جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
شهدت الأعوام الخمس السابقة احتفاء بإنجازات الثورة الصناعية الرابعة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. وقد اعتبرت معظم الدول أن تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي هو ثورة تقنية لم تتحقق من قبل، وأن أدوات الذكاء الاصطناعي إعلان عالمي بتفوق وكمال البشرية!
ولكن هل يجب فعلاً الاحتفاء بهذا الشكل بأدوات الذكاء الاصطناعي؟ الذكاء الاصطناعي تقنية ذات قدرات تشبه قدرات الانسان في حل المشكلات. ويرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يحاكي الذكاء البشري في العمل، حيث يمكنه التعرف على الصور وكتابة المقالات واقتراح حلول بل يمكنه – في نظر البعض- كتابة قصائد والتنبؤ القائم على البيانات. وقد سُمي بالذكاء الاصطناعي وليس الصناعي لنفي صفة الذكاء عن الآلة في المقام الأول ووصفها بأنها ” تتظاهر الذكاء”.
والتساؤل الثاني الذي يجب أن نسأله لأنفسنا هو ما الهدف من تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي؟ هل هو من أجل تحقيق السرعة والكفاءة في إنجاز المهام البشرية المعقدة؟ وهل تستطيع تلك التقنية – مثلا- استخراج المواد الأولية وتحويلها إلى مواد متنوعة قابلة للاستخدامات المختلفة؟
مما لاشك فيه أن الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة بحق في مساعدة الإنسان والبشرية في إنجاز بعض المهام، ولكن قد أختلف مع البعض حول اعتبار الكفاءة والنضج بدرجة أقل. فيمكن أن يتحقق النضج في هذه التقنية من خلال تطوير استخداماتها وأدواتها التي تسير بشكل سريع للغاية، فمنذ عام ونصف كان لدينا أداة أو أداتين للذكاء الاصطناعي والآن لدينا أكثر من ٢٤ أداة أو استخداماً تستخدم في التعليم والبحث العلمي والترفيه والتحسين والكتابة والتصميم والكتابة وإنتاج الفيديوهات والصور، وذلك بعد أن كان الانسان يقوم بكل هذه الأمور بنفسه وخلال فترات زمنية متباينة. أما بالنسبة لاعتبار الكفاءة فهو أمر محل نقاش كبير إذ لا يمكن مقارنة كفاءة الذكاء الاصطناعي في دعم اتخاذ قرار ما وتوفير البيانات والمعلومات المطلوبة بشكل سريع بكفاءة كتابة نثر أو شعر نابض باحساس أو بشعور أو يعكس تجربة شخصية.. وقد يحاججني البعض أن الذكاء الاصطناعي قادر على ذلك، ولكن أقول لهم أن إحساس البشر ومراكمة الخبرات والمشاعر وتحكم البشر في مشاعره أمر بشري انساني يصعب على الذكاء الاصطناعي مضاهاته!
بل يذهب بعض المحتفون بالذكاء الاصطناعي إلى تعظيم الدور الاستراتيجي الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في المؤسسات، حيث له دور في التخطيط وتنمية الفكر الاستراتيجي للمؤسسة، بالإضافة إلى أنه وسيلة لاتخاذ القرار من خلال توفير البيانات والمعلومات ورفع القيمة السوقية للمؤسسة من خلال دعم الابتكار وتحسين الأداء الداخلي فضلاً عن القدرة علي استشراف المستقبل وتحقيق السبق المعرفي..
إن قول المحتفين بأن الهدف من الذكاء الاصطناعي وتطوير أدواته بهذه السرعة المذهلة هو مساعدة البشر الذين طوروا هذه الأداة بأنفسهم هو أمر متناقض وقد يستوقف الكثير منا، ويجعلنا نتساءل مرة أخرى عن الهدف الحقيقي من تطوير هذه التقنية، ومن هم البشر الذين ستساعدهم تلك التقنية؟ هل هم في منطقتنا وفي دول العالم الثالث من أجل أن يتخطوا فجوات تنموية زمنية أم هناك بشر آخرون مقصودون بذلك؟
سيتم الإجابة على هذا التساؤل في الجزء الثاني من هذا الموضوع