حققت إمارة دبي قفزة نوعية متقدمة في تطوير منظومة التعليم، لترسخ مكانتها بوصفها إحدى أبرز المدن العالمية في استشراف مستقبل التعليم وصناعته. وتعد استراتيجية التعليم في دبي 2033، التي اعتمدها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، في أكتوبر من عام 2024، الإطار المرجعي الرئيس للنهوض بواقع التعليم في الإمارة، وتعزيز تنافسيته إقليمياً وعالمياً.

وتهدف الاستراتيجية إلى إحداث تحول شامل، ونقلة نوعية في القطاع التعليمي، من خلال تقديم تعليم نموذجي عالي الجودة، محوره «الطالب»، يواكب المتغيرات المتسارعة، ويركز على تنمية المهارات الحياتية والمستقبلية، وبناء الشخصية المتوازنة، القادرة على الإسهام في اقتصاد المعرفة والمجتمع المستدام. ومنذ لحظة إطلاقها، حرصت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، على ترجمة هذه الرؤية الطموحة إلى واقع ملموس، عبر تنفيذ حزمة متكاملة من السياسات والمبادرات والبرامج والأدلة الإرشادية، شملت حتى اليوم 12 مبادرة تغيير محورية، و15 سياسة تنظيمية، و5 أدلة إرشادية متخصصة.

وضمن هذه الحزمة، أطلقت الهيئة مجموعة من السياسات والبرامج الهادفة إلى تمكين الكوادر التعليمية، ودعم الطلبة، وإشراك أولياء الأمور، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، محفزة، ومستدامة. ومن أبرز هذه السياسات: الإرشادات الموحدة لتعيين الكوادر التعليمية في المدارس الخاصة بدبي، التي تسهم في رفع جودة المعلمين وضمان الشفافية والكفاءة، إلى جانب السياسة الإلزامية لتعليم اللغة العربية في مرحلة الطفولة المبكرة، وسياسة تحسين نتائج اللغة العربية والتربية الإسلامية، فضلاً عن إطار جودة الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة.

كما اعتمد المجلس التنفيذي لإمارة دبي، مؤخراً، سياسة زيادة وتشجيع المدارس الجيدة ذات الرسوم المقبولة، التي تمثل إحدى الركائز الرئيسة لتحقيق التوازن بين جودة التعليم وتكلفته. وتهدف السياسة إلى إتاحة فرص تعليم ميسور التكلفة، ضمن أطر تنظيمية مرنة، تراعي مصالح أولياء الأمور والمستثمرين، على حد سواء، وتسهم في رفع مستويات الرضا والاستدامة. وتسعى هذه السياسة إلى استقطاب أكثر من 100 مدرسة خاصة جديدة بحلول عام 2033، من بينها 60 مدرسة برسوم مقبولة، مع تقديم حوافز تشجيعية، تشمل تخفيض الرسوم الحكومية للمدارس الخاصة الجديدة التي تندرج ضمن هذه الفئة.

«تميز أينما كنت»

تهدف المبادرة إلى دعم المدارس الخاصة التي تضم أعداداً كبيرة من الطلبة الإماراتيين، والعمل على تحسين جودة المخرجات التعليمية المقدمة لهم، بما يضمن فرصاً متكافئة للتميز الأكاديمي. واستفاد من المبادرة نحو 13 ألف طالب وطالبة خلال العام الدراسي الحالي، عبر برامج تطويرية ومتابعة مستمرة للأداء المدرسي.

«قادة الغد»

تركز المبادرة على تمكين جميع المتعلمين من خوض رحلة تعليمية عالية الجودة، وتعزيز مهارات القيادة والمشاركة المجتمعية لديهم. وشهدت المبادرة تشكيل أول مجلس لطلبة دبي، بعضوية 16 طالباً وطالبة، يمثلون مختلف المدارس، ليكونوا صوت زملائهم، ويسهموا في تطوير السياسات التعليمية.

«شركاء المسار»

تستهدف المبادرة تمكين أولياء الأمور الإماراتيين من توجيه رحلة تعليم أبنائهم، واتخاذ قرارات تعليمية مدروسة. وفي هذا الإطار، أطلقت الهيئة خدمة «قرناس»، المستشار التعليمي الذكي لأولياء الأمور في دبي، إلى جانب توفير جلسات استشارية فردية مع خبراء الهيئة. كما نظمت فعاليات متخصصة، من بينها سلسلة «إكسبو التعليم 2025»، التي جمعت أكثر من 60 مدرسة ومركزاً للطفولة المبكرة.

«حوارات التعليم»

تسعى المبادرة إلى تعزيز مشاركة مجتمع التعليم في دبي في تصميم وتنفيذ مبادرات استراتيجية التعليم 2033، من خلال حوارات مفتوحة، تناقش موضوعات محورية، مثل مسارات التعليم المستقبلية، وجودة الحياة المدرسية، والثقافة المالية، والاستدامة في البيئة التعليمية والمناهج.

«قم للمعلم»

تعكس المبادرة التقدير الكبير الذي توليه دبي للمعلم، ودوره المحوري في بناء الأجيال. وأسهمت في تعزيز مكانة الإمارة وجهة مفضلة للمعلمين الأكفاء، حيث مُنحت الإقامة الذهبية لأكثر من 200 معلم وتربوي متميز في منظومة التعليم الخاص، وذلك بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. كما أُطلق برنامج «قيادات تعليمية» في العام الدراسي 2025 – 2026، بمشاركة 15 معلماً إماراتياً، و5 تربويين إماراتيين من ذوي الخبرة، إضافة إلى توحيد ممارسات تعيين الكوادر التعليمية، عبر إطلاق أدلة فنية متخصصة، لضمان الجودة والحوكمة.

