08:15 م
الأربعاء 26 يوليو 2023
تقرير – طارق الرفاعي:
ارتبطت مهنة “الفران” في المخابز البلدية بالرجال كونها من الأعمال الشاقة التي تحتاج لتحمل شديد نتيجة الوقوف لساعات طويلة أمام صهد النيران، إلا أنه في محافظة بورسعيد اخترقت الحاجة “زغلولة” عالم الرجال طوال 30 عامًا بحثًا عن الرزق الحلال.
وداخل أحد أقدم المخابز البلدية في حي العرب تقف السيدة الخمسينية من العمر أمام صهد النيران لساعات طويلة يوميًا، وتبدأ حديثها لـ”مصراوي” قائلة: “عندي 50 عامًا وتزوجت وعمري 17 عامًا، وكان زوجي وقتها مجرد عامل في مخبز بلدي، وبعد زواجنا بأيام نزلت للعمل معه لأسانده ونكافح سويًا ومن هنا تعلمت الصنعة، ومع العمل والعرق والصبر اشترى زوجي المخبز وأصبح مالكه، ورزقنا الله تعالى بولد وبنتين”.
وتابعت حديثها بنبرة فخر: “عندما توفي زوجي منذ 9 سنوات، لم يكن أمامي سوى خيار واحد وهو تحمل المسئولية لتربية أبنائي الثلاثة، فحصلت على قرض من جمعية تنمية المشروعات الصغيرة، واشتريت الخامات وعملت بالمخبز 24 ساعة يوميًا، وعندما كنت أشعر بالتعب أنام على كنبة خشب مفروشة بورق من الكرتون داخل المخبز، والحمد لله نجحت بفضل الله تعالى في زواج ابني وبنتي ولم يتبقى سوى الابنة الصغرى في المرحلة الإعدادية”.
وأضافت: “جميع أولادي يعملون معي في المخبز وحتى البنات، وأحاول أن أعلمهم الاعتماد على النفس، ورغم أنها مهنة شاقة فهناك بعض الرجال لا يتحملونها، لكنني أعمل بها منذ 30 عامًا، وصهد نيران الفرن أرحم بكثير من الحوجة ومد الإيد”.
واستطردت: “المخبز هو بيتي، جمعت أبنائي وعدد من أفراد عائلتي للعمل به، وربيت أولاد شقيقتي وشقيقي، وزوجت ابنتي الكبرى من ابن شقيقي الذي يعمل معنا في المخبز”.
واختتمت الحاجة “زغلولة” حديثها قائلة: “أنا لا أحب الهزيمة، ولم أمد إيدي لأحد طوال حياتي، ربنا ساعدني ومدني بالصحة والستر، وربنا يقدرني وأكمل تعليم ابنتي الصغرى وأزوجها، وأشوفهم كلهم في أحسن حال، اللقمة الحلال مفيش أطعم منها”.