شكّلت جهود صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ورؤيته الاستشرافية في عام 2025 محطات بارزة في مسيرة دولة الإمارات، إذ رسخت نموذجاً تنموياً متكاملاً للقيادة الحكيمة التي توازن بين التنمية الوطنية في بناء الإنسان والمسؤولية العالمية.
وجسدت رؤية سموه نهجاً يضع رفاه المواطن واستقرار الأسرة الإماراتية في مقدمة الأولويات، ويعزز مكانة الدولة قاعدة للسلام والتسامح ومركزاً عالمياً للتنمية المستدامة والابتكار. وتجلت قيادة سموه الاستثنائية في صياغة سياسات واستراتيجيات مستقبلية تسهم في المضي قدماً بمسيرة التنمية الشاملة للدولة. وواصل صاحب السمو رئيس الدولة، عبر حراك تنموي وإنساني ودبلوماسي مكثف، نهجاً دبلوماسياً يرتكز على الحوار وبناء الجسور، ما جعل الإمارات شريكاً فاعلاً في دعم الأمن الإقليمي والسلام العالمي.
كما عززت مبادرات سموه الإنسانية حضور الدولة كقوة خير تمتد أياديها إلى مناطق الأزمات وتدعم المجتمعات المحتاجة دون تمييز، مجسدة سياسة متوازنة تجمع بين خدمة الإنسان داخل الوطن وخارجه، وترسيخ قيم العطاء والاعتدال والانفتاح على العالم. هذه السياسة انعكست في سلسلة من المبادرات والمشاريع والإنجازات التي عززت مسيرة الدولة محلياً وإقليمياً ودولياً.
عام المجتمع
وركز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تعزيز تماسك المجتمع وتمكين الإنسان، فأطلق مبادرات نوعية تدعم الاستقرار الداخلي وترسخ قيم التعاون والتكافل، في مقدمتها إعلان 2025 «عام المجتمع» تحت شعار «يداً بيد»، وهو إعلان يعكس رؤية شاملة لبناء مجتمع متلاحم قادر على مواصلة مسيرة النهضة، وتعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع، ونمو العلاقات بين الأجيال، وترسيخ قيم التعاون والانتماء.
وحظيت هذه المبادرة بإشادة جامعة الدول العربية، كونها تعكس رؤية ثاقبة تدرك أهمية الاستثمار في الإنسان وتعزيز التماسك المجتمعي كركيزة أساسية لتحقيق التقدم والازدهار.
عام الأسرة
ووجّه سموه بتخصيص عام 2026 ليكون «عام الأسرة»، وذلك خلال حضوره جلسة حول «الأجندة الوطنية لنمو الأسرة 2031» ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات، تعزيزاً لأهداف الأجندة الوطنية لنمو الأسرة الإماراتية، وترسيخ وعي المجتمع بأهمية الحفاظ على الترابط الأسري والعلاقات الأسرية المتينة.
كما أعلن سموه موقع مزرعة الشيخ زايد التاريخية في منطقة الخوانيج في دبي موقعاً وطنياً ثالثاً بجانب «دار الاتحاد»، و«عرقوب السديرة»، تخليداً لما يمثله المكان من قيم وطنية وما شهده من لقاءات تاريخية مهمة في مراحل تأسيس دولة الإمارات.
كما أطلق سموه مبادرة «بركتنا»، التي تستهدف كبار المواطنين ضمن منظومة أبوظبي للرعاية المجتمعية الشاملة، بهدف الارتقاء بجودة حياتهم وضمان رفاهيتهم، إضافة إلى دعم قيم الترابط الأسري والتماسك المجتمعي. تزامناً مع هذه المبادرات، افتتح سموه متحف زايد الوطني في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، تزامناً مع احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الـ54.
مساعدات سكنية
تميز عام 2025 بإطلاق حزم سكنية ضخمة وتسهيلات غير مسبوقة للمواطنين في إمارة أبوظبي، تنفيذاً لتوجيهات سموه، حيث تم صرف حزمة منافع سكنية للمواطنين في مارس الماضي بقيمة إجمالية بلغت 6.75 مليارات درهم، استفاد منها 4356 مواطناً ومواطنة، شملت قروضاً سكنية ومنح أراضٍ ومساكن جاهزة وإعفاءات لكبار المواطنين والمتقاعدين.
