07:15 م
الإثنين 24 يوليو 2023
خلق الانقطاع المتكرر للكهرباء في مصر حالة من الغضب لدى الكثيرين، لارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة. لكن الأمر يزداد سوءًا عند أصحاب الورش والمحال الصغيرة. فبالنسبة لهؤلاء، هناك مزيج خانق تشكله الحرارة من ناحية ويعطل الرزق من ناحية أخرى.
يتكرر المشهد صباح كل يوم؛ يخرج كيرلس هاني (صاحب سوبر ماركت) ليقف على باب محله عاقدًا يديه وغاضبًا، لقد انقطعت الكهرباء وتوقف العمل. فماكينة تقطيع الجبن والميزان يعملان بالكهرباء، إلى جانب الثلاجات، التي يخشى على ما بها من جبن، عصائر، وآيس كريم في ظل الحرارة المرتفعة.
وأرجع مجلس الوزراء سبب انقطاع الكهرباء إلى تخفيف الحمولة على شبكات الكهرباء بالتزامن مع موجة الحر الشديدة التي تتعرض لها مصر وزيادة الاستهلاك. إذ وصلت الأحمال الكهربائية منتصف هذا الشهر إلى “أقصى استهلاك خلال كل الأعوام السابقة”، بحسب بيان وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
يشتكي كيرلس هاني (صاحب سوبر ماركت) أن الكهرباء تنقطع بمنطقته “الزيتون” يوميًا منذ نحو أسبوع، وفي كل مرة، لا تقل مدة الانقطاع عن ساعة، وقد يتكرر خلال اليوم. يقول كيرلس “إن تلك الساعة تفرق كثيرًا معه في عملية البيع والشراء، خاصة في الصباح، وهو وقت الذروة”.
يكمل الرجل باستياء واضح: “تأتي الزبائن وتغادر دون شراء.. فهناك خسارة كل يوم”.
على هذا الحال، يدرك “كيرلس” أن منطقته أفضل من غيرها وأنه أقل تأثرًا من غيره، فقد اشتكى مواطنون – عبر منصات التواصل الاجتماعي – من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي ولمدة طويلة، قد تمتد لعدة ساعات في بعض المحافظات والقرى.
ووصف مصطفى مدبولي (رئيس الوزراء) تلك الأزمة بـ”فترة تخفيف أحمال مؤقتة حتى استعادة الشبكة للضغوط العادية”.
لكن تلك الفترة المؤقتة، أدت إلى تقليل وتيرة الإنتاج عند محمد لطفي، الذي يعمل نجارًا بمنطقة العمرانية. فأساس عمل شخص مثل “محمد” هو استخدام “الشنيور” وماكينات تقطيع الخشب وغيرها، وكلها أشياء تعتمد على الكهرباء في تشغيلها.
يقول الرجل الستيني، وهو يحاول إنجاز عمله قدر الإمكان قبل انقطاع الكهرباء مجددًا، “كل ساعة تفرق معي، فعملي يعتمد على تسليم المطلوب في الموعد المحدد، ثم تحصيل المبالغ ودفع الإيجار والعمالة.. وإن حدث تأخير في هذه العملية سنتضرر جميعًا”.
كما أن فكرة الوقت الإضافي غير مجدية في عمل “محمد”، فالوقت الإضافي يعني مالا إضافيا للعمال، كما أنه يعمل في منطقة سكنية ويلتزم بمواعيد فتح وإغلاق، وفقًا لحديثه.
وكانت الشركة القابضة لكهرباء مصر، قد أعلنت السبت الماضي، أنه سيتم فصل الكهرباء بمعدل 10 دقائق قبل رأس الساعة و10 دقائق بعدها، وألا تزيد مدة الفصل عن ساعة واحدة من وقت فصل التيار، مطالبة المواطنين عدم استخدام المصاعد خلال الفترة المحددة لفصل التيار، حفاظًا على سلامتهم.
يتابع مينا هاني تلك التنويهات، لكنه لا يعرف ما عليه فعله في مكان عمله بإحدى “كافيهات” منطقة مصر الجديدة. ويرى الشاب العشريني أن “الكافيهات” بين أكثر الأماكن تضررًا بانقطاع الكهرباء.
وبينما يتحدث “مينا”، انقطعت الكهرباء بالفعل.. فأشار على الزبائن الجالسين، قائلا: “هؤلاء يأتون إلينا لأجل مكيف الهواء أو الإنترنت أو لعب البلاي ستيشن”، ثم تساءل: “لماذا سيبقون إن انقطعت الكهرباء عن كل ذلك!؟”.
يشار إلى أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الكهرباء منذ عدة سنوات. فقد تحول العجز في الكهرباء إلى فائض يسمح بالتصدير، بحسب تقرير نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، في فبراير 2022.
وبلغت قيمة الاستثمارات في مجال إنتاج الكهرباء 355 مليار جنيه منذ 2014 حتى نهاية 2021، وفقا لما ذكره التقرير، الذي أشار أيضًا إلى أنه تمت إضافة نحو 30 ألف ميجاوات قدرات كهربائية بعد الانتهاء من تنفيذ 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية، ليصل فائض الكهرباء في يونيو 2020 إلى 13 ألف ميجاوات بعد عجز وصل إلى 6 آلاف ميجاوات في يونيو 2014.
وركز التقرير على مشروعات الربط الكهربائي بين مصر ودول أخرى، كالخط القائم مع السودان، ومع ليبيا، والمشروع الجاري تنفيذه مع السعودية.
رغم كل ذلك، عادت أزمة انقطاع الكهرباء إلى مصر بعد اختفاء سنوات، المفارقة التي فسرها مصدر بوزارة الكهرباء لـ”مصراوي”، قائلا: “هدفنا تخفيض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 25%، وهو ما يوفر كميات من الغاز لتصديرها للخارج في ظل ارتفاع السعر العالمى، مما يوفر العملة الأجنبية للدولة المصرية”.
اقرأ أيضًا:
“شمسنا” توفر الكهرباء.. مشروعات لإدخال الطاقة الشمسية للبيوت في مصر
رغم تحقيق فائض.. لماذا تخفف الكهرباء الأحمال رغم جنون ارتفاع حرارة الطقس؟