كفر الشيخ – إسلام عمار:
أعلنت وزارة الآثار المصرية، اليوم الجمعة، نجاح البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، والعاملة بمعبد بوتو بتل الفراعين بمحافظة كفر الشيخ، في الكشف عن أول وأكبر مبنى لمرصد فلكي من القرن السادس قبل الميلاد.
ووفق مصادر بمنطقة آثار كفر الشيخ، تبين أن هناك 3 بعثات للبحث والتنقيب عن الآثار بتل الفراعين “بوتو” في نطاق قرية ابطو التابعة لمركز دسوق، منهم بعثتين تتبعان المجلس الأعلى للآثار، الأولي بعثة للبحث عن شمال معبد “بوتو”، والأخرى للبحث عن جنوب المعبد، وكلا البعثتين تعملان منذ عام 2016، أما البعثة الثالثة فتتبع جامعة كفر الشيخ.
وأوضحت المصادر، أنه على مدار 8 أعوام كانت بعثة المنطقة الجنوبية لمعبد “بوتو” اكتشفت العديد من المقتنيات الأثرية اختتمت بالمقتنيات الأثرية الأخيرة ليتبين بعد البحث الدقيق من خلال علماء الآثار، وأعضاء البعثة أن جميعها خاصة بالمرصد الفلكي الذي أعلنت عنه الوزارة في بيانها الأخير منذ ساعات مضت.
اكتشافات 2017
في نهاية عام 2017 كانت وزارة الآثار أعلنت اكتشاف بعثتها عن بقايا جدران من الطوب اللبن تعود لعصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، وأربعة أفران من العصر المتأخر تمثل المحور الرئيسي القديم لمعبد بوتو، أما الأفران فربما كانت تستخدم لتجهيز القرابين بالمعبد.
كما أن البعثة كشفت أيضًا عن أساسات لعمودين من الحجر الجيري ربما تكون أجزاء من صالة أعمدة المعبد، وتمثال من الحجر الجيري للملك بسماتيك الأول جالسًا على كرسي العرش ويمسك في يده اليمنى المنديل الملكي، وجزء من تمثال ملكي غير معروف صاحبه على وجه التحديد، وعمود الظهر خالي من أي كتابات.
الملك بسماتيك الأول
وترجح البعثة وقتذاك أنه يخص الملك بسماتيك الأول أيضًا، وهو مصنوع من الجرانيت الأسود ويتميز بدقة النحت وجودة التفاصيل، ولكنه فاقد الرأس والرقبة وأسفل الركبة والقاعدة وأجزاء من الذراعين بجانب العثور أثناء أعمال الحفر على الجزء العلوي من تمثال للمعبود حور من حجر الكوراتزيت، وبقايا من النقوش الغائرة تمثل اسم مدينة بوتو عليها بقايا ألوان من الأحمر والأزرق
وجزء من يد ملكية من الجرانيت الرمادي عليها بقايا خرطوش ملكي للملك بسماتيك الأول، وجزء من قلادة المنيت (رمز الإلهة حتحور) مصنوعة من حجر الظران، ومجموعة من المصاحن الحجرية والأواني الفخارية متعددة الطراز والأحجام.
أدوات طقوس دينية
وفي عام 2018 اكتشفت البعثة بعض الأدوات المستخدمة في الطقوس الدينية بمعبد “بوتو” من القيام بأداء شعائر وطقوس الخدمة اليومية الدينية للمعبودة حتحور، ويرجح أنه جرى وضعها بشكل سريع أسفل مجموعة من الكتل الحجرية المرصوصة بشكل منتظم أعلى تبة من الرمل في جنوب معبد الالهة واجيت بتل الفراعين (بوتو).
يضم الكشف جزء من عمود من الحجر الجيري على هيئة المعبودة حتحور، ومجموعة من المباخر المصنوعة من الفيانس أحدهما برأس المعبود حورس، ومجموعة من الصلاصل التي استخدمت في الطقوس الدينية والاحتفالية للمعبودة حتحور، وتماثيل صغيرة للمعبودة تاورت والمعبود جحوتي، وكرسي صغيرة للولادة، وحامل قرابين كبير الحجم، وعين أوجات من الذهب الخالص، وبقايا قشور ذهبية استخدمت في تذهيب بعض القطع الأخرى.
