01:54 م


الإثنين 11 أغسطس 2025

الشرقية- ياسمين عزت:

في إحدى قرى مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، كانت حياة “نورا” 35 عاما، تسير على خط رفيع بين الصبر والانكسار، تزوجت من “محمد” قبل 18 عامًا، ورُزقا بثلاث فتيات، أكبرهن تستعد هذا العام للصف الثالث الثانوي، وأصغرهن لا تزال في المرحلة الإعدادية.

منذ بداية حياتهما، كانت الظروف المادية صعبة، محمد كان قد تعلم حرفة الترزي منذ صغره، وجد أن دخله لا يكفي لمتطلبات أسرته، فترك مهنته التي أحبها واتجه للعمل في السياحة، أحيانًا كانت الحياة تستقر، وأحيانًا أخرى تعصف بها الخلافات، مثل كثير من الأسر البسيطة التي تصارع لقمة العيش.

لكن في منزل الزوجية، كان هناك مصدر آخر للتوتر: “بطة”، شقيقة الزوج الكبرى، امرأة وُصفت بأنها سليطة اللسان، دائمة افتعال المشكلات مع زوجات شقيقها، مرت بتجارب زواج فاشلة ثلاث مرات، وعادت للعيش في بيت العائلة، تحمل معها طاقة من النزاعات التي طالت كل من حولها.

قبل أشهر، طالبت شقيقة الزوج بنصيبها في ميراث منزل العائلة، والذي قُدّر بـ 100 ألف جنيه، حصلت على جزء من المبلغ من أحد أشقائها، وشقة كاملة من آخر، لكن بقي نصيبها عند محمد، ولأنه لم يستطع دفع النقود، اتفقا على حصولها على غرفتين من شقته التي يسكنها مع زوجته وبناته.

في صباح يوم الحادث، كانت نورا في عملها بمصنع صغير في القرية، عمل بدأته منذ ثلاث سنوات لتساعد زوجها في مصاريف البيت وتعليم بناتها، فجأة، جاءها اتصال من بناتها يصرخن: “يا ماما.. عمتنا بترمي العفش وهتاخد الشقة” وهنا تركت عملها مسرعة، وفي قلبها غضب وخوف على بيتها وتشتت بناتها.

وصلت نورا لتجد شقيقة زوجها تحاول اقتحام الشقة، اعترضت بشدة، كيف يمكنها أن تشاركهم في مسكنهم بل وتطلب منهم إخلاءه مستنكرة فعلها خاصة أن لها شقة خصصها لها شقيقها الآخر. كان النقاش حادًا، الكلمات قاسية، والاتهامات متبادلة، محمد الزوج الذي كان قد طلّق نورا قبل أيام قليلة بسبب خلافات سابقة، آثر الانسحاب، واحتبس داخل غرفة، تاركًا زوجته السابقة تواجه الموقف بمفردها..حسب شاهد عيان من العائلة.

المشادة تحولت إلى مشاجرة دامية، صرخات، شد وجذب، ثم انهيار، سقطت نورا مغشيًا عليها من شدة الإعياء. حاولوا إفاقتها مرة واحدة، لكنها لم تستعد قوتها، وبدأت علامات التعب الشديد تظهر عليها.

نُقلت نورا إلى المستشفى، لكن جسدها المرهق لم يحتمل، في اليوم نفسه، أُعلن خبر وفاتها، ليصعق القرية كلها، خرج الأهالي في جنازة مهيبة، تملؤهم الدموع، يتحدثون عن أخلاقها الطيبة، ورضاها بالقليل، وحبها لبناتها.

النيابة أمرت بتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة، فيما ألقت الشرطة القبض على الزوج وشقيقته، وجرى حبسهما على ذمة التحقيقات، بانتظار أن تكشف العدالة ما حدث في الساعات الأخيرة من حياة نورا.

شاركها.