12:39 م


الأحد 07 سبتمبر 2025

كتب – محمد جعفر:

واجه مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أول أمس الجمعة، مهمة شاقة بعد توقيع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بإعادة تشكيل الوزارة وتحويلها رسميًا إلى “وزارة الحرب”، ما أثار موجة من الغضب والإحباط داخل أروقة الوزارة، حيث اعتبره كثيرون خطوة شكلية مكلفة، قد لا تساهم في معالجة التحديات الكبرى التي يواجهها الجيش، مثل صعود التحالفات الاستبدادية العدوانية.

تكاليف بمليارات الدولارات

ووفقًا لتقرير لمجلة “بوليتكو” الأمريكية، فإنه بحسب مسؤولين دفاعيين، فإن القرار قد يتطلب تغيير الأختام الرسمية للوزارة في أكثر من 700 ألف منشأة موزعة عبر 40 دولة وجميع الولايات الأمريكية الخمسين، كما أن ذلك يشمل إعادة تصميم ترويسة الفروع العسكرية الستة، بالإضافة إلى العشرات من الوكالات التابعة، حتى وصل الأمر إلى المناديل المنقوشة في قاعات الطعام، السترات المطرزة لكبار المسؤولين، وحتى الهدايا التذكارية في متجر البنتاغون.

ووصف أحد المسؤولين الخطوة بأنها “إهدار سياسي محلي”، مؤكدًا أنها لن تكلف ملايين الدولارات فحسب، بل ستسمح لخصوم الولايات المتحدة باستخدامها كذريعة لاتهامها بالتحريض على الحرب وزعزعة الاستقرار الدولي”.

وبحسب التقرير المبني على مقابلات مع أكثر من ستة مسؤولين حاليين وسابقين، أوضح أن الغالبية داخل الوزارة يشعرون بارتباك وغضب، خصوصًا مع غياب تفاصيل واضحة عن كيفية تنفيذ القرار، في هذا الإطار أشار مسؤول دفاعي سابق في تصريحاته للمجلة: “هذا القرار مخصص فقط للرأي السياسي المحلي، لن يغير الحسابات الروسية أو الصينية، بل سيزيد من صورة الولايات المتحدة كقوة محرضة”.

إعلان ترامب يتطلب موافقة الكونجرس

كان ترامب قد أعلن القرار في مؤتمر صحفي بالمكتب البيضاوي يوم الجمعة، قائلاً: “لقد انتصرنا في الحرب العالمية الأولى، وانتصرنا في الحرب العالمية الثانية، وانتصرنا في كل ما سبقها وما بينها، ثم قررنا تغيير الاسم إلى وزارة الدفاع. لذا، سنصبح وزارة الحرب.”

ورغم توقيعه، يؤكد خبراء أن تغيير الاسم رسميًا قد يتطلب قانونًا يمر عبر الكونغرس، فيما تبحث إدارة ترامب عن طرق لتفادي التصويت البرلماني.

2

انتقادات الديمقراطيين

سارع الديمقراطيون إلى مهاجمة الخطوة، مسلطين الضوء على مفارقة أن رئيسًا يسعى لنيل جائزة نوبل للسلام، ويعد بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا، ويقرر في الوقت نفسه تبني اسم “وزارة الحرب”.

السيناتور جين شاهين، كبيرة الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قالت لقناة “MSNBC”: إضاعة الرئيس ووزير الدفاع وقتهما في قضايا شكلية كهذه، بدلًا من التركيز على جاهزية القوات المسلحة، ليس سوى محاولة لصرف الأنظار عن القضايا الحقيقية في البلاد.”

أدى القرار إلى ارتباك فوري داخل البنتاغون. فقد بادر أحد المسؤولين إلى الاستيلاء على صفحة “وزارة الحرب” على موقع “لينكد إن” بشكل مستقل، لمنع خصوم أجانب أو منتقدي الإدارة من السيطرة عليها، كما غيّر البنتاغون اسمه على منصة “إكس” ليصبح “وزارة الحرب”، مع تعديل ختم الصورة الرمزية، لكن الشعار الرئيسي ظل يحمل اسم وزارة الدفاع القديم، وفي خطوة سريعة، أُعيد توجيه الموقع الرسمي من defense.gov إلى war.gov، الذي تعطل مؤقتًا.

3

انعكاسات على الجامعات والمقاولين

يحذر الخبراء من أن التغيير سيخلق ارتباكًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الربحية والمقاولين الذين يعتمدون على التمويل العسكري، إذ قال أحد مستشاري صناعة الدفاع: “على المستوى التكتيكي، يعني ذلك إعادة تسمية جبل من العقود والمواد التسويقية، سواء رقمية أو ورقية. وعلى المستوى الاستراتيجي، فإنه يثير أسئلة فلسفية جديدة حول معنى دعم وزارة الحرب، وهو ما سيبعث برسالة أكثر عدوانية إلى الحلفاء والخصوم.”

خطوة رمزية أم تحول استراتيجي؟

يرى محللون أن القرار لا يتجاوز كونه محاولة لفرض خطاب سياسي أكثر عدوانية، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول فلسفة السياسة الدفاعية الأميركية، وحدود التوازن بين الردع العسكري والدبلوماسية.

شاركها.