12:03 ص
السبت 05 أغسطس 2023
كتب- محمود الطوخي:
لم تستطع شركة الشرقية للدخان على مدار الشهرين الماضيين أن تتخذ إجراءات تفضي إلى حلحلة الأزمة الحالية، رغم إعلانها عدم إقرار زيادات في أسعار منتجاتها من السجائر؛ ليقرر المستهلكون وبعض البائعين التعايش معها ومحاولة إيجاد طرق تخفف من وطأتها عليهم.
الظروف التي طرأت على سوق السجائر دفعت بعض الأكشاك إلى اتخاذ نهج جديد في البيع تماشيا مع حالة تناقص المعروض منها، إذ يشكوا بعض الباعة من تراجع إمدادات الشركة الشرقية للدخان “إيسترن كومبانى” لهم منذ بدء الأزمة في يونيو الماضي.
امتنع محمد محمود (صاحب كشك) عن بيع علب الأنواع المحلية مثل الكليوباترا والبوكس والسوبر، لكنه اتجه إلى بيعها بأسلوب السيجارة “الفرط”: “اضطررت إلى البيع بهذه الطريقة بسبب قلة الكميات الموجودة ولكي أحافظ على استمرار قدوم الزبائن وأتمكن من تسويق ما لدى من منتجات غذائية ومشروبات”.
بينما أعجز الارتفاع المبالغ في أسعار السجائر كثير من زبائنه المدخنين الذين يعتمدون بشكل أساسي على الأنواع المحلية التي بلغ سعرها 60 جنيها عن شراء علبة منها.
فأصبحت السيجارة “الفرط” بسعر 3 جنيهات ونصف الجنيه للواحدة التي يتلقفها محمد كريم من أحد الأكشاك القريبة بموقف أحمد حلمي ويعتقد لأنها متنفسه الوحيد كسائق الميكروباص عن تلك المناكفات التي يتعرض لها على الدوام مع من يقلهم من الركاب على مدار اليوم فتصيبه بالتوتر الذي يهدؤه الشاب العشريني بأنفاس الدخان حسبما يقنع نفسه، ورغم حداثة عهده بالتدخين حيث لم يتخط عاما واحدا، فإن ظروف عمله مع مختلف الأطياف من المواطنين سرّعت من وتيرة استهلاكه للسجائر فيشعل السيجارة تلو الأخرى: “أصحاب الأكشاك يفضلون البيع (فرط) لأنها تحقق أرباحا أكثر، فقد يبلغ سعر العلبة الواحدة في هذه الحالة 70 جنيها”.
كريم واحد ضمن 18 مليون مدخن بمصر وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يواجهون الأزمة التي بدأت بداية يونيو الماضي بعديد التساؤلات حول أسبابها غير المعلنة أو المبهمة بالأحرى له ولكثير من البائعين أمثله.
لكن الشاب الذي يتقاضى 100 جنيه يوميا بات حذرا تجاه إشعال إحداها إلا لضرورة قصوى، بعدما بلغ سعر العلبة الواحدة من نوع (كليوباترا) التي يدخنها 60 جنيها ببعض المحال، وأصبح يعتمد بشكل كامل على “الفرط”: “تخرجت من كلية الحقوق منذ أربعة أعوام واضطررت للعمل بأكثر من مهنة إلى أن انتهى بي المطاف في هذه السيارة.. أشعر بالإنزعاج كثيرا لذلك لجأت إلى السيجارة حتى أتمكن من التغاضي عن ذلك برغم ما تسببه من أضرار تهدد صحة”.
الأزمة المستمرة في التعقيد منذ شهرين دفعت كثير من المدخنين إلى البحث عن طرق للالتفاف على غلاء أسعار السجائر إما بترشيد الاستهلاك، أو الاعتماد على السجائر “الفرط” أو استهلاك أنواع مغمورة لم تكن تلقى رواجا فيما سبق، أو بشراء أكياس التبغ السائب الذي ارتفعت أسعاره هو الآخر واستخدام ماكينات اللف الخاصة.
فكرة ترشيد الاستهلاك التي يأمل محمد كريم أن تؤدى يوما ما إلى الإقلاع نهائيا عن التدخين تداعب مخيلته وتجعله يسلّم لشراء السجائر “الفرط”، رغم إدراكه أن كلفتها تزيد كثيرا على ثمن علبة كاملة.