منذ اختفائه قبل أسبوعين كاملين لا يزال الغموض يكتنف مصير الشاب السوداني عُدي مصباح عبداللطيف علي إبراهيم(29) عاما، و منذ ذلك الحين لم يقيّض لعُدي أن يرى أفراد أسرته الموجوعة لغيابه مرة أخرى، بينما بقي الحزن يلف ذويه الذين لا يعرفون إن كان حيا أو ميتا، أما الأم المكلومة لغيابه القسري، فلا تزال تنتظر عودته في أي لحظة.
وفي التفاصيل روى إبن عمه حلمي إبراهيم لـ”العربية.نت” أن عُدي مصباح، خرج من منزل ذويه بحي جبرة جنوبي الخرطوم مربع 17 قرب مخازن شركة تباشير الطبية عند الساعة الواحدة ظهر يوم الثلاثاء 18 أبريل الماضي، الذي يوافق 27 رمضان، قاصدا حيث يعمل في “بوتيك للملابس الجاهزة” بنفس الحي.
حوالي الساعة الثالثة تقريبًا، طلبته أمه عبر هاتفه النقال إلا أنها فوجئت بهاتفه مغلقاً، وعلى الفور هاتفت صاحب العمل الذي أكد لها أن ابنها غادر المكان قبل قليل مستغلا دراجة نارية مع أحد أصدقائه.
لاجئات سودانيات في تشاد
الخوف بدأ ينهش قلب الأم على فلذة كبدها في تلك الأجواء المُرعبة، لكنها بما تبقى من صبر بادرت بالاتصال بصديق عُدي الذي خرج برفقته.
وبدوره أكد لها أن عُدي طلب منه أن يقله لتقاطع مسجد بلال “أحد المساجد الشهيرة في حي جبرة” حيث يود لقاء أحد أصدقائه هناك، وبالفعل نفذ له رغبته وحمله إلى حيث يريد قبل أن يفارقه ويذهب لحال سبيله. بعد أن سمعت الأم المكلومة تلك التفاصيل اهتزّت الأرض تحت أقدامها.
ويقول حلمي إبراهيم لـ”العربية.نت” إن أسرة عُدي لم “تدع حجرا إلا قلبته”، خصوصا بمحيط عمل الشاب المختفي وكثفوا جهود البحث حول مسجد بلال حيث اختفى للمرة الأخيرة، كما طرقت الأسرة الموجوعة كل الأماكن التي درج عُدي على ارتيادها، لكن دون جدوى.
ثم لجأت الأسرة إلى نشر صورة وتفاصيل اختفاء عُدي بمواقع التواصل بالسودان، ووظفت كل الجهود عبر شبكة المعارف والأهل والأصدقاء لمعرفة مصير عُدي، إلا أنها لم تسفر عن شيء يذكر.
أخيراً قيدت الأسرة بلاغ فقدان بقسم شرطة جبرة لكن “لم تفدنا الشرطة بأي معلومات، وذلك لتعطل عمل الشرطة بنسبة كبيرة” كما يؤكد حلمي إبراهيم.
نازحون من الخرطوم – السودان – رويترز
98 مفقودا بحرب 15 أبريل بالسودان!
مديرو صفحة “مفقودي حرب 15 أبريل بالسودان” بفيسبوك- أنشأت لتنسيق جهود البحث الطوعية عن المفقودين- قالوا لـ”العربية.نت”. إن بيانات المفقودين التي وصلت إليهم تتجاوز 98 مفقودا، إلا أن تلك الأرقام لا تعكس الواقع على الأرض، إذ لا يزال التبليغ عن المفقودين “ضعيفا للغاية” لعدة عوامل بينها انعدام الطرق الآمنة وتذبذب الكهرباء وخدمة الإنترنت. وأكدوا عودة 14 مفقودا إلى ذويهم، فيما تأكدت وفاة ثلاثة أشخاص.
أما المحامي عثمان البصري، مستشار أسر مفقودي فض الاعتصام، عضو لجنة التحقيق لاختفاء الأشخاص التي كونها النائب العام بالسودان قبل أربعة أعوام فذكر لـ”العربية.نت” أنهم تحركوا سريعا للمساهمة في جهود البحث عن المفقودين، بعد نشوب الصراع العسكري بين الجيش والدعم السريع.
وقال البصري إن اللجنة تلقت العشرات من نشرات المفقودين، وإن الغالبية العُظمى من حالات الفقدان التي وصلتهم وقعت بالأيام الثلاثة الأولى لبدء الاقتتال وإن المفقودين توزعوا جغرافيا في المدن الثلاثة” الخرطوم، الخرطوم بحري، أمدرمان” وكشف البصري أن الأطباء كانوا أكثر الفئات في القوائم الأولية للمفقودين التي تعدت المائة مفقود.
وذكر البصري أن غياب الشرطة والنيابة وانتشار الجثث المجهولة جغرافيا بالعاصمة المترامية، صعب من جهود البحث عن المفقودين، والأسوأ أن تلك الجثث بدأ بعضها في التحلل، كما دفن البعض الآخر دون أن يتم الاستدلال أو التعرف على الشخص المتوفى.
وأضاف البصري أنهم بصدد جمع المعلومات وحصر الأعداد بشكل دقيق لإصدار قائمة نهائية لمفقودي حرب أبريل بالسودان، تمهيدا لمخاطبة اللجنة الخاصّة بالاختفاء القسري التابعة لمجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة. إذ تنص الاتفاقية الدولية لحماية كل الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي وقع وصادق عليها السودان في فبراير 2021 بأنه “لا توجد أية ظروف استثنائية على الإطلاق لتبرير الاختفاء القسري، حتى وإن كان هناك حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أي حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى”. كما أن الكشف عن مصير المفقودين يعتبر حقا طبيعيا تكفله الإنسانية والمواطنة والأخلاق.
وطالب البصري الضغط بشدة على الجيش والدعم السريع وبقية الأجهزة الأمنية والعسكرية للكشف عن أي حالات اعتقال أو احتجاز داخل مقراتها لأنه تعد جريمة “إخفاء قسري” مؤكدا رصد عمليات اعتقال عشوائية لأبرياء للاشتباه بموالاتهم لأحد الطرفين المتصارعين.