07:26 م
الثلاثاء 05 سبتمبر 2023
الإسكندرية – محمد البدري:
نباتات نادرة وسط مساحات خضراء شاسعة تزينها تماثيل شخصيات يونانية وإغريقية ارتبطت بثقافات الإسكندرية القديمة؛ هي حدائق أنطونيادس الشهيرة أحد أهم معالم المدينة الساحلية التي عاصرت أحداثا تاريخية من عصور مختلفة وشكلت وجدان أبناء عروس البحر الأبيض المتوسط.
يرصد مصراوي في التقرير التالي لمحات من تاريخ حدائق أنطونيادس وأبرز معالهما
“جنات النعيم البطلمية”
لا أحد يعرف على وجه التحديد متى ظهرت منطقة حدائق أنطونيادس للوجود، إلا أن مؤرخين أرجعوا تاريخها إلى عهد البطالمة، واعتبروها أحد أقدم الحدائق القائمة المعروفة في مصر والعالم.
يرجع سبب ارتباط تاريخ حدائق أنطونيادس بالعصر البطلمي في مصر، باعتبارها تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو ما يعرف بـ”جنات النعيم”، وهذه الضاحية عاصرت أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة في عروس المتوسط.
امتلكتها الأسرة العلوية
في بداية القرن التاسع عشر كانت الحدائق ملكًا لأحد أثرياء اليونان، وعُرفت آنذاك باسمه “حدائق باستيريه”، حتى تملكها محمد علي باشا. وفي عام 1860 أمر الخديوى إسماعيل الفنان الفرنسي “بول ريشار” بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس، التي أقام بها أثناء فترة وجوده بفرنسا.
تصميمات متعددة الثقافات
كانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 50 فدانًا، ووصلت مساحة الحدائق نتيجة التوسعات إلى نحو 90 فدانًا، وأضيف عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إليها، فيما امتزجت داخلها تصميمات على طرز ونظم مختلفة تجمع بين العربية والإسلامية واليونانية والفرنسية وغيرها من الثقافات.
أرض البارون أنطونيادس
في عام 1860 انتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء اليونانين؛ البارون جون أنطونيادس، والذي سميت الحدائق باسمه لاحقًا، وكان من أشهر رجال التجارة في مصر.
وصية هدية الإسكندرية
ظل جون أنطونيادس نحو ربع قرن مقيمًا بالقصر، وعندما توفي عام 1895 آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي عاش بالقصر فترة، وقبل وفاته نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية في عام 1918 ميلادية، لتحمل الحدائق اسم أنطونيادس حتى وقتنا الحالي.
تماثيل مرمرية أسطورية
يزين حدائق أنطونيادس مجموعة فريدة من التماثيل الرخامية النادرة لشخصيات أسطورية وتاريخية منها تماثيل فينوس وكريستوفر كولومبس وماجلان، بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة وتماثيل أسود مصنوعة من أحجار المرمر.
أنطونيادس.. ذاكرة التاريخ
داخل منطقة الحدائق التاريخية، يقع قصر أنطونيادس الملكي، الذي كان شاهدًا على أحداث تاريخية وسياسية واجتماعية لفتت أنظار العالم في تلك الفترة من شدة أهميتها على المستوى الدولي.
مقر شهر عسل الشاه
استضاف القصر العديد من ملوك وأمراء العالم أثناء فترة إقامتهم بالإسكندرية مثل ملوك بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وألبانيا، وشهد القصر فترة بداية زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي بالأميرة فوزية، حيث أقاما به خلال فترة شهر العسل.
هنا أبرمت اتفاقية الجلاء
كان قصر أنطونيادس شاهدًا على بعض الأحداث التاريخية الهامة لمصر في العصر الحديث حيث أبرمت فيه معاهدة الجلاء عن مصر عام 1936 بين الحكومتين المصرية والبريطانية، وغُرست شجرة في مدخل القصر تخليدا لهذه المناسبة.
بذور ميلاد جامعة الدول
شهد القصر الاجتماع التحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944 واختيار مصر مقراً لها، كما بعقد أول اجتماع للجنة غوث اللاجئين، وأول لجنة أوليمبية في مصر.
