02:55 م


الثلاثاء 09 سبتمبر 2025

كفر الشيخ – إسلام عمار:

في ذكرى رحيله الـ14 والتي توافق اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 يكشف مقربون من الروائي الكبير الراحل خيري شلبي أنه استأجر حوش مقابر في منطقة المجاورين بالقاهرة، ليتخذه مكانًا للكتابة بعيدًا عن ضوضاء العاصمة، ما تعد تلك الخطوة الغريبة سرًّا من أسرار عزلته الإبداعية وسط صمت الموتى ليمنحه مساحة للتأمل والإبداع،.

السر في الهدوء

“كان دائمًا بيحب الهدوء ويستلهم أفكاره الابداعية في أوقات الهدوء، فلم تكن هناك رواية إبداعية من تأليفه إلا بعد توفير حالة هدوء..8 سنين ابداعاته في حوش مقابر المجاورين”..تلك كانت كلمات السيد أنور السنهوري، معلم بالمعاش، وشقيق زوجة الروائي الراحل خيري شلبي لـ”مصراوي” راصدًا واحدة من أغرب وأعمق محطات حياته الأدبية.

وأوضح أن الروائي الراحل عاش حياته دائمًا في حالة هدوء وكانت تمر عليه سنوات وأوقات ولا يدرك بمراحل أبنائه في التعليم بسبب نجاح شريكة حياته في توفير كل سبل الراحة والهدوء والاابتعاد عن مشاغل الحياة بغرض تجعله يتفرغ لممارسة أعماله الأدبية.

فضل الزوجة

ولفت إلى أن هناك جملة شهيرة قالها الروائي الراحل خيري شلبي في إحدى حواراته الصحفية فقال نصًا:”اللي ربت عيالي ربتني معاهم” في إشارة منه للاعتراف بنجاح زوجته في قيادة الأسرة نحو النجاح.

ويأتي ذلك بتفرغها التام في تربية الأبناء وابعاد زوجها عن مشاغل الحياة بشأن مساندة إياه بعد إدراكها ووعيها بحجم عمل الأدباء، ومدى احتياجهم للإبداع الأدبي متمثلا في توفير الراحة والهدوء.

رحلة استئجار حوش المقابر

وأكد شقيق زوجة الروائي الراحل أنه كان في منتصف الثمانينيات تعطلت سيارته خلال مروره بطريق شهير قبل تطويره فلجأ إلى أحد الحرفيين المتواجدين وسط منطقة تشتهر بالحرفيين بالقرب من مقابر المجاورين.

ولم يجد أمامه سوى الاستعانة بحرفي كهربائي سيارات وقرر سحب السيارة إلى ورشته الخاصة لإتمام عملية إصلاح السيارة في تلك المنطقة المنتشر فيها ورش الحرفيين.

راحة وهدوء

وأشار إلى أنه خلال ذلك الوقت اضطر للجلوس عند مقابر المجاورين مستغلا وقت تصليح سيارته من أجل ممارسة إحدى أعماله الأدبية، وظل خلال ذلك التوقيت يواصل عمله الأدبي لحين حلول الظلام سهوًا عنه بعد شعوره بالراحة والهدوء وسط الأموات فجعلوه لم يدرك حجم الوقت خلال ممارسة عمله الأدبي أثناء تصليح السيارة.

ووفق ذلك لم يجد أمام الروائي الراحل سوى اتخاذه قرارًا بتأجيره حوش في مقابر المجاورين يستغله للقيام فيه بأعماله الأدبية وطلب تأجير الحوش من أحد الأهالي بعدما تعرفا على بعضهما وأصبحا صديقين.

ابداعات وسط الأموات

وأكد أنه بناء على ذلك ظل الروائي الراحل خيري شلبي مستأجرًا حوش المقابر مدة 8 أعوام كاملة في الفترة من عام 1986 إلى عام 1994 من القرن الماضي مستلهمًا أفكاره الإبداعية في حوش المقابر وسط الأموات بعدما شعر بالراحة والهدوء.

كما أنه كان يبحث دائمًا عن العزلة التي تسمح له بالكتابة في أجواء مختلفة، تنبض بصدق التجربة الإنسانية فوجد في صمت الموتى ما يفتح له أبواب الخيال ويمنحه مساحة للتأمل في حياة البسطاء ومعاناتهم بينما ارتبطت تلك التجربة بقدرته الفائقة على التقاط التفاصيل الدقيقة، وتحويلها إلى أعمال أدبية خالدة مثل “الوتد” و”وكالة عطية”.

الوتد

أشار إلى أنه في ذات مرة عام 1996 اتصل عليه هاتفيًا الروائي الراحل وطلب منه مغادرة القرية شباس عمير والتوجه إلى القاهرة وعندما التقيا معًا طلب منه التعاون مع أسرة عمل المسلسل الشهير “الوتد” بعدما كشف له عن تحويل تلك الرواية إلى مسلسل تليفزيوني.

والتعاون من أجل توضيح اللهجة الريفية التي تشتهر بها قرية شباس عمير فالتقى مع الراحل أحمد النحاس مخرج المسلسل في حضور الفنانة الراحلة هدى سلطان وعرض عليهم وقتها المصطلحات والمسميات المختلفة للبيئة المحيطة بكل أهالي القرية مثل “الغرفة” ومسماها وقتها “القاعة” وغيرها من مصطلحات ريفية كانت تشتهر بها القرية.

فترة تصوير حلقات المسلسل

وقال إن فترة ملازمته أسرة المسلسل استغرقت 70 يومًا بداية من لقائه مع المخرج وأبطال المسلسل كمصحح للهجة في السيناريو مرورًا بحضوره معهم بروفات قراءة السيناريو لحين الانتهاء من تصوير مشاهد المسلسل التي تمت في ستوديو الأهرام.

وأضاف أن احداث المسلسل جميعها لا تعبر عن الحقيقة الكاملة لأسرة “الوتد” (فاطمة تعلبة) الجدة التي زرعت الوتد الريفي في ابنائها واحفادها فهناك مشاهد ومحتوى في بعض حلقات المسلسل بعيدة تمامًا عن حقيقتها بل كانت من خيال المؤلف الروائي الراحل خيري شلبي لكن الفكرة نفسها ومحتوى القصة حقيقية بالفعل.

إحياء ذكرى الوفاة

وقال إنه في كل عام كانوا يحيون ذكرى وفاة الروائي الراحل من خلال إقامة خاتمة قرآنية، والتصدق على روحه من خلال شقيقته زوجة الروائي الراحل.

وبعد مرور 14 عامًا على رحيله، يظل هذا الموقف شاهدًا على شخصية أديب مختلف، عاش بين الناس وكتب عنهم، حتى وإن كان مرسمه الأدبي حوشًا للموتى.

شاركها.