كما تم اعتماد 14 مشروعاً سكنياً متكاملاً لتوفير 35 ألف منفعة سكنية جديدة بقيمة 82.7 مليار درهم خلال خمس سنوات، إضافة إلى تطوير نحو 9 آلاف قطعة أرض سكنية، مع تقديم تسهيلات إضافية في سداد القروض السكنية. وفي يونيو الماضي، تم صرف الحزمة السكنية الثانية للمواطنين بقيمة 4.62 مليارات درهم، استفاد منها 3052 مواطناً، تزامناً مع عيد الأضحى المبارك.
وفي سبتمبر أعلن سموه عن اتفاقيات لتطوير 13 مجتمعاً سكنياً جديداً لتوفير أكثر من 40 ألف مسكن وقطعة أرض سكنية للمواطنين، بتكلفة إجمالية تصل إلى 106 مليارات درهم، كما تم صرف الحزمة السكنية الثالثة بقيمة 4 مليارات درهم، استفاد منها 3310 مواطنين ومواطنات.
الإعفاء من الديون
وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين ودعم استقرارهم الأسري، بما يضمن لهم حياة كريمة. وتنفيذاً لتوجيهات سموه، تم الإفراج عن 1295 نزيلاً من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية ممن صدرت بحقهم أحكام، وتكفل سموه بتسديد الالتزامات المالية المترتبة عليهم بمناسبة شهر رمضان.
كما أعلن صندوق معالجة الديون المتعثرة إعفاء 222 مستفيداً من فئتي المتقاعدين والضمان الاجتماعي من مديونياتهم بقيمة أكثر من 139.879 مليون درهم، وفي نوفمبر تم الإفراج عن 2937 نزيلاً، وتكفل سموه بتسديد الغرامات المالية المترتبة عليهم. كما أعلن الصندوق إعفاء 1435 مواطناً من مديونياتهم بقيمة إجمالية 475 مليوناً و154 ألف درهم، بالتعاون مع 19 بنكاً ومصرفاً ومؤسسة في الدولة.
قوانين وتشريعات
حرص صاحب السمو رئيس الدولة على تطوير القطاعات الحيوية وتعزيز الإطار التشريعي، فأصدر في مارس قانون إعادة تنظيم الإدارة العامة للجمارك في أبوظبي لتعزيز انسيابية حركة التجارة وضمان الامتثال للقوانين الجمركية وحماية المجتمع من الممارسات غير المشروعة.
كما أصدر مرسوماً اتحادياً بمنح معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي «درجة وزير»، ومرسوماً اتحادياً بترفيع سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى رتبة فريق أول، ومرسوماً اتحادياً بإنشاء «الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات»، وتعيين الشيخ زايد بن حمد بن حمدان آل نهيان رئيساً له.
كما أصدر مرسوماً بقانون اتحادي رقم 6 لسنة 2025 بشأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية وأعمال التأمين، ومرسوماً اتحادياً بإنشاء الهيئة الاتحادية للإسعاف والدفاع المدني.
التعليم والصحة
وحرص سموه على الاستثمار في الإنسان وتمكين الجيل القادم من القادة الشباب، فتم إطلاق «مؤسسة زايد للتعليم» لدعم 100 ألف موهبة شابة عالمياً بحلول 2035. كما تم افتتاح مستشفى الشيخ خليفة في الفجيرة بتكلفة 843 مليون درهم، والأكاديمية الإسلامية في توكموك بجمهورية قيرغيزستان لتعزيز التعليم الجامعي وما بعد الجامعي، ونشر القيم الإسلامية النبيلة.
الاستدامة والمستقبل
شهدت الإمارات إطلاق مشاريع ضخمة للطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، منها مشروع الطاقة الشمسية بقدرة 5.2 جيجاواط، وأنظمة تخزين طاقة بقدرة 19 جيجاواط/ساعة، ومجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأمريكي بسعة 5 جيجاوات، وإطلاق مشروع «ستارجيت الإمارات»، بالإضافة إلى إنشاء معهد النماذج التأسيسية في وادي السيليكون.
