12:02 ص
الإثنين 18 مارس 2024
كتابة وتصوير- رمضان يونس:
داخل غرفته المُطله على “استوديو الأهرام”بالجيزة، ممد “أحمد خلف الله” (سوداني الجنسية) جسده على سريره يتابع بتمعن في جواله ما يجري في بلده السودان، الذي تركه مجبرا بسبب الحرب. وخارج الغرفة تتحدث والدته “فاطمة” مع شقيقتها “أم شريف” عن ظروفهم المعيشية. بينما تعد شقيقته وجبة السحور. حينها أفزعهم صوت نحيب امرأة عالي أعقبه دخان أسود ونار كثيفة علت في مسكنهم فجأة “لقيت النار كلت الستارة ودخلت عليه”.
تسارعت دقات قلب “أحمد” نحو والدته “فاطمة” حاول إنقاذها “جريت طلعت أمي وخالتي وأخواتي البنات من الشقة”، بعد أن فصلا التيار الكهربائي والغاز تحسبًا لانفجارهما، قبل أن تمتد النيران إلى غرفة نوم والدته وتلتهم أثاثها حولته إلى رماد.
خرج “أحمد” من شقته بإعجوبه، يضرب على كٌفيه من هول ما رأه، وقلبه يعتصرألمًا على ما حل بهم من مأساة: “همي كله كان إني أطلع والدتي وأختي وخالتي، بس مقدرتش الحق أطفي الشقة.. كل حاجه اتحرق”.
مسكن “أحمد السوداني” من ضمن 46 شقة سكنية لاحقها اضرار الحريق بعد أن التهمت النيران 10 عقارات مجاورة موقع حريق “أستوديو الاهرام” ـ حسبما ذكرت النيابة العامة في بيانها اليوم.
على بعد أمتار من العقار الذي طالته النيران بمنطقة خاتم المرسلين بالطالبية، ترك “أحمد” والدته وسط عويل الأهالي وصراخ الأطفال، حاول الشاب السوادني أن ينقذ كل ما هو ثمين لكن شدة النيران كانت عائقًا أمامه،”كسرت الباب عشان مكنتش شايف من الدخان”، وعثر على بقايا متعلقاته الشخصية والتى تفحم أغلبها:”لقيت الباسبور واقع في الصالة قبل ما تأكله النار”.
أوجاع “أحمد” تكررت مرتين مع النار، الأولى حينما نجا وعائلته من نار الصراع التى أحرقت منزله منتصف إبريل من العام الماضي في العاصمة السوادنية الخرطوم، حتى أتت ثانيًا وقضت على ما تبقى من رفاتهم داخل مسكنهم المُطلة على “استوديو الأهرام” قبيل فجر السادس من شهر رمضان الجاري حينما أضرمت فيه النار.
“أحمد” الذي يعمل موظف في شركة ( تاركو للطيران السوداني)، لم تجد عائلته ملجأ من جحيم النار سوي منزله خالته “أم شريف” التي تقطن في منطقة الهرم “كل واحد طلع بالهدوم اللي عليه”، مع شروق الشمس وبعد أن أطفأت الحماية المدينة الحريق، حضر و شقيقته يبحثان داخل مسكنهما المحترق على أي متعلقات تخصهما فلم يجدا سوى بقايا ممزوجة بركام خلفته شدة النيران “أوضتي لقيتها على الطوب الأحمر”.
نجا “أحمد” وعائلته من الحريق مرتين، الأول الذي حل بهم في منزلهم بالخرطوم في السوادان والثاني الذي طال مسكنهم بالجيزة في مصر، لكنهم لم ينجوا من المأساة التي حلت بهم قبل ثماني أشهر بعد أن ودعوا الخرطوم في العاشر من مايو 2023 دون رجعه، عقب دمار منزلهم في إثر الصراع المُسلح الذي وقع بين عناصر (الجيش وقوات الدعم السريع).
ا
سيطرت قوات الحماية المدنية بالجيزة على حريق”استوديو الأهرام” بعد 6 ساعات من مجابهة النيران قضت فيها على الأخضر واليابس في الاستوديو والعقارات الملاصقة له، فيما جري عمليات التبريد حتى صباح اليوم التالي، الأحد الماضي، لمنع تجدد ألسنة النيران مرة أخرى. وعقب السيطرة انتقل فريق من المعمل الجنائي لتحديد أسباب الحريق وحصر خسائره، فيما استمعت النيابة العامة لأقوال السكان المتضررين وشهود العيان على الحادث للوقف على أسبابه وكشف ملابساته.
وعاين رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي موقع حريق”استوديو الأهرام” بمنطقة العمرانية بالجيزة، رافقة وزيرة التضامن الاجتماعي وزيرة الثقافة ووزير التنمية المجتمعية ومحافظ الجيزة .
ووجه “مدبولي” بصرف إعانات عاجله، للأسر المتضررة، قدرها 15 ألف جنيه كدفعة أولى للأهالي المتضررة منازلهم كقيمة إيجارية لعدة شهور قادمة، بما يعادل القيمة الإيجارية في المنطقة التي يعيشون فيها، وذلك لحين تأهيل المباني وإعادتها لوضعها الأصلي.
و