شكّل عام 2025 محطة مفصلية وعلامة فارقة في مسيرة العمل الحكومي لدولة الإمارات تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الاستشرافية بعيدة المدى، التي تتخطى التطلعات التقليدية نحو ابتكار مستقبل مستدام ومزدهر.

فقد رسخت دولة الإمارات نموذجاً يُحتذى به في التوازن بين الطموح الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية والعطاء الإنساني والريادة العالمية، حيث جمع هذا النهج بين القدرة على المنافسة العالمية والرؤية الإنسانية العميقة، وقدم للعالم مثالاً على حكومة ذكية، تستثمر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان والمجتمع.

تتسم حكومة الإمارات في 2025 بالتكامل الرقمي الكامل، مستندة إلى أسس استراتيجية متقدمة في استخدام الذكاء الاصطناعي، لتحسين جودة الحياة، وتسريع الإنجاز الحكومي، وتحقيق تنمية متوازنة مستدامة، تخدم الحاضر وتستشرف المستقبل. وقد تميزت إنجازات الدولة خلال هذا العام بالشمولية والعمق، إذ شملت جميع القطاعات، الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، مع تركيز على دعم الأسرة الإماراتية، وتمكين الشباب والمواهب، وتعزيز جودة الخدمات العامة، واستقطاب الاستثمارات العالمية، والاستثمار في البنى التحتية المستقبلية، التي تصنع رفاهية الأجيال القادمة، وتضمن استدامة التنمية.

مجتمع متماسك

أولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اهتماماً خاصاً بموضوع تعزيز تماسك المجتمع وتمكين الإنسان، فاستهل 2025 بإطلاق حملة «شكراً الشيخة هند»، التي كرّمت جهود وإنجازات الشيخة هند في ترسيخ قيم الأسرة الإماراتية، ودورها الفاعل في تعزيز التماسك الاجتماعي ودعم الاستقرار الأسري. وقد مثلت هذه المبادرة انعكاساً حياً لرؤية سموه، التي تؤكد أن قوة المجتمع تبدأ من الأسرة، وتستند إلى التماسك الاجتماعي والإنساني.

واعتمد مجلس الوزراء، برئاسة سموه، الأجندة الوطنية لنمو الأسرة الإماراتية 2031، والتي تهدف إلى تعزيز استقرار الأسرة ورفاهها، وتكريس دورها محركاً رئيساً للنجاح المجتمعي. ويتضمن ذلك دعم برامج التعليم والتدريب والتمكين الاقتصادي للأسرة، إلى جانب توفير بيئة اجتماعية متكاملة، تضمن تربية جيل متوازن، قادر على مواجهة تحديات المستقبل، مع التركيز على جودة الحياة ورفاهية المواطنين.

وتماشياً مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تخصيص 2025 ليكون «عام المجتمع» في الإمارات، أطلق سموه حملة «وقف الأب»، التي تهدف إلى تكريم الآباء، وتقديم دعم مستدام لهم، من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم، سيخصص ريعه لتوفير العلاج والرعاية الصحية للفقراء والمحتاجين وغير القادرين، ما يعكس حرص القيادة على تعزيز أواصر التكافل الاجتماعي، وتمكين كل مكونات الأسرة في الدولة.

الإسكان.. أولوية وطنية

يعتبر ملف الإسكان من الأولويات الوطنية الأساسية في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث يمثل الاستقرار السكني ركيزة أساسية لاستقرار الأسرة والمجتمع. وقد حرص سموه على إطلاق حزمة مشاريع إسكانية متقدمة، بقيمة 5.4 مليارات درهم، في مناطق مختلفة من دبي، تشمل بناء أكثر من 3004 مساكن جديدة للمواطنين.

كما تفقد سموه مشاريع إسكان كبرى، مثل مجمع الشيخ راشد بن محمد وفلل الخوانيج، حيث زار مشروع الخوانيج الثانية، الذي يضم 1050 مسكناً، موجهاً بسرعة إنهاء إجراءات تخصيص وتسليم المساكن للمواطنين. وقدمت مؤسسة محمد بن راشد للإسكان، خلال النصف الأول من عام 2025، ما مجموعه 3027 تسهيلة سكنية، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.725 مليار درهم، فيما اعتمد مجلس الوزراء، برئاسة سموه، 3567 موافقة إسكانية عبر برنامج زايد للإسكان، بقيمة تجاوزت 2.5 مليار درهم، ما يعكس الالتزام القوي بتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز جودة حياة المواطنين.

