12:59 م


الأربعاء 03 سبتمبر 2025

كتب- نشأت علي:

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بسؤال موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الصحة والسكان، بشأن بيان وزارة الصحة والسكان الأخير في ما يتعلق بآليات تنفيذ قرار مجانية العلاج بأقسام الطوارئ بجميع المستشفيات بمختلف أنحاء الجمهورية.

واستهلت مها عبد الناصر سؤالها مؤكدةً أن الدستور المصري نص في مادته الثامنة عشرة بوضوح على أن لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة، وفقًا لمعايير الجودة، وأن الدولة ملزمة بالحفاظ على مرافق الخدمات الصحية ودعمها وتطويرها، بجانب تجريم الامتناع عن تقديم العلاج لكل مواطن؛ خصوصًا في حالة الطوارئ، وبالطبع فإن هذا النص الدستوري يرسِّخ أن المواطن المصري لا يطلب منحةً، بل يمارس حقًّا أصيلًا لا يقبل التفاوض ولا التسويف.

وأشارت البرلمانية إلى أنه في عام 2014 صدر قرار مجلس الوزراء رقم 1063 الذي ألزم جميع المستشفيات -الحكومية والخاصة- بتقديم العلاج المجاني في حالات الطوارئ خلال 48 ساعة من دخول المريض، على أن تتحمل الدولة تكلفة هذا العلاج عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، وقد أكد وزير الصحة مرارًا في تصريحات رسمية أن “حق المواطن في العلاج الفوري مقدس”، وأن أي مستشفى يرفض استقبال مريض طارئ أو يشترط دفع مبالغ مالية سيتعرض للإغلاق الفوري والإحالة للتحقيق.

وأكدت عبد الناصر أنه رغم وضوح النصوص وتكرار التصريحات، فإن الواقع اليومي للمصريين يكشف عن مأساة مختلفة؛ فالمستشفيات الخاصة -التي تمثل جزءًا رئيسيًّا من المنظومة الصحية- كثيرًا ما تتذرع بعدم وجود آلية واضحة أو سريعة لتعويضها عن تكاليف العلاج، فترفض استقبال المرضى إلا بعد سداد مقدم مالي أو توقيع شيكات ضمان، والنتيجة المباشرة لذلك هي ضياع الوقت الثمين، الذي يساوي حياة إنسان.

واستكملت البرلمانية: لنا في واقعة وفاة الإعلامية عبير الأباصيري خير مثال، فقد جاءت تلك الحادثة المؤسفة لتجسِّد هذه الأزمة بكل أبعادها، مريضة في حالة خطيرة تحتاج إلى تدخل عاجل وطارئ، مستشفيات مترددة تتعامل بمنطق “الفاتورة أولاً”، ووزارة صحة تؤكد في الإعلام أن العلاج مجاني؛ لكن دون أن تضع أو توضح آلية تنفيذية سريعة وفعالة، وأسرة مكلومة تفقد عزيزًا لديها كان من الممكن إنقاذه.

وأكدت عبد الناصر أن تلك الواقعة ليست مجرد حالة فردية؛ بل صورة صارخة لمئات الحالات اليومية التي لا تصل إلى الرأي العام.

وأشارت عضو مجلس النواب إلى أنه قد يقال إن علاج الطوارئ مكلف، وهذا صحيح، فالطب الطارئ يحتاج إلى تجهيزات متقدمة وأطقم طبية مدربة وأدوية مرتفعة الثمن في معظم الأحيان؛ حيث تشير التقديرات إلى أن تكلفة علاج مريض الطوارئ في مصر قد تصل إلى آلاف الجنيهات للزيارة الواحدة، لكن السؤال الجوهري: هل يجوز أن نترك المواطن يموت لأنه لا يملك هذا المبلغ؟!

