10:00 م
الأحد 01 سبتمبر 2024
كتب- محمد شاكر:
كثيرة هي الأساطير التي يتم نسجها اعتماداً على وله الناس بالحضارة المصرية القديمة، وغموضها وسحرها البراق، ومن ثم فكل ما يرتبط بها ينال جانبا من جاذبيتها.
وفي هذا الصدد فقد حظيت الكثير من المومياوات خلال الفترة الأخيرة، والأعوام الماضية بالكثير من الاهتمام العلمي، لكشف خباياها بشكل دقيق، بعد عشرات الروايات التي يتداولها الناس ولم يتم التحقق منها بشكل ملموس، وباتت أقرب إلى الأساطير منها إلى الحقيقة.
وخلال السطور التالية سوف نتناول أحدث الأبحاث العلمية التي أجريت على المومياوات، كما سنتعرض إلى أبرز الحكايات التي يتداولها الناس حول هذا الشأن..
بعد أيام من إثارة المومياء الصارخة، جدلا واسعا في الأوساط العلمية والأثرية، وتصدرها مواقع البحث الإلكترونية، بسبب وضعيتها الغريبة والتي تم تحنيطها مفتوحة الفم، وكأنها تصرخ، إذا بمومياء جديدة تخطف الأنظار من جديد، بعد أن
ولعل أحدث ما أثير حول المومياوات هو ما وثقته دراسة جديدة نشرت في دورية “العلوم الأثرية والأنثروبولوجية”، قامت بدراسة وضعية مومياء مصرية، في متحف الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا بجامعة تورينو في إيطاليا، وظهرت في حالة تأهب، وكأنها تستعد لعمل ما.
وظهرت هذه الوضعية الغريبة في الأشعة المقطعية التي أجريت على المومياء، حيث عمد الباحثون إلى الكشف عن هذه الرسومات من خلال طريقة التنظيف المبتكرة المعتمدة على الليزر، والتي تم استخدامها لإزالة طبقة الغبار المضغوطة من ضمادات الكتان.
كما كشفت الأشعة عن إزاحة غريبة في عظام الصدر والحوض، تشير إلى أن الشخص كان في حالة تأهب.
إلى جانب هذه الوضعية الغريبة والنادرة التي كشفت عنها الدراسة، فإن المومياء توفر أيضاً بيانات جديدة عن الممارسات الجنائزية التي تم إجراؤها خلال عصر الدولة القديمة في منطقة الجبلين بالصعيد.
ولفت الباحثون في مقدمة الدراسة إن المومياء التي كشف التأريخ بالكربون المشع انتمائها للأسرة الرابعة، هي أقدم حالة ظهر فيها استنساخ ملامح الوجه من خلال الرسومات على ضمادات الوجه
أما الدراسة التي أجريت على المومياء الصارخة فقد أثبتت أنها وجدت في موقع دفن عائلة سنموت مهندس الملكة حتشبسوت في الدير البحري حيث قامت الدكتورة سحر سليم، أستاذ الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة عضو اللجنة العلمية للعرض المتحفي بوزارة السياحة والآثار المصرية، بالتعاون مع الدكتورة سامية الميرغني المدير الأسبق لمركز بحوث وصيانة الآثار بوزارة السياحة و الآثار المصرية وذلك باستخدام أحدث تقنيات الأشعة والفحوصات العلمية، وكشفت هذه الدراسات أن السيدة كانت محنطة بشكل جيد باستخدام مواد ثمينة ومستوردة وتفترض أن فم المومياء المفتوح ربما يكون بسبب التقلص المصاحب بموت مؤلم وتحت مشاعر قوية.
وأكدت الباحثتان أن حالة حفظ المومياء الجيدة نتيجة استخدام مواد التحنيط على سطح الجسد مما يدحض الاعتقاد السائد بأن عدم إزالة الأحشاء الداخلية يعني سوء التحنيط، وتدعم هذه الدراسة وجود تجارة لجلب مواد التحنيط في مصر القديمة.
ظروف الوفاة..
لم توضح الفحوصات سببا واضحا للوفاة، وبالتالي لم يظهر السبب في تعبير وجه المومياء الصارخ على هذا النحو، ويظل وجود مواد التحنيط تستعبد أن عملية التحنيط تكون رديئة أو أن المحنطين قد أهملوا إغلاق فم المرأة أثناء التحنيط.
وذلك فتح المجال وتحليل تعبيرات وجه المومياء الصارخة على أن المرأة ربما ماتت وهي تصرخ من العذاب أو الألم، وأن تشنج الجثة بعد الموت حفظ تعابير وجهها. والتشنج الجثثي هو شكل نادر من تصلب العضلات الذي عادة ما يرتبط بالوفيات العنيفة في ظل ظروف جسدية قاسية وعاطفية شديدة.
على جانب آخر كشف فحص أثري لمومياء مصرية قديمة في مجموعة المتحف الوطني في العاصمة البولندية وارسو، عن أول حالة معروفة في لمومياء حامل.
وتم اكتشاف أن المومياء، التي كان يُعتقد في البداية أنها جثة الكاهن حور جيهوتي، كانت أنثى في الواقع، وأظهر بحث جديد أجراه فريق من العلماء البولنديين أن المرأة في الضمادات، هي حامل.
اللافت أن الدراسات المصرية وعلماء الآثار والتشريح المصريون، أثبتوا بعد ذلك استحالة هذا الطرح لتنافيه مع علم التنحيط.
أما القصص الخيالية والأساطير التي تناقلها الناس حول المومياوات، فمن أبرزها حكاية المومياء الناطقة في مقبرة منتومحات، وتدور حول ما رواه عمال التنقيب والترميمات الأثرية في قرى ونجوع منطقة القرنة، غرب مدينة الأقصر التاريخية لمومياء تحدثت إلى العمال طالبة منهم أن يغطوا ما تعرى من جسدها.
وهناك المومياء المعلقة في منطقة سقارة، والتي تترك تابوتها لعدة ساعات في كل يوم لتطير في الهواء ثم تعود لترقد في التابوت ثانية، والتي كانت حكايتها مثار بحث لعلماء مصريات من بلدان عدة.
وكان قدماء المصريين يحرصون على دفن موتاهم، ويعتقدون أن الروح يمكنها العيش في خلود بعد الموت، طالما ظل جسد الإنسان في حالة جيدة من الحفظ، ولذلك فقد حرصوا على حفظ الجسد وحمايته من التآكل من خلال تحنيطه.