03:28 م
الأحد 27 أكتوبر 2024
القاهرة – مصراوي:
أظهرت وثيقة نشرتها صحيفة “القدس” الفلسطينية، بخط يد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، قبل اغتياله، وصاياه لمقاتلي الحركة بشأن التعامل مع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بعد معركة “طوفان الأقصى” منذ ما يربو على عام.
واغتال جيش الاحتلال السنوار في 17 أكتوبر الجاري، بعد عام من مطاردته فوق الأرض وتحتها، وعقب الكثير من المزاعم حول احتمائه بعشرات الأسرى حوله تفاديًا لتصفيته.
ولم تذكر الصحيفة تاريخًا محددًا لكتابة تلك الوثائق التي جاءت في 3 ورقات مقتطعة من دفتر ملاحظات، ومكتوبة بقلم أزرق، في حين تُظهر كتابات بخط أحمر دون معرفة ماهيتها.
بيد أن تلك الوثائق كشفت عن جانب آخر لتعليمات وجهها السنوار لأتباعه حول تعاملهم مع الرهائن الإسرائيليين، باعتبارهم “ورقة ضاغطة”، كما تضمنت أسماء 11 محتجزًا، وأرقامًا مبعثرة بشأن أعدادهم وجنسهم وأعمارهم.
استند زعيم حماس الراحل إلى ثلاثة مواضع تشير إلى كيفية التعامل مع المحتجزين، إذ كتب آية قرآنية، وحديثًا نبويًا، فضلًا عن قاعدة أصولية، في تتابع محدد قبل سرده بيانات بعض الأسرى.
أما الآية القرآنية فكانت الآية رقم 4 من سورة محمد، والتي كتب منها فقط: “فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا”. في حين أن نص الآية كاملًا هو: “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ”.
ووفق تفسير الطبري لهذه الآية: فإذا أسرتموهم بعد التغلب عليهم، فإما أن تمنوا عليهم بإطلاقهم دون مقابل، أو أن تفادوهم بعوض.
وتُفسر الآية في المراجع الإسلامية على أنها دعوة لإطلاق الأسرى أو مبادلتهم.
وأتبع السنوار رسالته بحديث نبوي يقول: “عُودوا المريض، وَأَطْعِمُوا الجَائعَ، وفكُّوا العَاني”.
ووفق تفسير الشيخ ابن باز لهذا الحديث، فهو دعوة للمسلمين لزيارة المرضى، وإطعام الجائع، والتعاون على البر والتقوى، و”فكّوا العاني” يعني الأسير.
واتفقت شهادات رهائن إسرائيل الذين جرى إطلاق سراحهم عندما توصل الطرفان إلى هدنة مؤقتة في نوفمبر 2023 مع وصية “السنوار” لمقاتلي الحركة، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن شهادات الأسرى أكدت أن الحركة أحسنت معاملتهم، وأنهم “لم يتعرضوا للعنف ولا للإهانة، وحاول عناصر حماس تزويدهم بالغذاء والمسكنات وأدويتهم الاعتيادية قدر المستطاع”.
وجاء التوجيه الثالث من السنوار بالقول: “أسرى العدو ورقة ضاغطة بأيدينا، فيجب أن نحرص على تأمينهم؛ لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.. واجب فك أسرانا لا يتم إلا بحراسة أسرى العدو، وإن أجر تحرير الأسرى يُسجل لصالح المجاهدين”.
وما ذكره السنوار في قوله “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” هو قاعدة أصولية تُسمى بمقدمة الواجب، وتعني أن أي أمر واجب إذا لم يُمكن القيام به إلا بتحقيق شيء آخر، فإن ذلك الشيء الآخر يصبح واجبًا أيضًا لتحقيق هذا الواجب.
وبالتالي، وبحسب موقف السنوار، فإن تأمين الرهائن الإسرائيليين بات واجبًا لتحقيق فك أسر الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ولا تزال معضلة الأسرى المحتجزين لدى حماس تمثل أساساً لعملية المفاوضات المتعثرة بين الجانبين.
ومنذ السابع من أكتوبر، تم إطلاق سراح 116 أسيراً محتجزين في قطاع غزة، من بين 251 أسيرًا بحسب تقديرات الحكومة الإسرائيلية.
ورجحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن 73 من الرهائن لا زالوا على قيد الحياة، بينما ترجح مصادر أجنبية أن عدد الأحياء أقل.
لماذا تهدف الوثائق؟
ووفق تقدير الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة، أحمد سلطان، فإن رسائل السنوار بخط يده موجهة لـ”وحدة الظل” في كتائب القسام، وهي المُكلفة بتأمين الأسرى الذين تحتجزهم الحركة وجناحها العسكري منذ السابع من أكتوبر 2023.
ويُنظر إلى “وحدة الظل” باعتبارها واحدة من أقوى وحدات “كتائب القسّام” سرية واحترافية، في حين تتولى بشكل رئيسي الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين، والتغطية على أماكنهم، وتضليل الاستخبارات الإسرائيلي بشأن أماكن احتجازهم.
وذكرت تقارير صحفية أن محمد الضيف كان يتولى الإشراف على “وحدة الظل”.
وقال “سلطان” في تصريحات لمصراوي، إن تلك الوحدة “لا تزال تعمل بكفاءة، رغم الضربات التي تلقتها كتائب القسام بشكل عام على مدار عام كامل”.
لكن سلطان رجح أن تكون تلك الرسائل جرى كتابتها أواخر العام الماضي، قبيل الهدنة التي جرى التوصل إليها في نوفمبر.
وكان لافتًا وفق الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة، اللغة التي تحدث بها السنوار عن الأسرى، والتي تكشف عن “معرفة شرعية له عن القواعد الفقهية والأصولية، والحديث عن حكم الأسير استنادًا لشواهد شرعية”.
وأضاف: “السنوار يُسقط حكمه على صفقة لتبادل الأسرى وليس إطلاقًا غير مشروط للرهائن أو مقابل صفقة مالية”، معتقدًا أن تسريبها هذه الأيام يأتي “كجزء من الضغط النفسي والحرب المعنوية من حماس ضد المجتمع الإسرائيلي”.
اقرأ أيضًا:
كتبها بخط يده.. وصية السنوار لمقاتلي حماس بشأن الأسرى