واستكملت عضو البرلمان بأن مبدأ العدالة الاجتماعية يقتضي أن تتحمل الدولة التكلفة عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، وأن يتم سدادها بسرعة وشفافية، حتى لا يُترك المريض رهينة تفاوض مالي على باب المستشفى، فما قيمة التصريحات الحكومية إذا لم تُترجم إلى إجراءات عملية واضحة وسريعة تحمي أرواح الناس؟

وشددت عبد الناصر على أن ما حدث لعبير الأُباصيري يجب أن يكون جرس إنذار للجميع؛ البرلمان والحكومة والمجتمع، لأن أي تأخير في التدخل أو أي جدل حول الفواتير لا يعني سوى المخاطرة بحياة المريض.

وأكدت عبد الناصر أن حق المواطن في العلاج الطارئ ليس ترفًا ولا شعارًا سياسيًّا؛ بل مسألة حياة أو موت، ولذلك يجب أن تضع الحكومة أمام مسؤولياتها بوضوح، فلا يجوز أن يُعفى المواطن من دفع تكلفة الطوارئ ثم تُلقى هذه التكلفة على عاتق مستشفى خاص دون سداد فوري، فيضيع المريض بين الطرفين؛ فالدولة ممثلة في الحكومة هي الجهة الوحيدة الملزمة دستوريًّا بتحمل التكلفة كاملةً وضمان التطبيق الفوري لهذا الحق.

وشددت البرلمانية على أنه إذا لم يتحول قرار مجانية علاج الطوارئ إلى آلية واضحة التنفيذ، بتمويل عادل ورقابة صارمة، فلا نتوقع إلا أن يُترك المرضى يعانون على أبواب المستشفيات.

وطالبت عبد الناصر الحكومةَ بالرد على أسئلتها وتوضيح الآتي: مَن يتحمل القيمة الفعلية لمصاريف علاج حالات الطوارئ خلال أول 48 ساعة؟ وهل تتحملها الدولة بالكامل عبر التأمين الصحي ونفقة الدولة، أم أن المستشفيات الخاصة تُترك عمليًّا لمواجهة التكلفة وحدها، بما يؤدي إلى رفض استقبال المرضى؟ وما الآليات المالية والإدارية التي أعدتها الوزارة لضمان سداد فواتير علاج الطوارئ للمستشفيات الخاصة في الوقت المناسب؟ وهل هناك موازنة مخصصة لهذا الغرض أم تظل مجرد وعود غير قابلة للتنفيذ السريع؟ وكيف تضمن الوزارة أن المواطن لن يتحول إلى ضحية لمساومة مالية وهو في حالة طوارئ؟

وتابعت النائبة: وهل هناك رقابة مباشرة على مداخل المستشفيات لمنع اشتراط أي مبالغ أو ضمانات قبل تقديم الخدمة؟ وما الإجراء العملي الذي يجب أن يقوم به المواطن أو ذووه في حالة رفض أي مستشفى استقبال المريض؟ وهل الاتصال على الخط الساخن (105) الذي نوهت به وزارة الصحة في بيانها الأخير كافٍ لضمان التدخل الفوري، أم يلزم أن يقوم المواطن بتحرير محضر رسمي في قسم الشرطة لضمان حقه؟ وكم عدد الشكاوى التي تلقتها الوزارة منذ 2014 بشأن رفض علاج مرضى طوارئ؟ وكم عدد المستشفيات التي أُغلقت فعليًّا أو أُحيلت للتحقيق؟ ولماذا لا تُعلن هذه البيانات بشفافية أمام الرأي العام؟ وما المدة الزمنية المحددة لتدخل الوزارة بعد تلقي شكوى مواطن؟ وكيف تضمن أن هذا التدخل يتم خلال دقائق معدودة وليس بعد أن يكون المريض قد فارق الحياة؟ وما دور التأمين الصحي الشامل في هذه المنظومة؟ وهل لدى الحكومة خطة واضحة لتوسيع تغطية التأمين؛ بحيث يشمل فورًا ودون استثناء جميع تكاليف الطوارئ في أي مستشفى داخل مصر؟ وما الإجراءات التي تتخذها الوزارة لضمان تدريب العاملين بالخط الساخن (105) للتعامل مع بلاغات الطوارئ بالجدية والسرعة المطلوبة؛ بحيث يكون التدخل فعليًّا وليس مجرد تسجيل بيانات؟

شاركها.
Exit mobile version