تم الكشف عنه للمرة الأولى من قبل أنصار المعارض الروسي السجين أليكسي نافالني عام 2021.
كما بينت شبكة الأنفاق الموصولة بمصاعد كهربائية داخله، بحيث تُستخدم عند الطوارئ. وتربط الأنفاق المجمع برصيف خاص على الساحل يمكنه استقبال سفن ضخمة.
كذلك، أوضح فيلم تسجيلي نشره فريق مساعدي نافالني على موقع يوتيوب، الكثير من المعلومات عن القصر، وما يقع تحته من منشآت، واستخدموا مسيّرات حلقت فوق القصر والمجمع على السواء، لتصوير كل ما به من تفاصيل، من مسرح وملاعب جاهزة وتسهيلات تطل جميعا على نفقين فوق بعضهما، على عمق نحو 50 مترا من سطح الأرض.
مخرج آمن
وكشف الفيديو أن النفق العلوي يمتد 40 مترا بعرض 6 أمتار بينما يمتد السفلي إلى نحو 60 مترا ويرتبطان بمصعد عند البداية أقصى اليمين.
ووفق المخططات الهندسية التي نشرتها صحف غربية، فإن النفقين يمتد طولهما إلى نحو 40 إلى 60 مترا، وعرض كل منهما نحو 6 أمتار، مما يوفر مساحة إجمالية تتجاوز 600 متر مربع تدعم بقاء عدد ضخم من البشر تحت الأرض لعدة أسابيع، خاصة مع توافر الأدلة على أن هذين النفقين مضادان للانفجارات.
فيما يتضمن النفق السفلي حائطا متحركا يمكن إزاحته للكشف عن مخرج على الشاطئ.
وقال مهندس الإنشاءات العسكرية ثاديوس غابريزيفسكي إن تصميم الأنفاق بهذا الشكل يضمن أعلى جودة وأمان ومعدلات سلامة، فهناك نظام ضد الحرائق ومياه ونظام صرف صحي، هذا مصمم لضمان البقاء لشخص ما أو توفير مخرج آمن له.
وذكر أن الرسوم الهندسية نشرتها عام 2010 الشركة المصممة للقصر “سيكتزي”، والتي أعلنت أنها قررت نشرها لأنها شعرت بالملل من وجه بوتين، وترغب في إظهار حجم خوفه لدرجة إنشاء هذه المباني تحت الأرض، وفق قولها.
الرئيس ينفي والكرملين يفشل بالتبرير
يشار إلى أن حكاية هذا القصر ليست جديدة، فقد كشف عنها عام 2021، زعيم المعارضة أليكسي نافالني لأول مرة، ما دفع آلافا من الروس للنزول إلى الشوارع احتجاجاً، خصوصا أن البعض أشار إلى وجود فرش مرحاض مطلية بالذهب وإناء بقيمة 700 جنيه إسترليني عثر عليه في البناء الضخم.
بدوره، نفى الرئيس امتلاكه القصر المحاط بـ 17 ألف فدان من الغابات والمحمي بشكل دائم من قبل فريقه الأمني.
مساحته ضعف موناكو الفرنسية 39 مرة!
وبعد وقت قصير من التحقيق الذي أجراه نافالني، خرج أركادي روتنبرغ، صديق طفولة الملياردير لبوتين، يقول إن هذه الممتلكات تخصه، وإن الرئيس لا علاقة له بذلك.
حتى عاد الكرملين وفشل في تفسير سبب وجود قوات أمن الدولة تحت حراسة القصر على مدار 24 ساعة ومحمية بمنطقة حظر طيران إذا كان الرئيس لا يعيش هناك.
إلا أن الكرملين ينكر تماما أي علاقة بين بوتين والقصر وما تحته من إنشاءات، لكن نافالني يؤكد أنها تمت بواسطة عدد من أباطرة المقاولات الروس الذين يتصرفون نيابة عن بوتين.