11:51 م


الإثنين 12 مايو 2025

كتب- محمد جعفر:

في أول رحلة خارجية له في ولايته الثانية، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية كوجهةً أولى لجولته التي تتضمن زيارات الإمارات وقطر، حسب ما أعلن البيت الأبيض ووصفها بـ”التاريخية”، حيث تأتي الزيارة في سياق محاولات متشابكة يجمع فيها الرئيس الأمريكي بين أهداف اقتصادية واستراتيجية وشخصية.

في تقرير لمجلة “forign Affairs” الأمريكية، تمت الإشارة إلى أن ترامب يُعوّل في زيارته على توقيع صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 100 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد الأمريكي، كما يأمل أن يستفيد من حرص الرياض على الظهور كشريك اقتصادي موثوق، خصوصًا بعدما طرح ولي العهد محمد بن سلمان استثمارًا سعوديًا ضخما بقيمة 600 مليار دولار عقب انتخاب ترامب.

النفط والضغوط على الخليج

يحاول ترامب استثمار الزيارة لإقناع دول الخليج بالمحافظة على انخفاض أسعار النفط، خصوصًا بعد امتناع السعودية خلال إدارة بايدن عن دعم السوق الأمريكي، مما أضر سياسيًا بالأخير وعزز من عائدات روسيا في ظل العقوبات الأمريكية عليها، غير أن التقرير أوضح أن انخفاض أسعار النفط يهدد موازنة السعودية وخططها التنموية، ما يجعل الملف شائكًا ومحل تفاوض حساس.

ضبابية في السياسة الإقليمية

أما على صعيد الأوضاع في الإيران، فيسود الغموض مواقف إدارة ترامب تجاه طهران، إذ أن الإقالة الرمزية لمستشار الأمن القومي مايكل والتز، الذي كان منسقًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في التحضير لعمل عسكري ضد إيران، تثير الكثير من التساؤلات في الخليج، بشأن هل يعكس ذلك تحولًا في السياسة أم أنه نتيجة الفوضى داخل الإدارة؟، وهذا الغموض يقلق قادة الخليج الذين لا يعلمون إن كانت واشنطن تسعى نحو الحرب أم السلام.

تبقى القضية الأهم في المنطقة هي إيران، فخلال زيارة ترامب السابقة للرياض في 2017، كانت دول الخليج متحمسة لمواجهة إيران، لكن بعد هجمات إيرانية مباشرة أو غير مباشرة على السعودية والإمارات في الأعوام الأخيرة دون رد أمريكي حاسم، بدأت هذه الدول تعيد حساباتها، فتوجهت الرياض إلى تقارب هادئ مع طهران بوساطة صينية، محاولةً تجنّب التصعيد، وفي حال قررت إدارة ترامب الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، ستطلب دول الخليج مقابلًا لذلك، قد يشمل معاهدة دفاع رسمية مشتركة، ومبيعات أسلحة وضمانات أمنية.

رغم خطابه العدائي، أبدى ترامب في ولايته الأولى ترددًا في خوض حروب جديدة، وعيّن مبعوثًا للتفاوض على اتفاق نووي جديد مع طهران، إلا أن الشروط التي طرحتها إدارته – كإنهاء تخصيب اليورانيوم بالكامل – تجعل نجاح هذه المساعي ضعيفًا، وإذا فشلت، فقد يؤدي ذلك إلى صراع يسعى ترامب لتجنبه، ومع ذلك، فإن أي اتفاق نووي جديد قد يساهم في تهدئة التوترات الإقليمية.

زيارة بأهداف كثيرة وإنجازات قليلة؟

حسب تقرير المجلة الأمريكية، قد لا تثمر زيارة ترامب سوى عن صفقات سلاح إضافية، رغم الطموحات المعلنة، لكن فرصته الحقيقية تكمن في الإعلان عن اتفاق سياسي نووي جديد مع إيران، يستثمر حالة التراجع الإيراني، ويُعيد تشكيل النظام الإقليمي بما يُقلل خطر اندلاع حرب شاملة، كما قد يعيد هذا الاتفاق ربط إيران بمنظومة دول الخليج، ويحد من نفوذ حلفائها كحزب الله والحوثيين والمتمردين في سوريا.

وفي النهاية يسعى ترامب من زيارته التي ستبدأ رسميًا صباح غٍد الثلاثاء من الرياض، إلى تحقيق مزيج من الأهداف السياسية والأمنية وقبلهم الاقتصادية، إذ يبدو أنه لا يريد هدف واحدًا بل سلسلة من الطموحات التي قد يصعب جمعها في زيارة واحدة.

شاركها.