مشروع مكتبة الإسكندرية
بعد انتقال ملكية الحدائق والقصر للحكومة المصرية، آلت حيازته إلى وزارات الزراعة والري، ثم أشرفت عليه محافظة الإسكندرية، وأشرفت عليه مرة أخرى وزارة الزراعة، وفي عام 2004 منحت الحكومة القصر لمكتبة الإسكندرية، لتحويله إلى مركز ثقافى يضم متحفًا لحضارات البحر المتوسط.
صور مبهرة تشعل منصات التواصل
مؤخرًا، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صورًا وُصفت بالمبهرة لحدائق أنطونيادس التاريخية بعد إتمام نسبة كبيرة من أعمال التطوير التي كانت بدأت العام الماضي ورافقها جدلا واسعا آنذاك.
وأظهرت الصور المتداولة مشاهد للحديقة لاقت استحسان غالبية المتابعين الذين علقوا بأن طريقة التطوير أعادت الموقع التاريخي جماله المختفي بفعل الزمن.
وشهدت الإسكندرية خلال العام الماضي حالة من الجدل حول أعمال تطوير بحدائق أنطونيادس الشهيرة وسط مخاوف من تأثر معالم الحديقة التاريخية سلبا، وخاصة الأشجار النادرة بالأعمال التي تجرى بها.
دفع الجدل المثار آنذاك والتكهنات حول مصير الحديقة، مجلس الوزراء لإصدار بيانا توضيحيا عبر مركزه الإعلامي، جاء فيه أنه فى ضوء ما تردد من أنباء حول تجريف حديقة أنطونيادس بالإسكندرية وقطع الأشجار النادرة بها، تواصل المركز مع محافظة الإسكندرية، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدة أنه لا صحة لتجريف حديقة أنطونيادس بالإسكندرية أو قطع الأشجار النادرة بها، مُوضحةً أن حديقة أنطونيادس تعد أحد أهم الحدائق التراثية القديمة بالإسكندرية التي لا يمكن المساس بها، مُشددةً على تنفيذ خطة شاملة لتطوير الحديقة ورفع كفاءة جميع خدماتها، مع الحفاظ على كافة محتوياتها من التماثيل والنباتات والأشجار النادرة الموجودة بها، وذلك بهدف إعادتها لرونقها وطابعها التراثي التي كانت عليه، لتصبح بذلك مركزاً ترفيهياً حضارياً اجتماعياً بالمحافظة.
شجرة مُعمرة تعيد الجدل
مؤخرًا، عادت حالة الجدل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول منشور على نطاق واسع بشأن قطع شجرة معمرة داخل حدائق أنطونيادس وسط مخاوف من تأثر النباتات النادرة ومعالم الحديقة التاريخية بأعمال التطوير الجارية.
وتداول عدد من مستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي، منشورا زعم قطع شجرة نادرة من الأشجار المعمرة يصل عمرها نحو 200 سنة داخل حديقة أنطونيادس وسط مطالبات بتوضيح حقيقة ما يحدث.
شجرة أنطونيادس في موقعها
مصراوي أجرى جولة داخل حديقة أنطونيادس لاستيضاح حقيقة الأمر، وتبين أن الشجرة المُعمرة المعروفة باسم “شجرة طرزان” لاتزال في موقعها ولم تتعرض لأي قطع أو تجريف على عكس المشار إليه في صفحات التواصل الاجتماعي.
فيما رصد مصراوي استمرار أعمال تطوير المسطحات الخضراء ورفع كفاءة الحديقة وفق المعلن عنه منذ العام الماضي.
ونفى مسؤولون في إدارة حدائق أنطونيادس وديوان عام محافظة الإسكندرية عبر اتصالات هاتفية لمصراوي، صحة ما يجرى تداوله عبر صفحات التواصل الاجتماعي بشأن قطع أشجار معمرة وإزالة نباتات نادرة أو عمل أي إجراء يشوه معالم الحديقة التاريخية، موضحين أن ما يثار حاليا عبارة عن معلومات مغلوطة يعاد تدويرها بين حين وآخر بهدف إثارة الجدل إذ كان جرى تداول منشوارت مماثلة في العام الماضي ونُفيت صحتها.