03:30 ص
الإثنين 05 يونيو 2023
كتب- محمد شاكر:
استنكر باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس، ماورد في كتاب عالم المصريات البريطاني الشهير توبى ويلكينسون “رمسيس العظيم.. ملك ملوك مصر” من ادعاء بأن الملك رمسيس الثانى لم ينتصر وبأنه قد بنى مجده التاريخي “الباطل”، على حد قوله، بالدعاية.
وأعرب باحث المصريات عن دهشته وتعجبه من هذه الأقوال والنظريات التي تصدر من عالم مصريات عالمي قدير، ولا تمت للحقائق التاريخية والأدلة الأثرية بأدنى صلة، إلا أنها تصدر عن أهواء مشبعة بأحقاد دفينة على ملك مصر الشهير وعلى حضارتها الخالدة، متسائلا: “إذا كان رمسيس الثانى قد بنى مجده على الباطل كما يقول ويلكينسون فلماذا أطلق على كتابه عنوان ملك ملوك مصر؟”.
وفند الدكتور عباس بالأدلة العلمية والأثرية ادعاءات ويلكينسون، الذي يقول إن معركة قادش انتهت بالتعادل الدموي، وهذا ما تؤكده بالفعل نصوص ومناظر رمسيس الثانى الخالدة عن المعركة في معابد الرمسيوم والأقصر والكرنك وأبو سمبل وأبيدوس، ولم يدعي رمسيس الثانى سوى الانتصار الميداني في أرض معركة وليس الاستراتيجي بالاستيلاء على قادش.
وأوضح أن نصوص رمسيس الثاني اتسمت بالموضوعية الكاملة في وصف خطأه الاستراتيجي في بداية المعركة وتفوق الجيش الحيثي، ثم استبساله فى القتال والصمود حتى تغيرت الكفة فى صالحه في مواجهة الحيثيين بعد تكبيدهم خسائر عسكرية فادحة، وأشارت النصوص المصرية القديمة إلى طلب الحيثيين للهدنة في اليوم التالي للمعركة والتي حدثت بانسحاب الجيش المصري بعد إدراك الجيشين عدم القدرة على تحقيق أي هدف استراتيجي لوقوع خسائر فادحة في صفوفهما، قائلا: “أين هو الادعاء الباطل في نصوص رمسيس الثاني، كما يقول ويلكينسون في كتابه”.
وردا عن ادعاء ويلكينسون بفشل رمسيس الثاني في تحقيق أي انتصار عسكري واضح، أشار باحث المصريات “عباس” إلى “معركة دابور” في شمال سوريا وهي المعركة المسجلة على جدران معبدي الأقصر والرمسيوم واعتبرت أحد أعظم انتصاراته العسكرية الكبرى على الإطلاق.
كما أشار إلى حملات الملك رمسيس الثاني في كنعان (فلسطين) التي أعقبت معركة قادش والتي أعاد فيها السيطرة على عكا والجليل، إلى جانب لوحات رمسيس الثاني في بيت شان بفلسطين، ونهر الكلب وجبيل في لبنان، ودمشق في سوريا، والتي تعبر عن مجده الحربي والإمبريالي الخالد في إمبراطوريته الأسيوية في سوريا وكنعان.
وقال الدكتور عباس إنه من المثير للسخرية بحق أن يصف ويلكينسون معركة السلام بين رمسيس الثانى والحيثيين بأنه قد حول فشله إلى ربح، رغم أن كافة المصادر التاريخية تؤكد سعي الإمبراطورية الحيثية إلى بلاط رمسيس الثانى من أجل إقرار السلام ، وهى النظرية التى يؤكد عليها جمهور المؤرخين والعلماء والباحثين، فهل هناك فاشل أو منهزم تسعى إحدى القوى عظمى لإقرار السلام معه، متسائلا عن سر غضب ويلكينسون من تخليد مجد مصر الحربي في معركة قادش على جدران المعابد المصرية.
وأكد باحث المصريات محمد رأفت عباس أن الأمانة العلمية والموضوعية قد غابت عن ويلكينسون في هذه التصريحات الغريبة والمثيرة للجدل والتى لا تدل سوى عن أحقاد دفينة ولا شىء دون ذلك.
رمسيس الثاني، هو الملك الثالث من حكام الأسرة ال 19 في مصر القديمة، أطلق عليه عالم الآثار البريطاني كنت أ كتشنير “فرعون المجد والانتصار”، وكان ينظر إليه على أنه الفرعون الأكثر شهرة والأقوى طوال عهد الإمبراطورية المصرية القديمة، وسماه خلفائه والحكام اللاحقين له بـ”الجد الأعظم” .
كان والده الملك المحارب الخالد الملك سيتي الأول العظيم ووالدته الملكة تويا، ونصب، وهو في سن الرابعة عشر وليا للعهد، من قبل والده سيتي الأول، ويعتقد بأنه جلس على العرش وهو في أواخر سنوات المراهقة.
تجاوزت فترة حكم الملك رمسيس الثاني 67 عاما (1279 _1213)، وكان رمسيس بحق حاكما قديرا، وواحدا من أعظم الملوك المحاربين في تاريخ مصر القديمة، أخلص لأرض مصر وشعبها، فخلده المصريون في تاريخهم كما لم يفعلوا لملك من قبل.