02:07 م
الأحد 15 أكتوبر 2023
كتب- عبدالله عويس:
في عام 2003 ولد آسر محمود، في أسرة بسيطة بمحافظة القاهرة، أي بعد 3 أعوام من مقتل محمد الدرة، على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في مشهد لم يسقط من الذاكرة العربية بعد، لكن الشاب الذي بلغ الآن 20 عاما، وجد نفسه أحد المشاركين لصورة محمد الدرة ووالده، معتبرا أن مقتل الدرة أعقبه مقتل آلاف الأطفال، كان آخرهم نحو 600 في قطاع غزة المحاصر خلال الأيام الأخيرة.
ينتمي آسر، إلى جيل (زد)، وهم الذين يقعون ما بين الـ15 عاما حتى الأ25 عاما بحد أقصى، وفق بعض الآراء، إذ تختلف النظرة لتعريف ذلك الجيل، لكنهم على كل حال صغار السن، وكان لهم حضور كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بالحرب الجارية على غزة، بالنشر والتدوين، وإعادة مشاركة مقاطع فيديو، أو حتى تجهيز بعضها للنشر مرفقة بنصوص أو بتعليقات صوتية، ومواد شارحة.
يقول آسر إن معرفته بالقضية الفلسطينية بشكل عام، كانت من خلال الأسرة، وما كان يتابعه على مواقع التواصل الاجتماعي وهو صغير، فيعود بما تابع لوالده، فيحكي له حكاية فلسطين، معرجا على جرائم الاحتلال، انتهاء بحصار غزة، وما يقع من مواجهات هناك وفي الضفة الغربية، والقدس المحتلة «هذه الجرائم التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، الدافع للنشر حول الأمر، هناك تدليس وروايات كاذبة حول ما يحدث في الأراضي المحتلة، فأشعر أن أقل ما أقوم به التدوين بشأنها» يحكي الشاب.
ولا يتعلق الأمر بذلك الجيل في الدول العربية فحسب، بل يمتد لشباب آخرين في دول غير ناطقة بالعربية، وباتت بعض صفحاتهم وحساباتهم موادا مؤثرة لقطاع كبير من الشباب وغيرهم، في التعرف على التفاصيل اليومية لما يحدث في غزة وباقي الأراضي المحتلة، وبعضهم داخل فلسطين نفسها «باتت متابعتي الكبيرة لما يحدث في غزة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وما ينشره المؤثرون من مواد عبر خاصية القصص المصورة والريلز» يحكي أسامة محمود ذو الـ19 عاما.
يتابع أسامة مجريات الأحداث في غزة من خلال تطبيق «تيك توك» بشكل أكبر من غيره من التطبيقات، وقليلا ما اعتمد على المواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية، وإن فعل، فمن خلال منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن اختياره لتيك توك يعود لعدم التضييق على المنشورات التي تتناول القضية الفلسطينية، على عكس تطبيقات شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستجرام.
وبعيدا عن العالم الافتراضي، فإن كثيرا من أبناء ذلك الجيل ظهروا في مظاهرات عدة تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومشاركة في الأحداث الجارية هناك، وتفاعلا كبيرا معها، وباتت حساباتهم التي تنقل صورة واقعية وحية لما يحدث على الأرض، ويتابعها الآلاف وربما الملايين.
«هذا الجيل مبهر، أدواته مختلفة وعصرية، وبلغة تناسب العالم بشكل أكبر من جيلنا نحن» قالتها سماح عطية، ذات الـ39 عاما، والتي كانت تعتبر أن الأجيال الصغيرة ربما لا تتابع بشكل واقعي مجريات ما يحدث في فلسطين المحتلة، وليس لديهم اهتمام كبير بها «لكن على النقيض تماما، بداية من 2021 وما حدث من اعتداء على غزة وصولا لـ2023 وجدنا منهم تفاعلا كبيرا ومؤثرا أيضا».
يقول محمد الحارثي، وهو خبير تكنولوجيا المعلومات، إن تطبيقات مثل سناب شات وتيك توك وإنستجرام، تجذب الأعمار الأصغر بشكل أكبر من غيرهم، ومع تضييق فيسبوك وإنستجرام على المنشورات المؤيدة لحق الفلسطينيين في أرضهم ودفاعهم عنها، فإنهم يهجرون المنصتين إلى أخرى مثل تيك توك وتويتر، وإن كان الميل للمنصة الأولى أكبر، لاعتبارات تتعلق بالصورة والفيديو.
وحول خوارزميات شركة ميتا، ومحاولة التحايل على الأمر، بعبارات مختلفة، واستخدام رموز وحروف ضمن المنشورات، فإن الحارثي يشير إلى أن الخوارزميات باتت لديها قدرة أكبر على الوصول لتلك المنشورات، ومن ثم التضييق عليها «لأن الأمر مرتبط بالذكاء الاصطناعي، وتطوره، وبالتالي محاولات تجاوزها تصبح صعبة».