لم تبدأ علاقة علي حميد علي راشد النعيمي بتربية النحل من باب التجارة أو الهواية، بل من تجربة صحية شخصية دفعته للبحث عن العسل الأصلي، ليجد نفسه بعد سنوات أحد النحّالين المشاركين في مهرجان حتا للعسل، حاملاً قصة مختلفة تعكس ارتباط الإنسان بالمنتج الطبيعي، وتحول تجربته إلى مشروع إنتاجي مستدام وشغف وحب للمهنة يورثه لأبنائه.
يقول علي، صاحب شركة «السدرة للعسل الطبيعي» التي تأسست عام 1997 ومقرها إمارة رأس الخيمة، إن علاقته بالعسل بدأت بعد معاناته من ترسبات الأملاح في الكلى، وهي حالة صحية أثرت في حياته اليومية، ويضيف:
«كنت أعاني كثيراً، وقرأت أن العسل من أفضل الأشياء التي تساعد على إذابة الترسبات والحصى، فبدأت أبحث عنه، إلا أن رحلة البحث عن العسل لم تكن سهلة، إذ واجهت صعوبة في التأكد من جودة العسل المتوافر في الأسواق».
ويتابع: «كنت أشتري من أكثر من مكان، لكن لم تكن لدي ثقة كاملة في مصدر العسل، وهو ما دفعني للتعاون مع أحد أصدقائي الذي كان يمتلك خبرة في تربية النحل، ومن ثم خوض التجربة بنفسي.
وفي عام 1996، قررت أن أقتني أول خلية نحل ثم تضاعف الاهتمام لدي، ما دفعني إلى أن أصبح نحالاً وكانت هذه الخطوة بداية مسار جديد لي في الحياة إذ أصبحت من النحّالين الذين يشاركون في المهرجانات السنوية».
ويشير النعيمي إلى أن البدايات كانت متواضعة، حيث بدأ بنحو 30 خلية نحل، قبل أن تتوسع التجربة تدريجياً لتصل اليوم إلى نحو ألف خلية. ويقول: «في ذلك الوقت لم يكن النحل متوافراً كما هو اليوم، وكانت المنافسة أقل، لكن التحديات كانت كبيرة».
ويؤكد أن تربية النحل في الإمارات تواجه صعوبات موسمية، أبرزها قلة المراعي الطبيعية في بعض فترات السنة، وارتفاع درجات الحرارة، ما يؤثر في قوة الخلايا واستمرارية الإنتاج. ويوضح أن الفترة من شهر يونيو حتى أكتوبر تعد من أصعب الفترات على النحالين، حيث يقل المرعى، وتضعف الخلايا، وقد تموت إذا لم تتوافر بيئة مناسبة.
تحديات البيئة
ويضيف: «النحل يحتاج إلى مرعى مستمر، وإذا توفرت الأشجار المزهرة وحبوب اللقاح، تستمر الملكة في وضع البيوض وتبقى الخلية قوية، لكن عند غياب المرعى تتوقف الملكة، وتضعف الخلية».
ويشير إلى أن بعض النحالين لجؤوا إلى إنشاء محميات أو زراعة أشجار معمرة تزهر في غير مواسم السدر والسمر، لمحاولة الحفاظ على النحل.
تبادل الخبرات
وفي هذا السياق، يرى النعيمي أن مشاركته في مهرجان حتا للعسل تمثل فرصة مهمة للتواصل مع نحالين آخرين، والاطلاع على تجارب جديدة في التربية والتغليف والتسويق.
ويقول إن المهرجان لا يقتصر على عرض المنتجات، بل يتيح تبادل الخبرات، والتعرف إلى حلول ابتكارية للتحديات المشتركة. ويضيف: «كل دورة نتعلم شيئاً جديداً، سواء من خلال النقاشات أو الاطلاع على تجارب نحالين آخرين، وهذا يساعدنا على تطوير العمل».
شغف ينتقل إلى الجيل الجديد
ولا تتوقف قصة النعيمي عند حدود الإنتاج، بل تمتد إلى الجيل الجديد، حيث يشاركه ابنه فيصل الاهتمام بتربية النحل. ويظهر الابن شغفاً واضحاً بالمهنة، من خلال مشاركته في العمل، وتقديم أفكار جديدة، من بينها خلطات مبتكرة تجمع بين العسل ومكونات طبيعية أخرى.
ويقول فيصل إن تجربته الأولى في المهرجان كانت مشجعة، حيث لاقت المنتجات الجديدة إقبالاً من الزوار، ما حفزه على الاستمرار والتطوير. ويرى الوالد في ذلك امتداداً طبيعياً للتجربة، مؤكداً أن نقل المعرفة والخبرة إلى الأبناء جزء أساسي من استدامة هذه المهنة.
بالنسبة لعلي حميد علي راشد النعيمي، لم تعد تربية النحل مجرد نشاط اقتصادي، بل تحولت إلى أسلوب حياة، يجمع بين الصحة والطبيعة والعمل العائلي. ويؤكد أن قصته تمثل نموذجاً لتجارب إنسانية كثيرة يحتضنها مهرجان حتا للعسل.

