03:08 م


الأربعاء 10 سبتمبر 2025

البحيرة – أحمد نصرة:

في قلب قرية صغيرة بإيتاي البارود، في محافظة البحيرة تحولت براءة طفلة إلى مأساة تهز الوجدان، جنا، صاحبة السنوات الست، لم تعرف في حياتها القصيرة طعم الأمان، فبدلًا من أن تنعم بحضن والدين يحتضنانها، وجدت نفسها بين مطرقة الخلافات الزوجية وسندان الانتقام، حتى انتهت قصتها المأساوية على يد أقرب الناس إليها.. والدها.

منذ اليوم الأول لزواجهما، دبت الخلافات بين أحمد وزوجته. كان دائم الاعتداء عليها بالضرب والسباب، فهربت من بيت الزوجية قبل أن تكمل أربعين يومًا عروسًا، لكنها خرجت وفي أحشائها جنين، كان هو “جنا”.

سنوات من التقاضي انتهت بالطلاق، وبقيت الصغيرة في حضن أمها التي حاولت أن تعيد بناء حياتها بالزواج من جديد، لكن الأعباء كانت أثقل من طاقتها، دخل زوجها الجديد السجن لتجد نفسها وحيدة مع طفلتيها لا تستطيع الإنفاق عليهما، في لحظة ضعف قررت أن تعيد “جنا” إلى أبيها، قرار ستدفع ثمنه عمرًا من الندم.

لم تكن جنا تعرف أن بيت أبيها سيكون مقبرتها. تحولت الطفلة إلى أداة انتقام، عذّبها والدها بوحشية نكاية في طليقته، وكأن جسدها الغض ساحة لتفريغ غضبه.

“مفيهاش حتة سليمة” بهذه الكلمات الموجعة وصفت الأم جثمان ابنتها حين استلمته، جسد صغير أزرق، مثخن بالحروق والسحجات، يحمل آثارًا لسكين ساخن، وخرطوم غليظ، ومياه مغلية، وصعق بالكهرباء، مشاهد تكاد العقول أن ترفضها، لكن الواقع كان أقسى من الخيال.

في واحدة من جلسات التعذيب المنزلية لفظت الطفلة أنفاسها الأخيرة، نقلت جثة هامدة إلى مستشفى إيتاي البارود العام، لتكشف تقارير الأطباء عن حجم المأساة، تحريات الشرطة قادت إلى الأب، الذي لم ينكر جريمته، بل اعترف بتعذيب ابنته حتى الموت.

وبالأمس، أسدلت محكمة جنايات مستأنف دمنهور الستار على القضية، حين قضت بتأييد الحكم الصادر ضده بالسجن المشدد 15 عامًا، حكم لم يشفِ غليل أم مكلومة، ولم يعُد للحياة طفلة كان ذنبها الوحيد أنها ولدت في بيت يملؤه الصراع.

اقرأ أيضًا:

ضربها بالخرطوم وكواها بالنار.. أب يعذب ابنته حتى الموت في البحيرة

تفاصيل جديدة تكشف معاناة “جنا” قبل وفاتها بالبحيرة.. ننشر شهادة الأم على وحشية الأب

شاركها.