06:32 م
الإثنين 08 سبتمبر 2025
كتب- أحمد عبدالمنعم:
أكد الخبير السياسي المهتم بالشأن السوري زكي الدروبي، أن سوريا في هذه المرحلة الانتقالية البالغة التعقيد تقف أمام خيارات مصيرية قد تحفظ لها جغرافيتها التاريخية وتعيد لها مكانتها الإقليمية أو تعمق الانقسام المجتمعي القائم.
وأضاف في تصريحات تليفزيونية، أنه بعدما كشفت الأحداث الأخيرة في محافظات الساحل والسويداء عن هشاشة الوضع القائم والانقسامات المجتمعية، أُعيد إحياء النقاش حول النموذج الفيدرالي كحل محتمل لإدارة التنوع واللامركزية في الحكم، خاصة بعد سقوط النظام انحلت الأجهزة الأمنية والشرطية بالكامل، مما خلق فراغا أمنيا وعمق الانقسام، في حين تبنى تنظيم الدولة الإسلامية هجمات متكررة ضد المدنيين وقوات الجيش السوري الجديد.
وأوضح الخبير السياسي، أن أحداث السويداء الدامية بين الدروز والبدو أدت إلى سقوط مئات القتلى ونزوح 175 ألف شخص، وتضرر البنية التحتية للمياه والكهرباء، وفي الساحل السوري تعرض المدنيون العلويون لهجمات واسعة النطاق، قُتل فيها 1426 شخصا معظمهم من المدنيين.
وأشار إلى أن التدخل الإسرائيلي المتواصل في الجنوب السوري يلعب دورًا سلبيًا في إطار فرض هيمنة الدولة على هذه المناطق، حيث توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة وأقامت 12 نقطة عسكرية جديدة، ووصلت إلى مشارف دمشق، متجاهلة اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974.
وأكد الدروبي، أنه في حين تبنت إسرائيل خطابا يصورها كحامية للدروز، حيث قدمت حماية عسكرية لبعض القرى الدرزية، وقامت بقصف مواقع حيوية في دمشق رداً على الأحداث الأخيرة في السويداء، بالمقابل حاولت الحكومة السورية تجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل عبر سحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة وتعزيز الحوار الدبلوماسي عبر وساطات دولية في إطار رفض أي وجود عسكري إسرائيلي في المنطقة.
واستطرد، أن جميع هذه الأحداث عززت فقدان الثقة في قدرة الحكومة المركزية على فرض الأمن، وأعطت دفعة قوية للمطالبات بنظام لامركزي مما دفع مناطق مثل السويداء إلى المطالبة بحكم ذاتي، في حين تشكل المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا في أغسطس 2025 بمشاركة شخصيات سياسية للمطالبة بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 وتبني نظام فيدرالي يحفظ حقوق جميع المكونات.
وأكد أنه في الشمال الشرقي تواصل قوات سوريا الديموقراطية فرض واقع إداري منفصل رغم الاتفاق الموقع مع دمشق في مارس 2025، حيث لا تزال الخلافات قائمة حول طبيعة الحكم والاندماج العسكري، مع تحذيرات الحكومة من أن الفيدرالية قد تؤدي إلى انقسامات طائفية تحت نفوذ قوى إقليمية، كما هو حاصل في الجنوب حيث تحاول إسرائيل بناء منطقة نفوذ.
وقال إن مؤيدي الفيدرالية في سوريا يرون أنها ضمانة أساسية لحماية حقوق الأقليات وتحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة بين مختلف المناطق، مستشهدين بنماذج دولية ناجحة مثل سويسرا وكندا والعراق.
وأشار الدروبي إلى أن نجاح النموذج الفيدرالي يتطلب عقدا اجتماعيا جديدا وحوارا وطنيا شاملا يضمن الوحدة مع الاعتراف بالخصوصيات، كما يستلزم معالجة الجذور الاقتصادية للأزمة ورفع العقوبات لتمكين إعادة الإعمار.
وأوضح أن الاقتصاد السوري انكمش بأكثر من 85% منذ 2011، مع تضرر 50% من البنية التحتية للكهرباء وتدمير شبكات الطرق والمياه، بينما تقدر تكلفة إعادة الإعمار بـ 400 مليار دولار، ناهيك عن تحكم قسد في مناطق النفط والغاز في الشرق، مما يحرم الحكومة من إيرادات حيوية.
وأنهى حديثه بأن النموذج المركزي التقليدي أثبت عدم قدرته على إدارة التنوع السوري، بينما يطرح النظام الفيدرالي بديلا يحمل معه آمالا بتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أبناء سوريا بمختلف انتماءاتهم.