عطاء مستدام

عمل سموه على ترسيخ مفهوم العطاء المستدام في المجتمع الإماراتي، من خلال إطلاق «حي محمد بن راشد الوقفي»، وهو الأول من نوعه في المنطقة، بهدف ضمان استدامة العمل الخيري والإنساني، ودعم مجالات التعليم والصحة عالمياً. يمتد الحي الوقفي على مساحة مليوني قدم مربعة، ويصل حجم استثماراته إلى 4.7 مليارات درهم. وقد تم تشكيل مجلس أمناء للحي الوقفي، برئاسة معالي مطر الطاير، لإدارة المشاريع بشكل فعال ومستدام.

كما أطلق سموه منظومة التطوع والمشاركة المجتمعية، التي تهدف إلى إنشاء قاعدة وطنية تضم 600 ألف متطوع، مع دعم القطاع الثالث ومؤسسات النفع العام، لزيادة نشاطها بنسبة 30 %، عبر منصة موحدة، بالإضافة إلى إنشاء صندوق بقيمة 100 مليون درهم لدعم هذه المؤسسات، ما يعزز ثقافة التطوع والخدمة المجتمعية، ويضمن الاستدامة.

وفي يوليو 2025، أعلن سموه عن إنجاز المشروع الإنساني الذي أطلقه في رمضان 2022، لتوفير مليار وجبة للمحتاجين حول العالم، وهو أكبر مشروع إطعام جماعي في المنطقة، بهدف توفير الدعم الغذائي للفئات الأقل حظاً، خصوصاً النساء والأطفال والأسر.

واستجابة للأزمات الإنسانية في غزة، نقلت «دبي الإنسانية»، بالتعاون مع شركاء دوليين، مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية، إلى دول متضررة من الحروب والكوارث الطبيعية، ما أسهم في استفادة مئات الآلاف من سكان فلسطين وأفغانستان وميانمار. وأكملت مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، تجهيز أكثر من 10 ملايين وجبة، ضمن «سفينة محمد بن راشد الإنسانية»، بما يعكس قدرة الدولة على تقديم الدعم الإنساني على نطاق عالمي، ويعكس التزام الإمارات تجاه الإنسانية وخدمة المحتاجين، حيث بلغ إجمالي حجم الإنفاق 2.2 مليار درهم، ليخدم نحو 149 مليون مستفيد في 118 دولة.

تمكين المواهب

وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على دعم المهارات والمواهب العربية، من خلال تنظيم أكبر تجمع للقيادات العربية الشابة في «القمة العالمية للحكومات»، بهدف إشراك الشباب العربي في صياغة المستقبل، والمساهمة في مشاريع استراتيجية للنهوض بالمنطقة.

كما تم تكريم التوأم بيسان وبيلسان كوكة من تونس، كفائزتين بتحدي القراءة العربي 2025، من بين أكثر من 32 مليون طالب وطالبة، في خطوة تعكس اهتمام سموه بالثقافة العربية، وتعزيز اللغة العربية، كوعاء للفكر والثقافة، ومكون أصيل للهوية.

وكرم سموه أيضاً الفائزين الستة بلقب «نوابغ العرب 2024»، وأطلق الدورة السادسة من مبادرة «صناع الأمل»، لتكريم العقول والمواهب العربية الجديدة، إضافة إلى حملة «الإمارات عاصمة رواد الأعمال في العالم»، التي تستهدف تدريب 10 آلاف مواطن ومواطنة على أساسيات ريادة الأعمال، بما يعزز من روح الابتكار والريادة لدى الشباب، ويضمن مساهمتهم الفاعلة في الاقتصاد المستقبلي.

اقتصاد تنافسي

تواصل دولة الإمارات ريادتها الاقتصادية عالمياً، من خلال تبنّي سياسات مبتكرة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث اعتمد مجلس الوزراء، برئاسة سموه، صندوقاً وطنياً برأسمال مبدئي 36.7 مليار درهم، بهدف رفع الاستثمارات الأجنبية من 115 مليار درهم سنوياً، إلى 240 مليار درهم بحلول 2031، وتعزيز موقع الدولة وجهة عالمية للاستثمار.