مناظر رائعة
كما اكتشفت مجموعة رائعة من المناظر المصورة على العاج لسيدات تحملن القرابين، ومناظر الحياة اليومية لأفراس الدلتا بما فيها من نباتات وطيور وحيوانات، وعتب كبير من الحجر الجيري عليه نصوص هيروغليفية بالنقش الغائر، وجزء من لوحة ملكية لملك يؤدي طقوس دينية بمعبد بوتو، وبعض القطع مسجل عليها نصوص وأسطر هيروغليفية، والألقاب الخمسة للملك بسماتيك الأول، واسم الملكين “واح ايب رع” و ” أحمس الثاني” من ملوك الأسرة 26.
كما أن البعثة اكتشفت أيضا مبنى ضخم من الحجر الجيري المصقول من الداخل يمثل بئر للماء المقدس المستخدم في الطقوس اليومية، كما جرى الكشف عن الطبقات العليا للتل من حمام بطلمي من الطوب الأحمر عليه طبقة بلاط، ويتكون من صالة بانيو وحوض للمياه ومكان لتسخين المياه، والحمام كله يخضع لدورة مائية على أعلى مستوى من حيث تزويده بالمياه او صرفها خارجه.
بقايا صالة أعمدة
وفي عام 2022 نجحت البعثة في الكشف عن بقايا صالة أعمدة، وذلك أثناء استكمال أعمال الحفائر التي تجريها بالمعبد وتبلغ مساحته 11 فدانًا ومحاطة بسور ضخم من الطوب اللبن جرى إنشاؤه في عصر الدولة الحديثة،وتعليته في العصر الصاوي.
والكشف عن عدد من الأواني الفخارية الدينية التي تعود لذلك العصر، وكذا الكشف عن القطع الحجرية مزينة بالنقش الغائر عليها مناظر وأفاريز تعود للعصر الصاوي.
وبقايا صالة الأعمدة تقع إلى النهاية الجنوبية الغربية للمعبد، وتبلغ مساحة ما جرى الكشف عنه حتى الآن نحو (6.5م × 4.5م) تقريبًا وتتضمن بقايا ثلاثة أعمدة، جميعها على محور واحد شمالي جنوبي، تمثل في الغالب أعمدة من طراز نبات البردي المسمى قديما (واج)، وهو رمز الوجه البحري والذي يرتبط بالمعبودة (واجيت) سيدة معبد بوتو .
كما نجحت البعثة أيضًا في الكشف عن لوحة من الحجر الجيري تمثل معبودة برأس طائر يعلوها التاج الأبيض المحاط بالريشتين ويحتمل أنها تمثل المعبودة (نخبت) أو المعبودة (موت)، وكذا الكشف عن مقصورة حجرية صغيرة من الحجر الجيري على مستوى مرتفع من أرضية المعبد، وجرى حمايتها بجدران سميكة من الطوب اللبن كما جرى العثور بجوارها على أواني تقديم القرابين ويحتمل أنها شيدت لتحفظ التماثيل الصغيرة المكرسة للمعبد.
البيان الأخير لاكتشاف المرصد الفلكي في معبد “بوتو”
ومؤخرا نجحت البعثة الأثرية المصرية في الكشف عن أول وأكبر مبنى لمرصد فلكي من القرن السادس قبل الميلاد، مبني من الطوب اللبن وكان يستخدم لرصد وتسجيل الأرصاد الفلكية وحركة الشمس والنجوم بالمعبد الموجود بالمدينة.
ومن جانبه ثمن الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، جهود ونجاح البعثة الأثرية المصرية في إزاحة الستار عن هذا الكشف الأثري الهام الذي يؤكد براعة ومهارة المصرى القديم فى علوم الفلك منذ أقدم العصور، وكيفية تحديد التقويم الشمسي ومواعيد الشعائر الدينية والرسمية مثل تتويج الملوك والسنة الزراعية، بإلإضافة إلى تسليط الضوء على التقنيات الفلكية التي استخدمها المصري القديم رغم بساطة الأدوات المستخدمة، إلى جانب تعزيز فهمنا للتطور العلمي والفلكي في العصور القديمة.
