10:59 م
الأربعاء 01 مايو 2024
كتب – محمود مصطفى أبوطالب:
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم “نواجه تحديات مشتركة؛ تحتم علينا فتح قنوات الحوار المباشر مع بعضنا البعض؛ لإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها العالم”.
جاء ذلك في كلمة المفتي الرئيسية خلال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات في باكو بجمهورية أذربيجان، والذي بدأت أعماله، الأربعاء، ويستمر على مدار 3 أيام تحت شعار “الحوار من أجل السلام والأمن العالمي”، وذلك بحضور عدد كبير من قادة الأديان في العالم.
وأضاف المفتي – وفقًا لبيان الإفتاء اليوم – أن هذا العالم المترامي الأطراف بات قرية صغيرة بمعنى الكلمة، وأي حادثة مهما بدت عابرة شديدة المحلية تؤثر في أقصى مكان فيه.
وأوضح أن الناس قد يختلفون حول العقائد والأديان ولكنهم يتفقون على الأخلاق، ويتعايشون فيما بينهم في أمن وسلام ما دام بينهم عقد اجتماعي وعُرف أخلاقي واحد يسمو بهم نحو المعاني الراقية من الصدق والأمانة والتعاون على البر والخير والاحترام المتبادل.
وأكد أن أهم ما يعزز من قيمة التعايش السلمي والأمن هو السعي للتعارف بمعنى الإطلاع على الثقافات والأديان المختلفة من مصادرها الأصيلة المعتمدة، لا مما يشاع ويقال عنها من شائعات مغرضة هنا أو هناك، والله تعالى قد ذكر في القرآن الكريم أنه لم يخلق هذا التنوع والتعدد عبثًا ولا سدى فقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}.
ولفت إلى أن ثبات القيم الأخلاقية كفيل بحفظ الأمن والأمان بالمجتمع مهما اختلفت العقائد والأديان، وأي عبث بالمنظومة الأخلاقية التي تعارف الناس عليها سيؤدي لعواقب كارثية وخيمة.
وتابع “أننا بحاجةٍ لجهد كبير لترسيخ القيم والأخلاق وقواعد الذوق العام في المجتمع من خلال المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية والفنية، وما أحوجنا لتفعيل تلك القيم وتحويلها لواقع ملموس بعصرنا الحاضر، بعدما تفاقمت مخاطر قوى شريرة تزكي نيران الكراهية والتعصب والشقاق والطائفية والتطرف والإرهاب وتعتدي على الكرامة الإنسانية”.
وأشار المفتي إلى أن العالم بحاجة لإجراءات عملية تفعل هذه القيم الراقية حتى نقضي على الكراهية ونحيي المحبة والسلام، وما أحوج إعلامنا المعاصر إلى أن يتعاون على الحب والإخاء وألا يتعاون على نشر الكراهية وإذكاء نار الفرقة.
وشدد على ضرورة اهتمام التعليم المعاصر بتدريب الطلاب صغارًا وكبارًا على أن يتكاملوا في اتفاقهم واختلافهم، مشددًا على حاجة دعاة حقوق الإنسان في العالم إلى أن يكون منطلق دعوتهم العناية بالإنسان ومساندته بصرف النظر عن اعتبارات الجنس واللون والدين، والنظر بعين الاعتبار للمشترك الإنساني من ناحية، وإلى احترام الخصوصيات والتنوعات من ناحية أخرى، فضلًا عن حاجة مؤسساتنا أيضًا إلى أن تُفشي السلام والمحبة والحوار قولًا وفعلًا بينها.
وقال المفتي إن الحوار لا ينقلب أبدًا إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف؛ لكنه يجسد المحاولة لفهمه وبناء جسور التفاهم والتعاون معه تنفيذًا لمراد الله – عز وجل – فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوبًا وقبائل ليتعرف بعضنا إلى بعض.
ولفت إلى سعي دار الإفتاء المصرية في الفترات السابقة بخطى حثيثة لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية بمجال الإفتاء، فأنشأت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم للتحاور والتعاون، على البر والتقوى وجمع شمل المفتين على المحبة والسلام ونبذ الكراهية محليًا وعالميًا.
وأكد حرص دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم على ترجمة هذه القيم في فاعلياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية المختلفة.
وأشار إلى إنشاء الدار مجموعة من المراصد البحثية، وأطلقت مبادراتها لخدمة هذا المقصد النبيل ومنها على سبيل المثال: “مركز سلام”، وهو مركز لدراسات التشدد ومواجهته، ومرصد لفتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورًا وبهتانًا للإسلام، وذلك بالموازاة مع مرصد آخر يرصد ممارسات الكراهية في ثوبها الآخر وهو مرصد الإسلاموفوبيا، ويُعنى بما يسمى الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم.
وقال “إنه تم إطلاق المؤشر العالمي للفتوى لقياس ثمار الوسطية والكراهية بمجال الإفتاء”، مؤكدًا أن كل هذه المراكز آتت أكلها طيبًا خلال فترة العمل السابقة، ولا زلنا نعمل على المزيد.
وأعرب المفتي – في ختام كلمته – عن أمنياته في نشر ثقافة التعايش والأمن والسلام بين أبناء الإنسانية جميعًا، واقتلاع جذور التعصب والتشدد والعنف من عقول أبناء الإنسانية جميعًا، مشددًا على أن الإنسانية بحاجة إلى العيش في أمن وسلام وتعاون لكي يعم الخير على الجميع من الجميع.