10:35 م
الأربعاء 30 أكتوبر 2024
القاهرة – مصراوي
قبل أسبوع من الانتخابات الأمريكية، أثارت تصريحات للرئيس جو بايدن وصفت أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب بأنهم “قمامة”، ردود فعل واسعة وجدلاً حادًا في الأوساط السياسية الأمريكية.
وفي محاولة لاحتواء هذه الأزمة، نأت نائبة الرئيس كامالا هاريس بنفسها عن هذه التصريحات، مؤكدةً عدم موافقتها على انتقاد الأفراد بناءً على اختياراتهم السياسية، ومشددةً على أهمية تمثيلها لجميع الأمريكيين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية.
جاءت تصريحات بايدن المثيرة للجدل خلال تجمع افتراضي، حيث انتقد الرئيس خطابًا لأحد مؤيدي ترامب في فعالية بمدرج ماديسون سكوير جاردن، وصف فيه المتحدث جزيرة بورتوريكو بـ “جزيرة قمامة عائمة”.
وفي محاولة للتنديد بهذا الخطاب، قال بايدن إن “القمامة الوحيدة” التي يراها تطفو هي من يتبنى هذه المواقف، مشيرًا إلى أن خطاب الكراهية ضد اللاتينيين غير مقبول وغير أمريكي. ومع ذلك، فُسرت كلماته على أنها انتقاد عام لمؤيدي ترامب، مما أثار موجة من الاستياء حتى بين بعض الديمقراطيين.
وقد حاول بايدن لاحقًا توضيح تصريحاته عبر منصة “X” (تويتر سابقًا)، مؤكدًا أن وصفه بـ”القمامة” كان موجهًا بشكل حصري إلى الخطاب العنصري الذي يستهدف اللاتينيين، وليس إلى جميع أنصار ترامب.
كما أشار متحدث باسم البيت الأبيض إلى أن الرئيس كان يقصد “مؤيدًا” بعينه وليس “مؤيدي” ترامب بوجه عام، وذلك في محاولة لتهدئة الأجواء وتفادي أي سوء فهم.
في هذا السياق، سارعت هاريس إلى إبداء موقفها، حيث قالت للصحفيين إنها لا تتفق مع انتقاد المواطنين بناءً على ميولهم السياسية، مؤكدة أن وظيفتها تتمثل في تمثيل جميع الأمريكيين، سواءً كانوا داعمين لها أم لا.
وأوضحت هاريس: “موقفي كان واضحًا منذ بداية مسيرتي المهنية، وأعتقد أن العمل الذي أقوم به هو من أجل تمثيل الجميع”، مؤكدة على أنها ستواصل العمل على بناء دولة شاملة تحتضن كافة الأمريكيين بغض النظر عن خلفياتهم أو اختياراتهم السياسية.
وأضافت هاريس أنه إذا تم انتخابها رئيسة، فإنها ستبذل جهدها لخدمة جميع المواطنين، حتى أولئك الذين لا يؤيدونها. تأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه هاريس لترسيخ صورة قيادية جامعة ومتسامحة، تنأى بنفسها عن إثارة الأزمات أو الدخول في صراعات جانبية مع خصومها.
ردود الفعل على تصريحات بايدن لم تقتصر على دائرة الجمهوريين، بل شملت حتى بعض الديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم من تأثير هذه التصريحات على الحملة الانتخابية. وذكرت بعض المصادر أن هناك حالة من الانزعاج داخل فريق حملة هاريس، حيث تم إرسال رسائل تعبر عن الاستياء من بعض المؤيدين، الذين رأوا في تصريحات بايدن تهديدًا لحظوظ الحزب في الانتخابات، خاصة في هذا التوقيت الحساس.
وعلى الجانب الآخر، سارع فريق ترامب إلى استغلال تصريحات بايدن، واعتبروا أنها تعكس ازدراءً لمؤيدي الرئيس السابق، وهاجموا هاريس وحملتها بزعم أنهم ينظرون إلى الأمريكيين المؤيدين لترامب بنظرة دونية.
وتأتي هذه الحملة في سياق سعي الجمهوريين إلى إبراز بايدن وهاريس كقادة غير متسامحين، يفتقرون إلى روح الوحدة الوطنية، وهو ما يمكن أن يؤثر على قاعدتهم الانتخابية.
في المقابل، خرج حاكم ولاية مينيسوتا، تيم والز، مدافعًا عن هاريس، مشيرًا إلى أن تصريحات بايدن جاءت نتيجة “إحباطه” من الخطاب العنصري الذي يتبناه ترامب، وأوضح أن موقف الرئيس ليس تعميميًا بل موجهًا لخطاب محدد.
وأضاف والز أن هاريس تترشح لرئاسة البلاد على أساس رؤية توحد الجميع، وهي واضحة في احترامها لكافة الناخبين. وقال فالز في مقابلة مع “ABC News”: “الرسالة التي تركز عليها هاريس هي رسالة بناء دولة شاملة تضمن حقوق الجميع، وهي التي يجب أن يركز عليها الناخبون.”
وأكد والز أن هاريس، كونها المرشحة الرئيسية للحزب، تتبنى رؤية وطنية تستند إلى قيم العدالة والمساواة، وتعمل بجد لضمان أن يشعر كل مواطن بالانتماء، بغض النظر عن توجهاته السياسية. ورأى والز أن رسالة هاريس الواضحة والداعمة للوحدة الوطنية هي التي ينبغي أن تكون محور الاهتمام، خاصةً في ظل تزايد الاستقطاب السياسي داخل البلاد.
بالرغم من محاولة بايدن وحملته التوضيح، إلا أن تصريحاته الأخيرة لا تزال تثير جدلاً داخل الحزب الديمقراطي، وتدفع ببعض المسؤولين إلى الإعراب عن قلقهم بشأن الأثر المحتمل لهذه الزلات على نتائج الانتخابات.
ووفقًا لمصادر داخل الحملة، فإن هناك تزايدًا في القلق من تصريحات بايدن المتكررة، التي يرون فيها تهديدًا لصورة الحزب وجهوده الانتخابية، خاصةً في ظل حساسية الأوضاع الحالية وضرورة الحفاظ على وحدة الصف الداخلي.
في النهاية، تسعى هاريس جاهدةً للنأي بنفسها عن أي تصعيد غير ضروري، مركزةً على رسالتها بالوحدة والتمثيل الشامل لكل فئات المجتمع، وهو ما تحاول التأكيد عليه في جميع تصريحاتها.
ويرى محللون أن هذه التصريحات التصالحية قد تسهم في تهدئة الأمور نسبيًا، لكن يبقى على الديمقراطيين التحدي الأكبر في السيطرة على تداعيات هذه التصريحات قبل يوم الانتخابات.