وخلال أعمال الحفائر داخل المرصد عثرت البعثة على ساعة شمسية حجرية منحدرة المعروفة بساعة الظل المنحدرة، والتى تُعتبر من أبرز أدوات قياس الوقت في العصور القديمة.
ويتكون المبنى الخاص بالساعة من مدماك مستقيم منتظم من بلاطات الحجر الجيري بطول 4.80 متر، يعلوه خمسة كتل مستوية من الحجر الجيري، منها ثلاث كتل رأسية واثنتان أفقيتان، ويُعتقد أنها كانت تحتوي على خطوط مائلة تستخدم لقياس ميول الشمس والظل ورصد حركة الشمس خلال ساعات النهار.
ومن جانبه وصف الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، مبنى المرصد الفلكي المكتشف بأنه أكبر مرصد فلكي يتم اكتشافه من القرن السادس قبل الميلاد، حيث يبلغ إجمالي مساحته 850م تقريباً، وقد تم الكشف عنه فى الركن الجنوبى الغربى لمنطقة المعابد، ويتكون تصميمه المعماري من مدخل ناحية الشرق حيث شروق الشمس، وصالة أعمدة وسطى مفتوحة على شكل حرف (L) و يتقدمها جدار ضخم ومرتفع من الطوب اللبن به ميول إلى الداخل فيما يشبه طراز الصرح المصرى المعروف فى مداخل المعابد.
كما عثر على كتلة حجرية مثبتة فى أرضية صالة دائرية الشكل وإلى شمالها وغربها كتلتين حجريتين دائرتين لأخذ القياسات الخاصة بميول الشمس.
وأضاف أن البعثة عثرت أيضا على خمسة غرف من الطوب اللبن والتي يرجح أنها استخدمت لحفظ بعض الأدوات الخاصة بالمبنى، بالإضافة إلى أربعة غرف صغيرة من الطوب اللبن وغرفة حجرية صغيرة تمثل برج المرصد، وكذلك صالة كبيرة نسبياً جدرانها الثلاثة مغطاة بالملاط الأصفر المزين ببعض المناظر وبقايا رسم باللون الأزرق لمركب طقسي عليها ثمانية مقاصير، ومن الخلف بقايا مجدافين، ومن الأمام بقايا رسم لرأس الصقر حورس وعين أوجات التى تجسد أنظمة الكون وهى مرتبطة بالشمس والقمر والمعبود حورس والمعبودة واجيت أهم معبودات بوتو.
وأوضح قطب فوزى قطب رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري وسيناء أنه في منتصف أرضية هذة الصالة تم الكشف عن منصة حجرية سجل عليها نقوش تمثل مناظر فلكية فى الغالب لشروق الشمس وغروبها خلال فصول السنة الثلاثة.
كما سجل النقش بعض المقاسات من خلال بوابتى المعبد الشرقية والغربية وكذلك علامات (شن، سنت ، وبنو ) وغيرها من العلامات الدالة على الزمن والفلك.
وأفاد الدكتور حسام غنيم مدير عام منطقة آثار كفر الشيخ ورئيس البعثة، أنه تم العثور أيضا بداخل مبنى المرصد على تمثال من الجرانيت الرمادى من عصر “واح إيب رع” من الأسرة السادسة والعشرين، وهو للكاهن بسماتيك سمن ويحمل تمثال المعبود أوزير ومدون عليه لقب حامل الختم الملكى.
كما عثر أيضا على أداة المرخت التى تستخدم فى أعمال القياس، وكذلك القدم والإصبع وغيرها من أدوات القياس، بالإضافة إلى تمثال أوزير والنمس من البرونز، و تمثال تراكوتا للمعبود بس، وقلادة المنيت من الفاينس وبعض بقايا لوحات حجرية عليها بعض النقوش وموائد قرابين وبعض الأغطية لأمفورات من الملاط عليها بقايا أختام ترجع للعصر الصاوى.
بالإضافة إلى تمثال للمعبود بتاح من الفاينس الأزرق، وبعض الرموز الدينية من الفاينس والتي تمثل أشكال مركبة للجد والواس والتاج المركب، وبعض اللقى الأثرية من الفخار المختلفة في الأشكال والأحجام المستخدمة فى الطقوس الدينية والحياة اليومية.