09:41 م
الثلاثاء 05 ديسمبر 2023
كتب – محمد شعبان:
“والله ما قعدالك تاني.. هروح بيت أبويا” عبارة صادمة نطق بها لسان ربة منزل لتعصف باستقرار عش الزوجية. حاول العامل البسيط أن يهدأ من روع رفيق دربه فصدمته “طلقني يا ابن الحلال”.
حزمت الزوجة حقائبها وغادرت إلى منزل أهلها ليشعر العامل الشاب بحسرة الفراق وانفراط حبات العقد أمام مقلتيه. جلس منزويًا في أحد أركان البيت يفكر في السبيل لعبور ذلك المأزق.
سقط الشاب الثلاثيني في براثن وساوس وهلاوس سمعية مصدرها أعوان إبليس “اللي عمل كده لازم يدوق من نفس الكأس” ليقدم على ارتكاب جريمة بشعة في حق الطفولة بل الإنسانية.
على بعد أمتار من ديوان قسم العياط، سُمع صوت سارينة مميزة لشرطيي المركز إيذانا بحضور العميد محمد مختار رئيس المباحث الجنائية لقطاع الجنوب. حضر الضابط المحنك في جولة مرورية ضمن رحلاته المكوكية من أبو النمرس إلى أطفيح للوقوف على سير العمل بالأقسام التابعة للقطاع.
لم يكد تمر دقائق على وصوله حتى ورد بلاغ إلى المأمور باختفاء طفل لا يتجاوز الثالثة من عمره في ظروف غامضة كما لو أن المبلغ كان في انتظار وصول “مختار” المعروف بحله أصعب القضايا.
بعد قراءة الفاتحة – كعادته- انطلق رئيس القطاع يرافقه 6 ضباط إلى -عزبة الحكيم- مسقط رأس الطفل مالك سعيد المبلغ بتغيبه لجمع المعلومات ومن قبلها أخبرهم “القضية دي مش هتخرج من أهل البيت نفسه”.
خطة محكمة تركزت على فحص علاقات أسرة المجني عليه ووجود خلافات ترقى للإيذاء ورصد آخر مشاهدة للطفل قبل اختفائه في رحلة الإجابة عن السؤال الأهم: “أين اختفى مالك؟”.
ساعات قليلة تكشفت معها الحقيقة، خلافات عائلية توترت معها علاقة عم الطفل مع أخيه وزوجته فقرر الانتقام على طريقته. استدرج الطفل بدعوى شراء حلوى وكتم أنفاسه ثم كفن الجثة ووضعها داخل شوال ألقاه بعدها بالترعة ليعود متظاهرًا بالحزن على اختفاء الصغير وشارك في رحلة البحث عنه بل ونشر منشورًا عبر صفحته بموقع “فيسبوك” لإبعاد الشبهة الجنائية عنه.
بينما يشدو قارئ إذاعة القرآن الكريم بابتهالات الفجر، اكتملت الصورة أمام رجال التحقيق لينطلق الرائد أحمد الملطاوي رئيس مباحث العياط ومعاونه الرائد باسم أبو الدهب لضبط المتهم الثلاثيني “عامل بمصنع طوب” الذي أقر بجريمته قائلا: “علشان أحرق قلبهم عليه”.
اصطحبته مأمورية لإجراء المعاينة التصويرية في حضور ممثل من النيابة العامة لتأمر بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات تمهيدًا لإحالته إلى المحاكمة الجنائية مع إيداع الجثمان مشرحة مستشفى العياط المركزي.