كما تم الإعلان عن نموذج الذكاء الاصطناعي «كي 2 ثينك» كأكثر نماذج الاستدلال مفتوحة المصدر تطوراً عالمياً، وتوقيع اتفاقيات مع دول مثل الصين والبنك الدولي لتعزيز الأمن المائي وتسريع تطوير الابتكار التكنولوجي، وزيادة مساحة المحميات الطبيعية في أبوظبي لتصل إلى 20 % من إجمالي مساحة الإمارة.
النهج الإنساني
تميزت مسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الإنسانية بإغاثة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة خلال أوقات الأزمات والكوارث، ودعم المشروعات والبرامج الخيرية والإنسانية في مختلف أنحاء العالم.
ويعد سموه من أبرز الشخصيات العالمية الملهمة في مجال العمل الإنساني، إذ امتدت أيادي العطاء الإماراتية تحت قيادته إلى مساعدة المحتاجين في شتى بقاع العالم. وقد أكدت دولة الإمارات بقيادة سموه مكانتها قلباً إنسانياً نابضاً للعالم، حيث صنفت ثالث أكبر مانح للمساعدات الإنسانية عالمياً في عام 2025، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وتجلت هذه السياسة في تقديم مساعدات طالت الكثير من الدول، ففي يناير الماضي، وبموجب توجيهات سموه، وصلت الباخرة الثانية للمساعدات الإماراتية محملة بـ3000 طن ضمن حملة «الإمارات معك يا لبنان»، وأُعيد فتح السفارة الإماراتية في بيروت. كما وقعت الإمارات اتفاقية لبناء مستشفى إماراتي متكامل متخصص في طب العيون بمدينة «عنتيبي» في أوغندا بقيمة 20 مليون دولار، ضمن برنامج مستشفيات الإمارات العالمية.
كما قدمت الإمارات مساعدات شاملة لجمهورية تشاد الصديقة، شملت 1000 طن من المساعدات الغذائية، و30 ألف سلة غذائية، وأكثر من 20 ألف غطاء لدعم المتضررين من الفيضانات.
كما تم تخصيص 220 مليون درهم لتطوير المدارس ودعم الطلاب المكفوفين وذوي الإعاقة البصرية في جميع مناطق إثيوبيا، بالإضافة إلى افتتاح مستشفى مادهول الميداني في ولاية شمال بحر الغزال بجنوب السودان. وفي القدس الشرقية، خصصت الإمارات منحة مالية بقيمة 64.5 مليون دولار لمستشفى المقاصد لدعم العمليات التشغيلية والكادر الطبي وتحديث المرافق.
كما وقعت وكالة الإمارات للمساعدات الدولية وحكومة تشاد اتفاقية بناء مستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك، ومركز غسيل الكلى في أنجمينا، وتم تخصيص مليار دولار لدعم قطاع الطاقة في اليمن لضمان حياة كريمة للشعب اليمني الشقيق. واستجابة لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، أعلنت الإمارات عن دعم بقيمة 550 مليون دولار لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية للأمم المتحدة لعام 2026.
جهود الإغاثة
تميزت استجابة الإمارات، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للكوارث بالسرعة والكفاءة، مجسدة التزام الدولة بتخفيف المعاناة الإنسانية من خلال تدخلات عاجلة وفعّالة. وتنفيذاً لتوجيهات سموه، تم إرسال فرق بحث وإنقاذ ومساعدات عاجلة عقب الزلزال الذي ضرب ميانمار، بالإضافة إلى إرسال فرق ومعدات إطفاء لإخماد حرائق الغابات في ألبانيا، وإطلاق جسور جوية لتقديم مساعدات غذائية وطبية وإيوائية للمتضررين من الزلازل المتتالية في أفغانستان.
كما شملت الاستجابة الإماراتية فرق بحث وإنقاذ وإغاثة للمتضررين من الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا، وأسهمت الإمارات في إخماد حرائق الغابات في جمهورية مونتينيغرو، بما يعكس نهج الإمارات المستمر في تقديم الدعم السريع والفعّال لمختلف الدول.
