11:12 م
السبت 28 أكتوبر 2023
الإنترنت في غزة.. «العالم قرية صغيرة إلا قليلا»
كتب- عبدالله عويس:
مع ظهور التلفاز، باتت العبارة إن العالم قرية صغيرة، ثم تقلصت مساحة القرية افتراضيا، فباتت أكثر صغرا. الشبكات والتطبيقات التي تصل العالم ببعضه، من أي بقعة إلى أخرى، باتت محجوبة في غزة، فبدا القطاع معزولا عن العالم، افتراضيا وواقعيا، على خلفية حصار مستمر لـ17 عاما، تلاه حصار آخر بالآليات العسكرية، تمهيدا لغزو بري، فيما انقطعت كافة خدمات الاتصال والإنترنت عن القطاع منذ مساء أمس، الجمعة.
تقول شركة الاتصالات التي تزود القطاع بالخدمة، إن القصف الشديد تسبب في الساعات الأخيرة في تدمير آخر المسارات الدولية التي تصل غزة بالعالم الخارجي، إضافة إلى مسارات مدمرة مسبقا، ما أدى لانقطاع كامل خدمات شركات الاتصالات. حدث ذلك في وقت كان القصف الإسرائيلي على القطاع هو الأعنف منذ السابع من أكتوبر الجاري.
تتابع سمية مجدي، عشرات المؤثرين من غزة، تترقب أخبارهم وصورهم والفيديوهات التي ينشرونها من داخل القطاع، لكنها منذ أمس وحتى اليوم لم تشاهد شيئا من كثير منهم، وينتابها القلق على بعضهم، إذ تشعر أنه صارت بينها وبينهم حكايات افتراضية، وقرب افتراضي، أزاحه انقطاع خدمات الإنترنت.
وفيما كانت الشابة تتساءل عبر حسابها الشخصي عبر موقع فيسبوك، حول ما إذا كان البعض يعرف تفاصيلا أو أخبارا عن بعض المؤثرين فإن تلك التساؤلات كانت مطروحة أيضا على ألسنة كثيرين وتدويناتهم، ينتظرون ظهورا لمن يتابعون، صغارا وكبارا.
القطاع الذي يبلغ طوله 41 كيلو مترا، و10 كيلو مترات للعرض، ويضم نحو 2.3 مليون مواطن، عاش ليلة قاسية مساء أمس، في سلسلة من ليال صعبة، يفقد السكان فيها بعضهم البعض، وتقصف البيوت، وتهبط المنازل من أعلى لأسفل على إثر غارة، وفيما كان ليل غزة مشتعلا بالنار، كانت المواقع الافتراضية عربيا غارقة في التساؤل «كيف ستكون غزة في الصباح؟».
ومع انقطاع الخدمات، روج كثيرون لتطبيق عالمي لخدمة الراديو، يستطيعون فيه التعرف على ما يجري في القطاع من خلال إذاعة القدس، وسط مشاركة واسعة للموقع والتطبيق، على أمل معرفة ما يجري، فيما انتشرت وسوم (هاشتاج) تطالب بإمداد غزة بخدمات الإنترنت، في وسم حمل اسم «ستار لينك من أجل غزة».
كان محمود عبد الخالق، أحد من دونوا تحت ذلك الوسم، معتبرا الأمر جريمة، لا سيما في ظل قصف مستمر وقتلى وإصابات من الصعب العثور عليهم، أو التوصل إليهم، أو حتى الإبلاغ عنهم دون إنترنت وشبكة اتصال، في ظل قطاع صحي على شفا كارثة وفق منظمات أممية «هذا الأمر وحدوثه في عام 2023 أمام العالم أجمع غير منطقي، هذه خطوات إلى الخلف لا الأمام».
وهذا النظام خاص بالاتصالات عبر الأقمار الصناعية، يملكه الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، ليعلن دعم المنظمات الإغاثية المعترف بها في غزة دوليا بتلك الخدمة. وكان ذلك تعليقا على تغريدة لنائبة أمريكية، حذرت فيها من مخاطر قطع الإنترنت، ليعلن ماسك أن شركته «سبيس إكس» ستقدم الخدمة للمنظمات الإغاثية.
وسبق لماسك أن استخدم الأمر في الحرب الروسية الأوكرانية، حين أعلن عن تدشين شبكة إنترنت مجانية في أوكرانيا، في ظل هجمات روسية أضرت بالبنى التحتية وانقطاع الخدمات في بعض المدن الأوكرانية من شبكات اتصال وإنترنت على السواء.
لكن وخلال مساء اليوم، قال وزير الاتصالات الإسرائيلي، إن بلاده ستستخدم الوسائل الكافية لمنع ماسك من تزيد منظمات الإغاثة بخدمة الإنترنت، وهو تعليق لاقى غضبا وتنديدا واسعين.
وبات الوسم «#starlinkforgaza» متصدرا قوائم الأكثر رواجا على منصة «إكس» تويتر سابقا، وما تزال التغريدات مستمرة بشأن الأمر في كثير من الدول العربية، فيما استغله آخرون لنشر جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة، بصور ومقاطع فيديو تثبت وتوثق المجازر المرتكبة بحق فلسطينيين.
قطع شبكات الاتصال وخدمات الإنترنت في غزة، دانته منظمات عدة، وسبق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن “أصدر قرارا عام 2016 يدين بشكل لا لبس فيه التدابير الرامية إلى المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت، مما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، داعيا جميع الدول إلى وقف أي تدابير من هذا النوع والامتناع عنها” بحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة.