11:08 ص
الأربعاء 26 يوليه 2023
بكين – (أ ف ب)
أبقت الصين الغموض سائدا الأربعاء بشأن أسباب إعفاء وزير خارجيتها تشين غانغ من منصبه بعد غيابه عن الظهور العلني، وبدأت بإزالة أي ذكر له من الموقع الالكتروني للوزارة.
وأعفي تشين غانغ (57 عاما) من منصبه الثلاثاء بعد 207 أيام فقط على تسميته وزيرا للخارجية، وأعيد سلفه وانغ يي إلى المنصب، وفق الإعلام الرسمي.
وأتت الخطوة بعد غياب تشين غانغ الذي يعتبر من المقربين من الرئيس شي جينبينغ وأحد كاتمي أسراره، لمدة شهر عن الحيّز العام، ما أثار تكهنات بأنه فقد مكانته أو أنه يخضع لتحقيق رسمي.
واعتبارا من صباح الأربعاء، أصبح تشين غانغ أثرا بعد عين على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية، اذ تمّ حذف أي إشارة له، وأفضى البحث عن اسمه أو مقالات سابقة ورد ذكره فيها الى صفحة كتب عليها “غير موجودة أو تمّت إزالتها”.
لكن اسمه بقي حاضرا حتى الآن على مواقع أخرى مثل مجلس الدولة ووزارة التجارة وتلك العائدة للإعلام الرسمي.
وكانت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” أوردت الثلاثاء أن “أعلى هيئة تشريعية في الصين صوّتت لصالح تعيين وانغ يي كوزير للخارجية” الاثنين، وأن “تشين غانغ أعفي” من المنصب.
ولم تحدد الوكالة أسباب القرار، مشيرة الى أن الرئيس شي جينبينغ وقّع أمرا رئاسيا لوضعه موضع التنفيذ.
وظهر تشين علنا للمرة الأخيرة في 25 يونيو لاستقبال نائب وزير الخارجية الروسي أندري رودنكو في بكين.
وكانت وزارة الخارجية أكدت في وقت سابق أن “أسبابا صحية” تقف خلف غياب تشين، قبل أن تمتنع في مراحل لاحقة عن الردّ بشكل مباشر على الأسئلة بشأنه.
وحتى الأربعاء، لم تقدّم وسائل الإعلام الرسمية أي تفسير لإعفائه من المنصب.
الا أن خبيرا بالشأن الصيني رأى أن محو ذكره من على المواقع الالكترونية الرسمية يؤشر الى أن تشين غانغ فقد مكانته بشكل سريع في هيكل الحكم.
وقال الباحث الأمريكي بيل بيشوب “لست واثقا من أن ذلك كان ليحدث في ما لو كان رفيقا ذا اعتبار جيد (في الحزب الشيوعي) وأصيب بالمرض”.
من جهته، تحدث نيل توماس من معهد البحوث الأمريكي “إيجا سوسايتي بوليسي إنستيتيوت” عن مؤشرات “ترجح أن يكون ذلك بالفعل عملية تطهير سياسية”.
سياسة متقلّبة
وانتشرت في الفترة الماضية عبر الانترنت شائعات عدة بشأن أسباب غياب تشين غانغ، تحدث بعضها عن أنه يخضع لتحقيق رسمي على خلفية علاقة مزعومة مع مذيعة تلفزيونية بارزة.
وقال المتخصص في السياسة الصينية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية هو-فونغ هونغ لوكالة فرانس برس إن “الناس في الخارج يجهلون تماما (الأسباب)”.
واعتبر أن ما جرى “يجسّد كيف أن السياسة في الصين تصبح متقلّبة وغير قابلة للتوقع بشكل متزايد على رغم أن ظاهرها يبقى هادئا”.
وكان تشين المتحدّر من مدينة تيانجين (شمال شرق)، يتعامل مع الرئيس الصيني بشكل متكرر بحكم منصبه السابق كرئيس إدارة المراسم في وزارة الخارجية.
وقد ساهمت الثقة التي منحه إياها شي مباشرة، في ترقيته على حساب مرشّحين أكثر خبرة، أولا إلى سفير للصين في واشنطن ثم وزير للخارجية.
وقبل تعيينه وزيرا، كان سفيرا للصين في واشنطن، في منصب عزّز خلاله من حضوره العلني عبر المشاركة في مناسبات عامة وإطلالات إعلامية متكررة لشرح موقف بلاده من قضايا عدة.
كذلك شغل في السابق منصب الناطق باسم وزارة الخارجية، وعرف بردوده اللاذعة على الأسئلة المحرجة من الصحافيين.
وأمضى أعواما في السفارة الصينية في لندن، وهو يتحدث الإنكليزية بطلاقة.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، خلف تشين وانغ كوزير للخارجية، وهو منصب كان الأخير يتولاه منذ العام 2013.
وأثناء غيابه، سلّمت الكثير من مسؤوليات تشين إلى وانغ، كبير الدبلوماسيين الذي كان يشغل رسميا منصب مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم ويقود سياسته الخارجية، ويتفوق على تشين في التسلسل الهرمي الحكومي.
على رغم ذلك، ترك غياب تشين فراغا على رأس وزارة الخارجية وبدأ ينعكس على جدول أعمال زوار بكين الأجانب.
وبشكل غير متوقع، أرجئت هذا الشهر زيارة لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
كذلك أوردت وكالة بلومبرغ أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قام بخطوة مماثلة بسبب غياب تشين غانغ.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء إنه يتوقع “العمل بشكل جيد” مع وانغ يي الذي التقاه مرتين خلال الأسابيع القليلة الماضية.
أضاف “من المهم بالنسبة لنا أن ندير هذه العلاقة بمسؤولية. وهذا يبدأ بالدبلوماسية، ويبدأ بالتفاعل، وأنا على استعداد للتعاون مع نظيري الصيني المعني أيا يكن”، مشيرا إلى أن إعفاء تشين قرار سيادي يتعلق بالصين.
وتابع “كان تشين غانغ سفيرا في واشنطن. وقد تعرفت عليه عندما كان سفيرا. أجريت محادثات بنّاءة معه عندما كان وزير خارجية وأتمنى له التوفيق”.
وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ أكدت الإثنين أن “النشاطات الدبلوماسية للصين تمضي قدما بشكل ثابت” على رغم غياب الوزير في حينه.