«الفارس الشهم 3»
شكلت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة محوراً أساسياً للجهود الإنسانية الإماراتية خلال عام 2025، بتنفيذ توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان المباشرة، ففي يناير الماضي، انطلقت المرحلة الأكبر من عملية «الفارس الشهم 3»، مستهدفة أكبر تجمع للنازحين حول جامعة الأقصى في خان يونس، حيث استفاد نحو 9500 نازح.
كما تم توزيع الكسوة الشتوية على 12500 شخص في مخيمات الإيواء، وسيرت العملية قافلة إغاثية مكونة من 20 شاحنة محملة بأكثر من 200 طن من المساعدات الإنسانية الضرورية، بما يشمل المواد الغذائية والكسوة والاحتياجات الأساسية نتيجة الظروف الإنسانية الصعبة.
كما أطلقت العملية مشاريع متكاملة، منها مشروع «الخبز المدعم» لدعم تشغيل 14 مخبزاً في خان يونس والوسطى، وتنفيذ مشاريع الصيانة الطارئة لشبكات الصرف الصحي، تجسيداً لنهج الإمارات الراسخ في تقديم الرعاية الطبية والخدمات الأساسية للمصابين والمتضررين، لا سيما في المناطق الأكثر احتياجاً في قطاع غزة.
الإخلاء الطبي والعلاجي
ونفذت الإمارات رحلات إخلاء طبي عاجل بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لنقل المرضى والجرحى من غزة لتلقي العلاج في مستشفيات الدولة، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث تم تقديم الرعاية الطبية لألف طفل فلسطيني من الجرحى، وألف من المصابين بأمراض السرطان، ليصل العدد الإجمالي في سبتمبر الماضي إلى 2904 مرضى ومرافقين، مستفيدين من الرعاية العلاجية منذ بداية الأزمة.
التضامن العربي
زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دولة قطر، حيث بحث سموه مع أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين وسبل تعزيزها، إضافة إلى بحث الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي القطرية. كما وجه سموه بالاحتفاء بالعلاقات الإماراتية الكويتية لمدة أسبوع ابتداء من 29 يناير 2026، تعزيزاً لروابط الأخوة العربية.
تحالفات دولية
قاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مسيرة تعزيز الشراكات الاقتصادية مع دول العالم في عام 2025، ما عزز موقع الإمارات بوابة اقتصادية عالمية. تنوعت هذه الشراكات لتشمل اتفاقيات مع ماليزيا وكينيا وأوكرانيا وأوزبكستان وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو وكوريا الجنوبية وأذربيجان وأنغولا والإكوادور. كما أطلق سموه وثيقة عمل استثماري مع حكومة كندا بقيمة 50 مليار دولار.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، عززت زيارات سموه العلاقات الدولية، مثل زيارته لفرنسا وإيطاليا لتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والطاقة والذكاء الاصطناعي، وزيارته للولايات المتحدة لبحث الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية، وزياراته لتركيا والمجر وروسيا وكوريا الجنوبية لتعميق الشراكات الاستراتيجية الثنائية، وتبادل مذكرات تفاهم واتفاقيات في مجالات متعددة، تشمل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والزراعة والغذاء والدفاع والتعدين.
عطاء متواصل
شكل عام 2025، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نموذجاً حياً للرؤية الإنسانية والتنموية للدولة، إذ وضعت القيادة الإنسان في قلب أولوياتها، ووفرت الدعم والتضامن للمحتاجين في أي بقعة من العالم تواجه أزمة أو كارثة. لقد أثبتت رؤية سموه الإنسانية أن المساعدات ليست مجرد جهود عابرة، بل التزام عميق في ثقافة الدولة ونهج قيادتها، لترسم ملامح مرحلة جديدة من مسيرة الإمارات، تؤكد أن الدولة، بقيمها وإنسانيتها وطموحاتها، ستظل منارة للخير والعطاء ومركزاً عالمياً للإبداع والتنمية المستدامة.