كما شهدت الدولة إطلاق البرنامج الوطني «الإمارات مركز عالمي للتجارة»، الذي يعزز من مكانة الإمارات مركزاً تجارياً عالمياً، ويسهم في توفير بيئة مواتية للابتكار ونمو الأعمال، من خلال التعاون بين الجهات الاتحادية والمحلية والغرف التجارية.

استراتيجيات وطنية

اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، العديد من الاستراتيجيات والسياسات الوطنية، التي تعزز ريادة الإمارات وتنافسيتها على المستوى العالمي، حيث تم وضع خطط متكاملة لتطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، بما يضمن تحقيق رؤية الإمارات 2031.

ومن أبرز هذه الاستراتيجيات، كانت الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031، التي تهدف إلى رفع معدلات تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من 112 مليار درهم في 2023، إلى 240 مليار درهم بحلول 2031، وزيادة مخزون الاستثمار الأجنبي في الدولة من 800 مليار درهم، إلى 2.2 تريليون درهم خلال السنوات الست المقبلة، بما يعزز مكانة الإمارات وجهة استثمارية رائدة عالمياً.

كما اعتمد سموه السياسة الوطنية لمكافحة المخاطر الصحية، لتوفير نظام صحي متكامل، يضمن الاستعداد للتحديات الصحية الطارئة، بالإضافة إلى إطلاق البرنامج الوطني للشهادات الخضراء في المباني، ومؤشر التحول التكنولوجي الصناعي لقياس مستوى النضج الرقمي في القطاع الصناعي، بما يسهم في تعزيز الاستدامة، وتبنّي الابتكار في جميع القطاعات الحيوية.

ومن السياسات المبتكرة الأخرى، الاستراتيجية الوطنية للمالية الإسلامية وصناعة الحلال، التي تهدف إلى تطوير الصناعة المالية الإسلامية، ورفع مستوى صادرات منتجات الحلال عالمياً، وزيادة أصول البنوك الإسلامية من 986 مليار درهم، إلى 2.56 تريليون درهم، خلال ست سنوات، بما يعكس الطموح الإماراتي في قيادة التمويل الإسلامي على المستوى العالمي.

كما شملت الاستراتيجيات، الأمن السيبراني وسياسات واجهات التطبيقات الرقمية، لتوفير بيئة رقمية آمنة ومرنة، تعزز مكتسبات الدولة الرقمية الوطنية، إلى جانب استراتيجية استقطاب واستبقاء المواهب 2031، والتي تهدف إلى دعم الكفاءات الوطنية، واستقطاب الخبرات العالمية، لتحقيق التنمية المستدامة.

وتم أيضاً اعتماد مجلس الإمارات للتكامل اللوجستي، لتنسيق الجهود الوطنية، وتحقيق التكامل بين الجهات المختلفة، ما يعزز مكانة الدولة حلقة وصل رئيسة للتجارة العالمية. وأيضاً اعتمدت الدولة السياسة الوطنية للتجمعات الاقتصادية، لدعم الصناعات والخدمات المتشابهة وطنياً، وتحقيق قيمة مضافة، تتجاوز 30 مليار درهم سنوياً، بما يسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني الكلي عالمياً.

حكومة استباقية

واصلت حكومة الإمارات في 2025، تعزيز منظومة رائدة في العمل الحكومي، ترتكز على تبسيط الإجراءات، وتحسين تجربة المتعامل، وتقديم خدمات عالية الجودة، تتسم بالكفاءة والفاعلية. حيث أطلقت المرحلة الثانية من مشروع «تصفير البيروقراطية»، بعد أن حققت المرحلة الأولى اختصار أكثر من 70 % من وقت الخدمات، وإلغاء أكثر من 4000 إجراء إداري. وتعمل المرحلة الثانية على تقليص الإجراءات غير الضرورية أكثر، وتسهيل الخدمات الرقمية عبر التطبيقات الذكية، وترسيخ التكامل الرقمي بين الجهات الحكومية، لضمان تجربة متعامل سلسة وفعالة.

