06:19 م
الأربعاء 24 يوليو 2024
كتب- محمد صفوت:
سلطت مجلة “ناشيونال إنترست” الضوء على السياسة الخارجية المحتمله للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل.
ويقول آرثر هيرمان، الذي شغل منصب المستشار الأول لمستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين خلال 2020 و2021، إن السؤال الأكثر إلحاحًا بعد تعثر رئاسة بايدن، واحتمال فوز ترامب، هو كيف ستبدو السياسة الخارجية لترامب في ولايته الثانية.
ويضيف هيرمان، أنه السؤال الذي طرحه زعماء أجانب من قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” مرورًا بعواصم أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا ناهيك عن الديكتاتوريين في بكين وموسكو وطهران.
ويشير إلى أنه لم يسبق للعالم أن بدا خطيرًا إلى هذا الحد، ولم تكن الحاجة إلى سياسة خارجية أمريكية قوية وحازمة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ولهذا السبب، فإن ولاية ترامب الثانية المبنية على “السلام من خلال القوة” ستلقى ترحيبًا ليس فقط من جانب الناخبين الأمريكيين بل من جانب العالم الحر ككل.
العالم تغير للأسوأ
يسرد هيرمان، كيف تغير العالم منذ الولاية الأولى لترامب، إلى الأسوأ وتدهور الموقف الاستراتيجي لأمريكا بشكل حاد بعد 3 سنوات ونصف من وجود بايدن في البيت الأبيض، بداية من الانسحاب من أفغانستان، وحرب أوكرانيا والحرب في غزة، وانهيار الحدود الجنوبية الأمريكية أمام عصابات المخدرات المكسيكية والهجرة غير الشرعية.
يرى الكاتب أن واشنطن كانت في وضع المتفرج السلبي أمام الضغوط الصينية التي لا هوادة فيها على تايوان الفلبين، في الوقت نفسه، ظل نفوذ بكين في الجنوب العالمي دون رادع بما في ذلك في أمريكا اللاتينية التي وصفها بـ”الفناء الخلفي لأمريكا”.
ويقول: “رأينا غواصة نووية روسية راسية في ميناء هافانا، وصواريخ إيرانية تهاجم السفن في البحر الأحمر، وبوتين يحتضن علانية الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون”.
ويشير إلى أن احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة لم يكن أبدًا أكبر من ذلك، وستشكل الطريقة التي يتمكن بها ترامب من إعادة تأكيد الزعامة الأمريكية في عالم خطير جزءًا حاسمًا من إرثه في فترة ولايته الثانية.
السلام بالقوة
ينتقل هيرمان، إلى الحديث عن برنامج الحزب الجمهوري الذي صدر مؤخرًا، الذي رسم نظرة ترامب للعالم بخطوط عريضة “استعادة السلام في أوروبا والشرق الأوسط” و”تعزيز وتحديث الجيش الأمريكي”.
يستشهد الكاتب بمقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” في يونيو الماضي، لأوبراين المرشح الأبرز لمنصب وزير الخارجية في ولاية ترامب الثانية، موضحًا أن الصورة الأكثر تفصيلاً وردت في المقال.
تحت عنوان “عودة السلام من خلال القوة” يطرح أوبراين، 7 مبادئ رئيسية من شأنها أن تحدد السياسية الخارجية لترامب في ولايته الجديدة.
ويقول أوبراين في مقاله، إن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن أدرك حقيقة المقولة اللاتينية التي تقول “إذا كنت تريد السلام فاستعد للحرب”، وهو ما عبر عنه في خطابه بالكونجرس عام 1793، بقوله: “إذا كنا نرغب في تأمين السلام، وهو أحد أقوى أدوات ازدهارنا المتزايد، فلابد وأن نعلم أننا مستعدون للحرب في كل الأوقات”.
رفض الأجندة العالمية
يرى الكاتب أن أهم هذه المبادئ هو أن بلاده لن يكن لديها عذرًا لعدم تعزيز القوة الأمريكية والأمن القومي، اللذين يظلان المصدرين الأعظم للسلام والاستقرار في مختلف أنحاء العالم.
ويكتب أوبراين في “فورين أفيرز”: “كما أعلن ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2020، فإن الولايات المتحدة تحقق مصيرها كصانعة سلام، ولكن السلام يتحقق من خلال القوة”.
