يواصل «شتا حتا» تعزيز حضوره وجهة عائلية رائدة، واضعاً الأطفال في صدارة اهتماماته، من خلال تخصيص مساحات واسعة وآمنة، تتيح لهم التعلم والاكتشاف بعيداً عن هيمنة التكنولوجيا والأجهزة الذكية. ويعكس هذا التوجه إيمان القائمين على مهرجانات حتا بأهمية ربط الأجيال الجديدة بالطبيعة والتراث، وتنمية مهاراتهم المعرفية والاجتماعية بأساليب تفاعلية مبتكرة، تعيد إلى أذهان الأطفال بساطة التجربة وعمقها الإنساني.

أنشطة إبداعية

وخصص «شتا حتا»، كعادته، هذا العام ورشاً فنية يومية وأنشطة إبداعية مصممة لتحفيز التفكير والخيال، إلى جانب ألعاب تعليمية تعتمد على طرح الأسئلة والتفاعل المباشر، لتوسيع مدارك الأطفال، وتعزيز فضولهم المعرفي، وتعريفهم بتاريخ منطقة حتا، وعاداتها وتقاليدها الإماراتية الأصيلة، بأسلوب مبسط يجمع بين الترفيه والتعليم، ويقرب المفاهيم التراثية إلى أذهانهم بطريقة محببة، بعيداً عن الأساليب التقليدية الجامدة.

كما تضمنت فعاليات «شتا حتا» المخصصة للأطفال إطلاق مبادرة «التاجر الصغير»، التي تستهدف الأطفال من عمر 7 إلى 13 عاماً، حيث أتيحت الفرصة لمجموعة منهم للقيام بتجربة تعليمية عملية، تسهم في تنمية مهارات التواصل وتحمل المسؤولية، وفهم مبادئ البيع والشراء، وطرح الأسئلة، والتعلم من التجربة المباشرة، بما يوسع آفاقهم، ويغرس فيهم روح ريادة الأعمال منذ سن مبكرة، في بيئة آمنة ومحفزة، تشجع على الثقة بالنفس والاستقلالية.

مهن تقليدية

وفي هذا السياق، أكدت عدد من الأسر أن «شتا حتا» لا يقدم مجرد فعاليات ترفيهية، بل يضطلع بدور تثقيفي وتربوي مهم، وذلك ما أشار إليه محمد السويدي القادم من إمارة الشارقة الذي قال، إن المساحات الثقافية والورش التفاعلية للأطفال تتيح لهم فرصة الالتقاء بالحرفيين والتعرف إلى المهن التقليدية، والاستماع إلى قصص الماضي، والمشاركة في أنشطة تحاكي تفاصيل الحياة الإماراتية القديمة، ما يعزز لديهم الشعور بالانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية. وأضاف: «ما يميز شتا حتا أنه يقدم تجربة واقعية، تجعل الطفل يلمس التراث بيديه، ويراه أمام عينيه، لا من خلال شاشة أو كتاب فقط».

وقال عبدالله محمد، الذي كان برفقة أفراد عائلته، إن زيارة «شتا حتا» لا يقتصر أثرها على الأطفال وحدهم، بل يمتد ليشمل الأسرة بأكملها، حيث تمكن هذه الفعاليات أولياء الأمور من مشاركة أبنائهم في مختلف الفعاليات والورش الفنية، مثل الرسم، والأعمال اليدوية، والصناعات التقليدية، في أجواء تعزز الترابط الأسري، وتحول التعلم إلى تجربة مشتركة. وأوضح أن هذه الأجواء «تمنح الأطفال لحظة نقاء ذهني، بعيداً عن ضغوط الدراسة والتقنية، وتعيد للأسرة جلساتها الدافئة التي افتقدتها في زحمة الحياة اليومية»، كما أشار إلى أن ورش الطهي وتجارب المأكولات الشعبية تسهم في تعريف الأطفال بالنكهات الإماراتية الأصيلة، وربطهم بالعادات الغذائية، التي شكلت جزءاً من حياة الأجداد، مؤكداً أن هذه التفاصيل البسيطة تترك أثراً عميقاً في ذاكرة الطفل، وتزرع لديه تقديراً أكبر لثقافته المحلية.

وقال محمد الحاج القادم من إمارة أبوظبي لحضور فعاليات المهرجان، إن الأسر تستثمر وجودها في حتا لاصطحاب أبنائها إلى المناطق التراثية والمعالم الطبيعية والتاريخية، مثل زيارة الأفلاج، التي تعكس عبقرية الإنسان الإماراتي في إدارة المياه قديماً، والتجول في المزارع والواحات، للتعرف إلى طرق الزراعة التقليدية وأهمية النخيل والمحاصيل المحلية، إلى جانب القلاع والقرى التراثية.

وأضاف: «هذه الجولات تحول الزيارة إلى رحلة معرفية متكاملة، تفتح أذهان الأطفال على تاريخ أجدادهم، وتمنحهم شعوراً بالارتباط الحقيقي بالأرض والمكان».

من جهته قال عبدالله جمعه القادم من سلطنة عمان، إن ما يميّز «شتا حتا» هو قدرته على تقديم تجربة واقعية متكاملة، تعيد ربط الأبناء بالعادات والتقاليد والتاريخ، وتمنح عقولهم فرصة للهدوء والتأمل، بعيداً عن الإيقاع السريع للحياة الحديثة.

وأشار إلى أنه للمرة الثالثة يزور «شتا حتا» منذ انطلاقه هذا العام، وفي كل مرة يعود أبناؤه من المهرجان بأسئلة مختلفة، وفضول أكبر لمعرفة قصص الماضي، وكأن هذه التجربة أعادت فتح نافذة في أذهانهم على عالم أكثر بساطة وعمقاً.

شاركها.
Exit mobile version