وأطلق سموه أيضاً، الدورة الجديدة للتخطيط الاستراتيجي نحو تحقيق رؤية «نحن الإمارات 2031»، إضافة إلى منظومة الأداء الحكومي الاستباقي، التي تعتمد على استخدام أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، والتنبؤ بالأداء، وتنفيذ التحليلات العميقة، بما يعزز القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الوقت المناسب، وتحقيق نتائج قابلة للقياس والتنفيذ.

كما تم اعتماد أول منظومة تشريعية ذكية متكاملة، لتطوير التشريعات والقوانين، من خلال إنشاء مكتب الذكاء التشريعي، ضمن مجلس الوزراء، ما يتيح تحديث القوانين باستمرار، وفق أفضل الممارسات العالمية، وتحقيق استجابة سريعة لمتطلبات التطور الاقتصادي والاجتماعي.

استشراف المستقبل

وتجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في استشراف المستقبل، واصلت القمة العالمية للحكومات في دبي، أداءها كأكبر منصة عالمية لتبادل المعرفة والخبرات بين الحكومات ومجتمع الأعمال والمجتمع المدني، حيث قدمت أجندة غنية بأحدث الابتكارات والتقنيات في الحوكمة والخدمات الحكومية. وفتحت القمة آفاقاً جديدة أمام صانعي السياسات، لابتكار حلول مستقبلية للتحديات العالمية، وإلهام الجيل القادم من القادة لتطوير حكومات أكثر ذكاءً وفعالية.

موازنات طموحة

اعتمد سموه الميزانية السنوية للاتحاد لعام 2026، بإيرادات تقديرية تبلغ 92.4 مليار درهم، وبمصروفات متوازنة، وهي الأعلى منذ نشأة الاتحاد، ما يعكس التزام الحكومة بالتنمية المستدامة، وتلبية احتياجات المواطنين والمجتمع. وفي دبي، اعتمدت دورة الموازنة العامة للأعوام 2026 – 2028، بإجمالي نفقات 302.7 مليار درهم، وإجمالي إيرادات 329.2 مليار درهم، بما يضمن استمرارية تطوير قطاعات ريادة الأعمال والاستثمار، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز رفاهية المجتمع، وترسيخ مكانة الإمارة منصة عالمية للفرص والابتكار.

تشريعات

أصدر سموه العديد من التشريعات الاتحادية والمحلية، التي ترسم ملامح المستقبل، وتحسن جودة الحياة، مثل قانون تنظيم شعار إمارة دبي وحكومة دبي، وقوانين محاكم مركز دبي المالي العالمي، وتخصيص الأراضي الحكومية، وتسوية المنازعات الناشئة عن عقود بناء مساكن المواطنين. كما أصدر تعديلات على قانون أعمال الصلح، وقوانين تنظيم الأنشطة الهندسية، وإنشاء مركز دبي للخبرة القضائية، لتعزيز منظومة العدالة وجودة الخدمات القضائية.

كما شمل الجهد التشريعي، إصدار مراسيم لدعم الأسرة، مثل إجازة الزواج لموظفي حكومة دبي، والموافقة على نقل «جيتكس جلوبال» إلى «مدينة إكسبو دبي» في ديسمبر 2026، وتوجيهات بتحويل «جيتكس تك-كايشن 2026»، لأكبر حدث عالمي في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

الهوية والإرث

حرص سموه على تعزيز الهوية الوطنية والثقافة الإماراتية، وإطلاق كتابه الجديد «علمتني الحياة»، الذي يوثق فلسفته القيادية، ومسيرته في الحكم والسياسة الإنسانية، ليكون مرجعاً للأجيال الحالية والمقبلة. وشهد العام إطلاق «دارة آل مكتوم» لحفظ الإرث الحضاري والمادي والشفاهي لحكام دبي والأسرة الحاكمة، وإنشاء أرشيف خاص لتوثيق التاريخ الإماراتي.

كما تم اختيار سموه «الشخصية الأدبية الملهمة لشعراء طريق الحرير»، تقديراً لرؤيته الاستثنائية في جعل دبي مركزاً حضارياً يربط بين الشرق والغرب، مؤكداً أن عام 2025، كان «عام من الإنجاز وطموح بلا حدود»، حيث رسمت حكومة الإمارات، بقيادة سموه، خريطة واضحة نحو مستقبل أكثر تقدماً وازدهاراً، مع تركيز مستمر على الإنسان والابتكار والتنمية المستدامة.

شاركها.