جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
علمنا في مقالات سابقة أهمية الأخلاق للمجتمع ومن ثم للفرد الذي يشكل هذا المجتمع ويُسيره. ونظراً لأن الأخلاق موضوعاً قيمياً ومعيارياً ويختلف مضمونه وعناصره من مجتمع لآخر فكان من الصعب أن يصدر بشأنه تقارير أو مؤشرات دولية مثل التقارير الدولية المتعلقة بمؤشرات السعادة والرفاه أو تقارير التنمية البشرية التي يمكن اعتبارها انعكاساً للحكم الجيد وللقيم التي تتبناها الدولة.
وفي هذا الإطار، أطلق السيد رئيس الجمهورية منذ عدة أسابيع مبادرة للتنمية البشرية تحت عنوان “بداية جديدة لبناء الإنسان”. وتطلق المبادرة برنامج البداية الذهبية للأسرة والطفل من سن صفر إلى 6 سنوات. وتهدف إلى الاستثمار في أهم مرحلة من مراحل حياة الانسان وهي مرحلة الطفولة المبكرة التي يتشرب فيها الطفل كافة القيم والمعارف والمعلومات، كما يتم في هذه المرحلة تشكيل وجدانه. وبالإضافة لما سبق، تركز المبادرة على توعية الوالدين بأهمية تلك المرحلة. كما تستهدف المبادرة تقديم الرعاية الصحية الشاملة للطفل حتى ست سنوات.
ويمكن اعتبار الجزء المتعلق بحماية الطفل من العنف هو الأكثر ارتباطاً بموضوعنا وهو الأخلاق. فالطفل قد يتعرض للعنف في بيئته الأسرية أو المدرسية أو في المجتمع المحيط به. وحماية الطفل من العنف مسئولية ملقاة على عاتق الدولة والمجتمع.
فصحيح أنه من أهم واجبات الدولة توفير الخدمات الأساسية لأفرادها من رعية صحية وتعليم ومياه نظيفة وأمن، إلا أنه من بين مسئولياتها غرس القيم الأخلاقية في المجتمع والتوعية بها حتى يمكن الحد من العنف بشتى صوره.
فمن الصعب تصور بناء إنسان جديد بمعزل عن الاعتبارات الأخلاقية والقيمية، وهي ذات الاعتبارات التي يمكن استخلاصها بتحليل خطاب رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات، خاصة من خلال قيامه بربطها بالإطار الديني – الأخلاقي بتأكيده على النزاهة والمساءلة والمحاسبة أمام الله.
إن ما سبق يؤكد أن الأخلاق هي اللبنة الأولى في مؤسسة بناء الإنسان. فالطفل الذي يشب على احترام الآخر وعلى قيم المساواة والعدالة وعدم التمييز وعلى الحفاظ على بيئته وعلى مراعاة ضميره سيشب إنساناً قادراً على بناء مجتمع آمن وصحي ومنتج.
وحيث أن الدولة هي شخصية معنوية اعتبارية تعمل من خلال مؤسسات، فلابد من توجيه تلك المؤسسات وخاصة المدرسة ودور العبادة والجامعة تحديداً إلى القيام بمهمة ترسيخ الأخلاق والتعريف بالنماذج المشرفة في هذا الشأن وتكريمها حتى تكون هي النموذج الذي يُحتذى به، خاصة وأنه من الصعب أن نجد إنساناً ناجحا ً ومتفوقاً بدون توجيه أخلاقي وقيمي.
وعليه، نتطلع إلى أن تتضمن مبادرة ” بناء إنسان جديد” محوراً متعلقاً بترسيخ الأخلاق الحميدة حتى نؤسس لصحة نفسية جيدة إلى جانب الصحة الجسدية للطفل.