05:33 م
الخميس 08 فبراير 2024
كتبت- سلمى سمير:
تثير احتمالية خروج قائد حركة فتح مروان البرغوثي، التساؤلات عما ستؤول إليه الأمور في الأراضي الفلسطينية، باعتبار أن السجين الذي حُكم بالسجن مدى الحياة معروف كونه الخليفة المنتظر للرئاسة الفلسطينية، إضافة إلى امتلاكه ورقة التفاهم مع عدة حركات فلسطينية على رأسها حماس، مما يجعله بنظر كثيرين هو الأجدر بمنصب الرئاسة الفلسطينية بعد خروجه من السجون الإسرائيلية.
لا تزال قائمة الشروط التي وضعتها حماس تثير التساؤل حول إمكانية تحقيقها، وعلى رأسها رغبتها في إطلاق سراح أسماء بعينها من السجون الإسرائيلية هم من القادة والساسة الفلسطينيين ذوي الثقل في الشارع الفلسطيني والذين عفا عليهم الزمن وهم قابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لسنوات وسط رفض إسرائيلي لأي خروج لهؤلاء من معتقلاته.
جاء اسم مروان البرغوثي أو مانديلا العرب كما يسمونه على قائمة المعتقلين الذين وضعتهم حماس في قائمة شروطها للإدارة الإسرائيلية التي تطرق كل الأبواب في سبيل عودة أسراها من قطاع غزة المنكوب مع استمرار الحرب لأكثر من 4 أشهر.
من هو مروان البرغوثي؟
خاض البرغوثي والذي رشح بقوة شعبيا لخلافة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، المعركة السياسية والنضالية منذ وقت مبكر، مع اعتقاله وهو بعمر الـ19 بتهمة الانضمام إلى جماعة فلسطينية مسلحة والتي قضى على إثرها 5 سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي علم فيها نفسه اللغة العبرية وحصل على شهادته الثانوية.
خرج البرغوثي من السجن في مقتبل شبابه الذي استغله في الانخراط بالعمل السياسي وذلك من خلال مشاركته وقيادته دورا بارزا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر ثمانينات القرن الماضي، وهو ما كان سببًا في معاقبته مرة أخرى بترحيله إلى الأردن ليمكث هناك 7 سنوات حتى عاد بموجب اتفاق أوسلو عام 1994.
بعد عودته لأرض الوطن بعامين سطر البرغوثي فصلًا جديدًا في تاريخ حياته السياسية مع انتخابه عضوًا لبرلمان السلطة الفلسطينية الجديد، والذي استغله في قيادة حملات للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، في وضع ظل مستمرًا حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر عام 2000، والتي تزعم فيها التظاهرات الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كانت جميع المحطات السابقة بمثابة حجر أساس مكن البرغوثي من أن يستحق أخيرًا منصب قائد حركة فتح بالضفة الغربية ورئيس جناحها المسلح التنظيمي، وهو ما وظفه في خطابات شعبية دعا فيها إلى استخدام عنصر القوة من أجل طرد إسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
لماذا اعتقل البرغوثي؟
بعد قيادته لحركة فتح بالضفة، ودعواته المتكررة لطرد الإسرائيليين بالقوة من الأراضي الفلسطينية في الانتفاضة الثانية، حاولت إحدى الجهات الإسرائيلية اغتيال البرغوثي عام 2002 في رام الله ورغم نجاته منها، لكن لم ينج من أصفاد الاحتلال حيث اُعتقل في العام ذاته بتهمة قتل 26 شخصًا إضافة إلى الانضمام إلى جماعة إرهابية.
لم تتوقف الاتهامات بحق البرغوثي عند هذا الحد فبعد اعتقاله بعامين وُجهت إليه تهمة قتل 4 إسرائيليين وراهب يوناني في يونيو 2004، مما جعله يحصل على 5 أحكام تراكمية بالسجن المؤبد إضافة لمدة حكم أخرى بالسجن 40 عامًا.
ماذا يعني خروج البرغوثي
رغم سنوات طويلة قضاها وسنوات أطول قد يقضيها، إلا أن وضع البرغوثي داخل حبسه مختلف بعض الشيء مع عدم تركه للساحة السياسية رغم الغياب الطويل، حيث لعب دورًا كبيرًا في التوسط بين حركتي فتح وحماس لعقد صلحٍ بينهما عام 2007 رغم تواجده بالسجن.
خروج البرغوثي بإمكانه تغيير الكثير، حيث يرى البعض أن عودة خليفة عرفات بإمكانه تغيير موازين القضية الفلسطينية بأكملها، على اعتباره الوحيد الذي يستطيع توحيد الفصائل الفلسطينية على جانب واحد بدلًا من وجهات نظر ظلت متفرقة لسنوات، وذلك من خلال أخذ قرب البرغوثي من حركة حماس بعين الاعتبار وتواجده إلى جانب الحركة في مناسبات عدة، كان أبرزها إقناع 5 زعماء من عدة حركات فلسطينية بما فيها حماس على اتفاق ينص على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس، وتشكيل حكومة وحدة وحدة وطنية، ورغم أنه يحتسب للبرغوثي جمع الفصائل الفلسطينية في كفة واحدة بما فيها حماس إلا أن الحركة رفضت لاحقًا الاعتراف بوجود دولة إسرائيلية.
إضافة إلى مرونته في التعامل مع الفصائل الفلسطينية، يتمتع البرغوثي بشعبية في الشارع الفلسطيني، وذلك حسب استطلاعات رأي إسرائيلية وفلسطينية، أظهرت تمتع البرغوثي بمكانة موثوقة بين الفلسطينيين خاصة فئة الشباب تمكنه حتى من الفوز على عباس في حال عقدت الانتخابات الرئاسية في فلسطين التي ترشح لها بالفعل لكنها لم تعقد حتى الآن مع تأجيل الرئيس الفلسطيني لعقدها إلى أجل غير مسمى لرفض إسرائيل إدراج القدس الشرقية ضمن صناديق الاقتراع، حسب صحيفة “فرانس 24” الفرنسية.
ورغم كافة المزايا التي يتمتع بها البرغوثي داخل محبسه من قبل الشارع الفلسطيني، إلا أن احتمالية توليه الرئاسة الفلسطينية بعد انتهاء تلك الحرب ضعيفة، وذلك حسب رئيس معهد البحوث والدراسات المتوسطية “موين أورينت” جان بول شانيولود، الذي يرى أن إسرائيل لن تستجيب لمطالب حماس مع علمها بما يمكن أن يحدث حال خرج، لكنه في ذات الوقت أكد أنه سيلعب دورًا بارزًُا في الفوضى الحالية إذا أُفرج عنه مع تمتعه بالقدرة على توحيد الناس معًا.