جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تعتبر القاعدة العسكرية منشأةً عسكريةً تعود إلى العسكريين أو إلى أحد أفرع القوات المسلحة، وتخضع بشكل مباشر وتُدار بواسطة الجيش التابع للدولة صاحبة القاعدة العسكرية كمأوى للقوات المسلحة، ولتخزين المعدات العسكرية والعمليات، وأيضًا للأغراض التدريبية لتلك الدولة.
وقد تتباين القواعد العسكرية من حيث ديمومتها، فهناك قواعد عسكرية غير دائمة وأخرى شبه دائمة. ويتوقف الأمر على بقاء قوات الدولة صاحبة القاعدة العسكرية على أراضي الدولة المضيفة. وعادةً ما تكون القاعدة العسكرية ممنوعةً على الجمهور حتى وإن كان جمهور الدولة المضيفة، ولا يُسمح إلا للأفراد الذين لديهم تصريح بدخولها. ولا تُنشأ القاعدة العسكرية إلا باتفاق أو معاهدة بين الدولة صاحبة القاعدة العسكرية والدولة المضيفة لأسباب متعددة سواء كانت لوجستية أو استراتيجية.

أما بالنسبة للبعد الجغرافي، فعادةً ما تكون القاعدة العسكرية لدولة ما خارج أراضيها مثل القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة حول العالم. لذلك كثيرًا ما يعتبر وجود القواعد العسكرية لدولة ما خارج حدود أراضيها وفي دولة أخرى موضع جدل سياسي وقانوني.

وتثير فكرة القواعد العسكرية المنتشرة في جميع أنحاء العالم معارضةَ القوميين ومناهضي تواجد قوات مسلحة أجنبية على أراضي دولة أخرى، مثلما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انتشرت القواعد العسكرية الأمريكية فيها مما نتج عنه اندلاع العديد من المظاهرات ضد تواجد القوات الأمريكية على الأراضي الألمانية.

وبالنسبة لمنطقتنا العربية، فتوجد العديد من القواعد العسكرية الأمريكية، خاصةً عقب الغزو الأمريكي للعراق، وكان أشهرها قاعدة أبو غريب المتقدمة في مدينة أبو غريب وكانت تحتجز سبعة آلاف سجين خلال ذروة عملها في ٢٠٠٤. بالإضافة إلى القواعد العسكرية في معظم دول الخليج العربي، حيث توجد ٧ قواعد عسكرية أمريكية في الكويت بموجب تحالف وقعته الكويت مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب البحرين. كما تنتشر القواعد العسكرية الفرنسية في جيبوتي وإريتريا في منطقة القرن الأفريقي.

وقد أثار الهجوم العسكري الإسرائيلي على دولة قطر، ومن قبله الهجوم العسكري الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، تساؤلات حول دور القواعد العسكرية الأجنبية في حماية الدولة المضيفة من جهة، وانعكاس وجود القواعد العسكرية الأجنبية على سيادة الدول التي تستضيفها. ففي حين أن وجود القاعدة العسكرية الأجنبية قد يكون مبنيًا على اتفاقيات ثنائية أو تحالفات، إلا أنها غالبًا ما تحمل في طياتها تحديات كبيرة للسيادة الوطنية. حيث تؤثر القواعد العسكرية الأجنبية على سيادة الدولة المضيفة بطرق مختلفة كالولاية القضائية؛ فعادةً ما تنص اتفاقيات وجود القوات على أن المحاكم التابعة للدولة الأجنبية هي التي يكون لها الاختصاص القضائي على الأفراد العسكريين الأجانب في حال ارتكابهم جرائم أثناء أداء واجبهم العسكري، مما يحد من سلطة الدولة المضيفة في تطبيق قوانينها. بالإضافة إلى خطر التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة، حيث تتحول القواعد العسكرية الأجنبية إلى أدوات للتدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية للدولة المضيفة، بما في ذلك فرض أجندات سياسية أو اقتصادية معينة، مما يضعف استقلالية القرار الوطني. هذا فضلاً عن التهديدات الأمنية التي تتسبب فيها وجود القواعد العسكرية الأجنبية، حيث يصبح وجود القواعد العسكرية الأجنبية مصدرًا للتهديدات الأمنية للدولة المضيفة نفسها؛ فتصبح هدفًا للأعمال العدائية التي تستهدف الدولة الأجنبية المالكة للقاعدة. كما قد لا يُعد وجود القواعد العسكرية الأجنبية ضمانة لحماية الدولة المضيفة لها حال تعرضها لهجوم خارجي.

ورغم ما سبق، هناك وجهة نظر أخرى ترى أن القواعد العسكرية الأجنبية يمكن أن تقدم فوائد للدولة المضيفة، مثل تعزيز الأمن والدفاع ضد التهديدات الخارجية، وتوفير فوائد اقتصادية عبر خلق فرص عمل وتحفيز الاقتصاد المحلي. لكن هذه الفوائد غالبًا ما تأتي بتكلفة سيادية!

شاركها.