جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
يعتبر الدور التنموي للدولة أحد أهم الأدوار التي تضطلع بها إلى جانب أدوارها في تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير البنية التحتية.
ولا يعني وجود الدولة في محور العملية التنموية اختفاء أو تراجع الأطراف الأخرى في المجتمع. فلا يمكن تصور حدوث التنمية باستبعاد الدولة أو عناصر المجتمع المدني. وهو الأمر الذي يجب أن يدفع صانعي السياسات إلى التخلي عن فكرة “إما .. أو”.
إن تشارك الطرفين في العملية التنموية لا يعني أنه لا توجد أولويات تنموية تعتني بها الدولة بمفردها. وبالتالي فإن دور الدولة في تحقيق تلك الأولويات يعد ضروريا وحاسماً.
وتجدر الإشارة إلى أنه من أهم تلك الأولويات التنموية للدولة هي الحفاظ على وتطوير البنية التحتية، ويُقصد بالبنية التحتية كل من البنية التحتية البشرية والمادية. أما بالنسبة للبنية التحتية البشرية فإن من أهم أولويات الدولة في هذا الشأن هو الحفاظ على صحة أفراد المجتمع والعمل علي تزويدهم بالمعارف اللازمة وتمكينهم. وهذه الأدوار تتطلب أيضاً توفير الغذاء الكافي واللازم للعمل وللإنتاج. بعبارة أخرى، من أهم أولويات الدولة التنموية هي تحقيق التأمين الصحي وتوفير التعليم الأساسي وتحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تأسيس البنية التحتية المادية وفي مقدمتها المياه النظيفة والكهرباء.
ومما لاشك فيه أن تلك الأولويات تحتاج إلى تمويل حكومي هائل، حيث قد لا يقبل القطاع الخاص بالضرورة علي الاستثمار فيها بسبب تأخر عوائدها الربحية.
ويصبح الأمر أكثر صعوبة إذا كان المجتمع فتيّاً وشاباً كالمجتمع المصري، ويقع نصف عدد سكانه تحت سن الـ٢٥ سنة، فيصبح عبء تمويل الأولويات التنموية السابقة مضاعفاً. وهو ما يتطلب تدخل القطاع الخاص والمجتمع المدني إلى جانب الدولة في تمويل تلك الأولويات الحيوية.
وبالنظر إلى دور الدولة في مصر في إطار مجتمع فتيّ، وفي ظل تراجع معدلات الاستثمار الخاص المحلي والاجنبي وعدم كفاية إيرادات الدولة للقيام بأدوارها التنمية وتمويل تلك الأدوار يصبح لزاماً على الدولة فتح المجال أمام مشاركة أطراف أخرى في تمويل خدمات كالتعليم والصحة والأنشطة الزراعية. ولكن هذه المساحة من المشاركة لا تعني أن تتوقف الدولة عن البحث عن تمويل لتلك الاستثمارات الحيوية، أو أن تمول تلك الاستثمارات بالاستدانة مما يزيد من تكلفة تمويلها في المدى الطويل.
إن ما سبق يمثل تحدياً كبيراً لدولة كمصر ويحتاج إلى تكاتف كافة الجهود من أجل تحقيقه، كما يتطلب تحديد مدى زمني يتم الالتزام به كخمس سنوات على سبيل المثال من العمل الدؤوب.