«لغة الضاد»

تأتي المبادرة في إطار التزام الهيئة بتعزيز الهوية الإماراتية، وترسيخ الثقافة الوطنية في منظومة التعليم الخاص، من خلال سياسات إلزامية لتعليم اللغة العربية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين نتائجها في مختلف المراحل، وزيادة نسبة المعلمين المواطنين، وضمان تدريس المواد الوطنية لجميع الطلبة.

«حضانة الفريج»

يعد المشروع ثمرة تعاون مشترك بين هيئة المعرفة والتنمية البشرية ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، ويهدف إلى زيادة التحاق الأطفال الإماراتيين بمراكز الطفولة المبكرة. وشهد عام 2025 افتتاح الفرع الثاني للمشروع، في مركز المزهر الثقافي الإسلامي.

«بلا حدود»

تهدف المبادرة إلى ضمان التقدم العادل للطلبة أصحاب الهمم عبر التعليم الدامج، من خلال إصدار سياسات وإرشادات داعمة للمدارس والأسر، والتعاون مع بلدية دبي لتأهيل البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، وفق معايير سهولة الوصول، بما يتوافق مع كود دبي للبناء.

«تدرب في دبي»

تركز المبادرة على ترسيخ ثقافة التعلم مدى الحياة، وتمكين الطلبة من اكتساب المهارات العملية والمهنية. وشارك أكثر من 800 طالب في مبادرات صيفية وفرص تدريب عملي، بالتعاون مع مؤسسات محلية وعالمية، إضافة إلى إطلاق «معسكرات الحياة» الشتوية، وبرامج تطبيقية متنوعة. كما تم اعتماد سياسة الإرشاد الأكاديمي والمهني، وإطار دبي للجاهزية المهنية.

«الدراسة في دبي»

تهدف المبادرة إلى تعزيز مكانة الإمارة وجهة عالمية للتعليم العالي، من خلال تنظيم جولات خارجية، شملت الهند والصين، ودول آسيا الوسطى، بالتعاون مع دائرة الاقتصاد والسياحة، لاستقطاب أفضل الجامعات العالمية. ويسعى المشروع إلى رفع مساهمة قطاع التعليم العالي في الناتج المحلي إلى 5.1 مليارات درهم بحلول عام 2033، ومضاعفة أعداد الطلبة ليشكل الطلبة الدوليون 50 % من إجمالي الطلبة، بالتوازي مع تأسيس جامعة دبي الوطنية، باستثمار يبلغ 4.5 مليارات درهم، لتكون ضمن أفضل 200 جامعة عالمياً.

برنامج حمدان بن محمد للابتعاث الأكاديمي

يوفر البرنامج منحاً دراسية شاملة للطلبة الإماراتيين المتميزين، للدراسة في أرقى الجامعات العالمية، بما يسهم في إعداد كوادر وطنية مؤهلة، إلى جانب استمرار منظومة تكريم ورعاية الطلبة الأوائل.

برنامج دبي للطلبة المتميزين

يقدم البرنامج دعماً مباشراً للطلبة الإماراتيين المتفوقين، عبر منحة تغطي 50 % من الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة الحاصلة على تقييم «جيد» فما فوق، على أن يتحمل ولي الأمر النسبة المتبقية.

مؤشرات نمو

تواصل منظومة التعليم الخاص في دبي، مسيرة نموها المعتمدة عالمياً، مدعومة بمؤشرات إيجابية، تعكس ثقة مقدمي الخدمات التعليمية والأسر. ففي قطاع الطفولة المبكرة، سجلت أعداد الأطفال الملتحقين نمواً بنسبة 8 % بين يونيو 2024 ويونيو 2025، مع افتتاح 38 مركزاً جديداً خلال تلك الفترة، إضافة إلى أكثر من 16 مركزاً جديداً في العام الدراسي 2025 – 2026.

كما يحقق قطاع التعليم العالي نمواً لافتاً، حيث تصنف دبي ضمن أفضل ثلاث مدن عالمياً في التعليم العالي العابر للحدود. وارتفع معدل التحاق الطلبة بنسبة 20 % في العام الأكاديمي 2024 – 2025، وتضم الإمارة 41 مؤسسة تعليم عالٍ، منها 37 فرعاً لجامعات دولية، تستقطب أكثر من 42 ألف طالب، يدرسون في 706 برامج أكاديمية.

شراكات ومكانة عالمية

شهد عام 2025 توقيع وتفعيل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين هيئة المعرفة والتنمية البشرية، وجهات حكومية وخاصة، من أبرزها اتفاقيات تعاون مع دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، ومدينة دبي الأكاديمية العالمية، ومجمع دبي للمعرفة، ووزارة التعليم العالي، وهيئة دبي الرقمية، بما يدعم تطوير المنظومة التعليمية، وتنفيذ برنامج التوازن الرقمي.

وعلى الصعيد الدولي، واصلت دبي ترسيخ مكانتها بين أفضل المراكز التعليمية عالمياً، حيث جاءت المدارس الخاصة ضمن أفضل خمس دول عالمياً في العلوم، وأفضل عشر دول في الرياضيات، وفق دراسة TIMSS، واحتلت المرتبة الثانية عالمياً في المعرفة المالية، والسادسة في التفكير الإبداعي، بحسب نتائج PISA 2022، إضافة إلى المرتبة السادسة عالمياً في مهارات القراءة، وفق دراسة PIRLS 2021.

شاركها.
Exit mobile version