02:11 م
الثلاثاء 16 يناير 2024
كتب – محمود سعيد:
أحالت النيابة الإدارية بأبوتيج، طبيبٍ وممرضتين بإحدى المستشفيات الكائنة بمحافظة أسيوط للمحاكمة التأديبية، على خلفية إهمالهم في أداء واجباتهم الوظيفية؛ مما كان من شأنه تدهور الحالة الصحية لطفل يبلغ من العمر أربع سنوات كان قد أُدخل للمستشفى لإجراء جراحة “استئصال اللوزتين واللحمية” تحت التخدير العام نَتَجَ عنها تداعيات أسفرت عن وفاته.
المحالون هم؛ أخصائي التخدير، وممرضة قسم الجراحة، وممرضة العمليات بالمستشفى.
وكانت النيابة الإدارية بأبو تيج قد تلقت بلاغًا من مديرية الشئون الصحية بأسيوط بشأن الواقعة، وكشفت التحقيقات التي باشرها المستشار/ محمد حسن، بإشراف المستشار خالد الشربيني – مدير النيابة، عن أن الطفل المتوفي كان قد جَرى إدخاله للمستشفى لإجراء عملية استئصال اللوزتين واللحمية تحت التخدير العام، وعقب تمام إجراء الجراحة ونقله لغرفته، لاحظ والده ارتفاع صوت تنفس نجله مع تحول لون جلده للون الأزرق، فَهَرع إلى غرفة التمريض وأبلغ الممرضة بحالته، والتي بدورها حضرت وحملت الطفل وتوجهت به إلى غرفة العمليات مرة أخرى حيث جَرَت محاولات إنعاشه بمعرفة أكثر من طبيب لمدة ساعة قبل قرارهم نقله إلى مستشفى آخر مجهز بوحدة رعاية مركزة.
وأثبت بتقرير دخوله لوحدة الرعاية المركزة وجود هبوط حاد في الدورة الدموية، ونقص مستوى الأكسجين بالدم، وفشل بوظائف التنفس واعتلال بدخول الهواء إلى الرئتين، واضطراب بدرجة الوعي، وتشنجات عصبية متكررة، واضطراب ضربات القلب؛ مما استلزم وضع الطفل على جهاز التنفس الصناعي وعمل الفحوص الطبية اللازمة وإعطاءه العلاج الطبي حسب البروتوكول المتبع بالعناية المركزة، وظل على ذلك الحال قرابة الشهر حتى تدهورت حالته الصحية وحَدَث توقف عضلة القلب وفشل وظائف التنفس ولم تفلح محاولات إنعاشه قلبيًا ورئويًا وتوفي إلى رحمة الله.
وأجرت النيابة الإدارية بأبوتيج تحقيقاتً موسعةً استمعت فيها لشهادة كلٍ من: استشاري الأنف والأذن والحنجرة الذي جَرى تكليفه بمعاينة غرفة عمليات المستشفى عقب الحادث، وطبيب أخصائي القلب والأوعية الدموية بالمستشفى، ورئيس قسم التخدير وأربعة من أخصائي التخدير، وطاقم تمريض المستشفى وقسم العمليات ومشرفيه، ومسئول الخدمات المعاونة بغرفة العمليات، ووالد الطفل المتوفى الذي شهد بتنازله عن المحضر الجنائي رغبة منه في الحفاظ على جثمان نجله المتوفى “دون تشريح”.
وتحفظت النيابة الإدارية بأبوتيج على التحاليل الطبية الخاصة بالطفل المتوفى والتي تم إجراؤها قبل خضوعه للجراحة، وتذكرة الدخول للمستشفى، ومذكرة رئيسة قسم التمريض بالمستشفى، ودفاتر توزيع العمل، وقيد العمليات، وتسليم وتسلم تذاكر الدخول للمستشفى عن يوم الحادث، وتقرير مدير إدارة المستشفيات بمديرية الشئون الصحية بأسيوط، والتقرير الطبي المُعَد من استشاري الأنف والأذن والحنجرة بشأن فحص تذكرة الطفل المتوفي.
وأسفرت تلك التحقيقات، وفي ضوء شهادة الشهود والمستندات المرفقة، عن ثبوت ارتكاب المتهمين للإهمال الجسيم لواجبات وظيفتهم على النحو التالي، الأول “أخصائي التخدير القائم على تخدير الطفل المتوفى وقت إجراء عملية استئصال اللوزتين واللحمية”، باشر إجراء التخدير العام للطفل دون التحقق من إثبات التاريخ المرضي له، وبيان مدى لياقته الطبية لإجراء الجراحة، وعدم تحققه من توافر التحاليل الطبية والفحوص اللازمة.
كما صَرَّحَ بخروج الطفل من غرفة العمليات بعد إجراء الجراحة دون التحقق من اكتمال مظاهر الإفاقة التامة، وحال انخفاض نسبة الأكسجين الواصل للدم جَرّاء عدم كفاءة الرئة بعد التخدير، وفشل وظائف التنفس مع عجز الطفل عن التعبير لاضطراب درجة الوعي لديه؛ وما استتبع ذلك من اضطراب بضربات القلب ودخوله في تشنجات عصبية متكررة انتهت بوفاته بعد فشل محاولات إنعاشه.
وكلف أحد عمال الخدمة المعاونة بتسليم الطفل بعد انتهاء العملية الجراحية إلى القسم الاقتصادي دون حضور أحد أفراد التمريض بالقسم المشار إليها بالمخالفة للبروتكول الطبي المعمول به في هذا الشأن.
المحالة الثانية “بوصفها ممرضة قسم الجراحة المختصة بالحالة في ذلك اليوم، قَعدت عن أداء واجبها الوظيفي بعدم استلامها الطفل المتوفي من غرفة الإفاقة عقب انتهاء العملية الجراحية، وأهملت متابعة العلامات الحيوية للطفل المتوفى فور دخوله لغرفته بالقسم الاقتصادي، وتراخت في متابعته إلى ما بعد حصول الاختلال في علاماته الحيوية؛ مما أدى إلى تضرر خلايا المخ من نقص الأكسجين وعدم إمكان تداركها لاحقًا، وقامت بالتزوير في تذكرة الطفل العلاجية بأن عدلت حالة وعي الطفل المتوفى بتذكرته العلاجية في يوم العملية وبغير اختصاص منها من “واعٍ” إلى “غير واعٍ” حال عدم استلامها الطفل بالأساس من غرفة العمليات تاركةً ذلك لعامل خدمات معاونة بهدف ستر تلك المخالفة.
المحالة الثالثة وبوصفها ممرضة العمليات بالمستشفى المسئولة عن الحالة في يوم إجراء الجراحة”، قامت بتسليم الطفل بعد إجرائه للعملية الجراحية إلى أحد عمال الخدمات المعاونة لنقله إلى غرفته بالقسم الاقتصادي بالمستشفى، حال وجوب تسليم وتسلم الحالات فعليًا بين تمريض العمليات وتمريض القسم؛ بما حال دون إمكان متابعته الحالة حتى تدهور العلامات الحيوية وعدم إمكان تداركها.
وفي ضوء ما تقدم أمرت النيابة الإدارية بأبوتيج، بإحالة المتهمين جميعًا للمحاكمة التأديبية.