جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ألغى البيت الأبيض حفل الإفطار الرمضاني الذي كان يقيمه في كل سنة، ورغم أنه لم يذكر الأسباب إلا أنها معلومة ونستطيع تخمينها بسهولة.
والأسباب يمكن أن نقول أنها ترجع إلى إحساس ادارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن أحداً من الجالية العربية الإسلامية لن يلبي الدعوة إذا وجهتها الإدارة، أو أن الجالية نفسها أعطت من الإشارات ما يفيد أنها لن تستجيب للدعوة كما كانت تفعل في سنوات سابقة.
والأخبار المنشورة تقول إن بايدن يواجه غضباً من الناخبين العرب والمسلمين في بلاده، بسبب موقفها من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر.. وهذا طبيعي لأن الموقف الأمريكي من الحرب كان ولا يزال موقفاً منحازاً سافراً، وكان ولا يزال موقفاً لا يتسق أبداً مع ما تتحدث عنه الولايات المتحدة من مبادئ سياسية، وكانت واشنطون ولا تزال تدوس فوق كل مبدأ إنساني في طريقها، وإلا، فما معنى أن تظل تمد حكومة التطرف في تل أبيب بالسلاح الذي تقتل به الأطفال في القطاع.
ولكن الأمل كان ولا يزال أن يكون للناخب العربي أو المسلم موقف عملي في أمريكا، لا مجرد موقف من دعوة رمضانية سنوية كانت الجالية تستجيب لها وتحرص على حضورها.
فالرئيس بايدن يخوض السباق الرئاسي الى البيت الأبيض، وفي الخامس من نوڤمبر المقبل سيكون الاقتراع الذي سيفرز اسم صاحب المكتب البيضاوي.. وحتى الآن فإن هذا الاسم إما أن يكون دونالد ترمب أو أن يكون جو بايدن.. هذا إذا لم يظهر اسم جديد فجأة، فيكون الفوز من نصيبه، وليس من نصيب ترمب ولا بايدن .
وسواء ظهر اسم جديد أو لم يظهر، فالرئيس بايدن يخوض السباق ويصمم على أن يفوز بولاية رئاسية ثانية وأخيرة.
ولكن في التجوال الذي يقوم به بين الولايات لم يتضح أن للجالية العربية أو الإسلامية تأثير في حظوظه بين الناخبين، وقد كانت الأصوات التي حصل عليها في ولاية ميتشيجان على سبيل المثال دليلاً على أن هذه الجالية لم تؤثر في أصوات الولاية كما يجب.
ففي ميتشيجان أكبر عدد من العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، وهي تتميز بذلك على بقية الولايات الخمسين، وعندما خاض بايدن الإنتخابات التمهيدية فيها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، حصل على النسبة الأعلى من الأصوات بالمقارنة على مرشح ديمقراطي آخر كان يخوضها ضده، وكان هذا في حد ذاته مما يدل على أن الجالية لم تمارس الدور الذي كان عليها أن تمارسه.
ليس هذا وفقط، ولكن بايدن ذهب إلى نيويورك يجمع التبرعات لحملته الانتخابية، فجمع ٢٥ مليون دولار في ليلة واحدة، وكان معه ديمقراطيان كبيران هما باراك أوباما وبيل كلينتون، الرئيسان اللذان قضيا ١٦ سنة في البيت الأبيض.
وعندما جرت مقارنة بين ما جمعت حملة بايدن، وما جمعت حملة ترمب، تبين أن ما جمعته الأولى في ليلة يزيد على ما جمعته الثانية في شهر !
ولا معنى في هذا كله، إلا أن الجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة مدعوة الى أن تراجع الطريقة التي تتفاعل بها هناك مع السياسة، فالقضية ليست أن يقاطع ممثلو الجالية حفل إفطار في البيت الأبيض، أو أن يحضروه، وإنما القضية أن يصل تأثير الجالية الى داخل هذا البيت، وبما يخدم مصالح كل عربي وكل مسلم في بلاد العم سام.. هذه هي القضية ولا قضية أخرى .