جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
هذا التزامن في الحركة على مستوى أكراد تركيا مرة، وأكراد سوريا مرة ثانية، لا بد أن يلفت الانتباه وأن يثير الاهتمام.
ففي التاسع من هذا الشهر خرج عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني في تركيا، ليعلن أن الحزب قرر إلقاء السلاح، وأنه أيضاً قرر التخلي عن الدعوة إلى إقامة دولة قومية للأكراد على الأراضي التركية.
ما أعلنه أوجلان كانت له بداياته منذ فترة، وكلها كانت في شكل وعود وعهود، ولكن ما إن خرج الرجل ليعلن ما أعلنه حتى أصبحنا أمام واقع مختلف عما كان من قبل.. فالأكراد الذين عاشوا يقاتلون الدولة التركية قد قرروا الكف عن القتال، كما أنهم قرروا التوقف عن دعوات إقامة الدولة الخاصة بهم، وهذا كله جرى إعلانه رسمياً على لسان زعيم الحزب شخصياً.
والمؤكد أنه وهو يعلن ذلك وخلفه بعض رفاقه في الحزب، لم يعلنه دون توافق عليه على مستوى الحزب كله، وبالتالي، فلا يمكن أن يكون حديثه عن إلقاء السلاح أو عن التخلي عن إقامة الدولة مجرد كلام.
هذا تحول مهم جداً في تركيا وفي المنطقة، وهو يضع حداً بين عشرات السنين مضت من حياة الأكراد في تركيا، وبين الأعوام التي سوف تجيء في اللاحق.. والمعنى أن أكراد الأمس الأتراك ليسوا أكراد اليوم، أو على الأقل الى هذه اللحظات التي شهدت إعلان ما تابعناه على لسان أوجلان.
هذا على مستوى تركيا.. أما على مستوى سوريا فالأمر لا يختلف كثيراً، لأن أكرادها يعيشون في الشمال المجاور لتركيا مرة، وفي الشمال الشرقي المجاور للعراق مرة ثانية.. وهناك في الشمال الشرقي كيان اسمه المختصر “قسد” واسمه المفصل قوات سوريا الديمقراطية، ويرأسه رجل اسمه مظلوم عبدي، والكيان على بعضه يحظى من أيام بشار للأسد بدعم أمريكي معلن، والغالبية في عناصره أكراد كما يعرف الجميع.
كان الرئيس السوري أحمد الشرع قد بادر منذ جاء للسلطة إلى عقد اتفاق يقضي بدمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري.. ولكن هذا لم يتم فعلياً إلى اليوم، لأنه من الواضح أنه سوف يستغرق بعض الوقت.
وقبل أيام كان توماس براك، المبعوث الأمريكي الى سوريا، موجوداً في دمشق ومن داخلها خاطب عبدي بما معناه أن قسد أمامها طريق واحد يؤدي إلى العاصمة السورية.. وهذا يعني أن ما طرأ على أكراد تركيا من خلال ما أعلنه أوجلان، يطرأ شيء شبيه به على أكراد سوريا من خلال ما يقول المبعوث براك.
هذا عن أكراد تركيا وأكراد سوريا، فماذا عن أكراد العراق وأكراد إيران؟.. سوف نتابع ونرصد فيما هو مقبل، وسوف نرى ما إذا كان هذا التوجه السلمي حقيقة يتوقف بها النزيف الكردي في الدول الأربع، أم أن الأطراف الإقليمية والدولية التي دأبت على توظيف الأكراد سوف تتحايل لتعاود التوظيف نفسه؟.. سوف نرى بإذن الله.