أما المبدأ الثاني فهو رفض الأجندة العالمية التي حركت الكثير من السياسات الخارجية والدفاعية والتجارية الأمريكية، ولم تعمل هذه الأجندة على تمكين طموحات الصين في الهيمنة العالمية فحسب، بل إنها فتحت الباب أمام ملايين المهاجرين غير الشرعيين.
ويوضح أوبراين: “لم يطمح الرئيس الأمريكي السابق قط إلى نشر عقيدة ترامب لصالح مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن. فهو لا يلتزم بالعقيدة بل بغرائزه الخاصة والمبادئ الأمريكية التقليدية التي تمتد إلى ما هو أعمق من المعتقدات العالمية الأرثوذكسية في العقود الأخيرة”.
الصين وإيران
يقول الكاتب، إن إدارة بايدن تحدثت مرارًا وتكرارًا عن توسيع التعاون مع الصين، وهي أخطر تهديد للمصالح الأمريكية منذ تفكك الاتحاد السوفييتي، ويشير إلى أن ترامب سيعود إلى صد بكين في كل شيء، من التجارة وتايوان إلى تجديد وتوسيع تحالفات واشنطن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ويرى أن بلاده ستحشد استراتيجيتها لكبح النفوذ الصيني في أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ويلخص حديثه عن الصين بالقول، إن ما كان السمة المميزة لولاية ترامب الأولى “الوقوف في وجه الصين” ستكون أكثر أهمية في الولاية الثانية.
بالنسبة لإيران، سيعيد ترامب فرض أقصى قدر من الضغط عليها لوقف دعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، من حماس وحزب الله إلى الحوثيين، وكبح جماح برنامجها النووي.
وستنتهي سياسة بايدن التي عكست العقوبات الناجحة التي فرضها ترامب على إيران، وسيزيد المرشح الجمهوري دعم واشنطن لإسرائيل ودول الشرق الأوسط، لاحتواء نفوذ إيران.
أوروبا والناتو وتحديث الجيش
ستسعى إدارة ترامب الجديدة على تقييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعزيز قوة الناتو في نفس الوقت ستعمل على إنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق هيرمان.
يوضح أوبراين، في مقاله بـ”فورين أفيرز” هذه النقطة بشكل أكثر تفصيلاً، ويقول: “على الرغم من أن المنتقدين غالبا ما يصورون ترامب على أنه معاد للتحالفات التقليدية، إلا أنه في الواقع عزز معظمها، إذ أدى ضغطه على دول الناتو لإنفاق المزيد على الدفاع إلى جعل التحالف أقوى”.
ويقول إن المبدأ السادس الأساسي يتلخص في إعادة بناء المؤسسة العسكرية الأمريكية، بما في ذلك الاستثمار في الأسلحة عالية التقنية وإصلاح المشتريات وهي الأهداف التي تشكل أهمية بالغة بالنسبة لحلفاء واشنطن بقدر أهميتها بالنسبة للأمن القومي الأمريكي.
وستفتح هاتان السياستان الباب أمام العمل مع الحلفاء الموثوق بهم على إنشاء “ترسانة من الديمقراطيات” للقرن الحادي والعشرين تشبه ترسانة الديمقراطية التي فازت بالحرب العالمية الثانية وهي الطريقة المثلى لتعزيز الشراكات الاستراتيجية في أوروبا وآسيا، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية والهند.
بناء روابط مع ديمقراطيات العالم
ستسعى إدارة ترامب إلى إقامة روابط أقوى مع الديمقراطيات الموجهة نحو السوق الحرة في مختلف أنحاء العالم (على سبيل المثال، المجر، وبولندا، والأرجنتين)، ودعم الحركات المعارضة والديمقراطية في البلدان الشمولية (على سبيل المثال، الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران).
والواقع أن الثورة الشعبوية التي تجتاح أوروبا حاليا، والتي كانت ولاية ترامب الأولى نذيرًا لها، تقدم فرصًا لأمريكا لصياغة شراكة عالمية جديدة تقوم على الأسواق الحرة، والحرية الفردية، والنمو الاقتصادي بدلا من إملاءات النخب العالمية.