07:32 م
السبت 28 سبتمبر 2024
كتب- محمود عبدالرحمن:
في واحدة من أبرز عمليات الاغتيال في تاريخ إسرائيل، نفذ جيش الاحتلال، أمس الجمعة، غارات جوية وُصفت بأنها الأعنف منذ بدء التصعيد، مستهدفةً القيادة المركزية لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي تم إعلان استشهاده.
عملية الاغتيال، التي تمت باستخدام قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 طن، تأتي في إطار سلسلة من الاغتيالات التي نفذها جيش الاحتلال على مدار الأسابيع القليلة الماضية، كان أبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إسماعيل هنية ورئيس أركان حزب الله فؤاد شكر، وأخيرا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أمس الجمعة.
ووصف وزير دفاع الاحتلال، يوآف جالانت، عملية اغتيال نصر الله بأنها أنهت حسابًا طويل الأمد مع الأمين العام لحزب الله، معتبرًا إياها رسالة واضحة لكل من يعادي تل أبيب، فيما تحمل هذه الاستهدافات الإسرائيلية دلالات قوية لحلفاء إيران في المنطقة، مما يعكس التصعيد المستمر بين إسرائيل وطهران.
يقول المحلل في الشأن الإيراني محمود جابر، إن خطاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي تحدث فيه عن تغيير خارطة الشرق الأوسط، يكشف نية إسرائيل من عمليات الاغتيال المتكررة.
وأوضح جابر أن إسرائيل تسعى لرسم حدود جديدة في المنطقة، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حرب مفتوحة مع عدو يتجاوز حدود المنطقة العربية، وهو إيران.
وأشار المحلل الاستراتيجي، إلى أن إسرائيل تستهدف حلفاء إيران ضمن استراتيجيتها لمحاربة “محور المقاومة” الذي تدعمه طهران، والذي يمتد من حزب الله في لبنان إلى حركة حماس في غزة والحوثيين في اليمن، إلى جانب أذرعها في كل من سوريا والعراق، موضحا أن اغتيال قادة بارزين، سواء في حزب الله أو حماس، يهدف إلى شل القيادة وضرب محور المقاومة بقوة.
وأوضح جابر أن هذه الاغتيالات تهدف إلى تحجيم القدرات العسكرية لحلفاء إيران، حيث تعتبر تل أبيب أن نفوذ إيران الإقليمي يعتمد بشكل كبير على الجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس، مضيفا أن استهداف قادة هذه الجماعات يضعف قدراتها العسكرية، ويعطل شبكات الصواريخ والطائرات المسيرة التي تهدد أمنها.
وأضاف محمود جابر أن اغتيال شخصيات مثل حسن نصر الله أو إسماعيل هنية يشكل ضربة قوية للروح المعنوية لهذه الجماعات وحلفائها، ما قد يدفعهم للتفكير قبل التصعيد ضد إسرائيل، بينما يسهم ذلك في تعزيز قدرة الردع الإسرائيلية، ويبعث برسالة مفادها أن أي تهديد سيتم التعامل معه بحسم.
وهو ما أكده السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، إذ قال إن اغتيال نصر الله يبعث رسالة واضحة لأصدقائه في بيروت وعواصم أخرى بالمنطقة، موضحا في الوقت نفسه، أن إسرائيل تراقب عن كثب تهديدات إيران بالرد، وفق تصريحاته لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، اليوم.
وأكد جابر أن إسرائيل ترى في حلفاء إيران أدوات لتنفيذ أجندتها في المنطقة، وبالتالي فإن استهدافهم يضعف قدرة إيران على توسيع نفوذها الإقليمي، إذ تهدف هذه العمليات إلى قطع خطوط الدعم بين طهران وهذه الجماعات، وتقليل تأثير إيران في مناطق الصراع مثل لبنان وسوريا وغزة.
مكاسب السياسية
وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أن هذه الاستهدافات تحمل دلالات سياسية داخلية في إسرائيل، حيث تعزز صورة القيادة الإسرائيلية أمام الجمهور المحلي، بينما تعزز على المستوى الدولي، هذه العمليات التنسيق مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين في مواجهة التوسع الإيراني.
وقال جابر إن استهداف قادة مثل نصر الله وهنية دون رد قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار على الجبهتين الشمالية “لبنان” والجنوبية “غزة”، وقد يدفع الجماعات إلى التصعيد أو القيام بعمليات انتقامية، ما قد يسهم في إعادة تشكيل قواعد الاشتباك في المنطقة.
احتمالات الرد الإيراني
وشدد جابر على أن إيران لن تترك اغتيال نصر الله دون رد، مؤكدا أن عدم الرد سيعني نهاية النظام الإيراني والثورة الإسلامية، مشيرا إلى أن إذا لم تتمكن إيران من الرد عبر لبنان أو سوريا، فقد تصل الحرب إلى داخل إيران نفسها.
وأضاف أن الرد الإيراني، في حال وقوعه، سيشعل حربًا مفتوحة وشاملة في المنطقة، تشارك فيها الجماعات المرتبطة بإيران، والتي تسعى إسرائيل إلى إضعافها، قائلا: “إيران قادرة على توجيه ضربة قوية لإسرائيل، في ظل تصاعد التوترات”.
وفي تصريحات للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد أن العالم لن ينسى أن قرار تنفيذ الهجوم الإرهابي صدر من نيويورك، وأن واشنطن لا يمكنها التنصل من مسؤوليتها في التواطؤ مع إسرائيل.
وأضاف أن فقدان شخصيات بارزة في المقاومة مثل نصر الله سيجعل المقاومة أكثر صلابة، مؤكدا أن راية محاربة الظلم لن تسقط.
من جهة أخرى، نقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن اغتيال نصر الله قد يؤجج المخاوف من اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
وأشار المسؤولون إلى أن إيران باتت تشعر بقلق بشأن حجم الضرر الذي ألحقته إسرائيل بحزب الله، وأنها قد تتدخل إذا شعرت بخطر فقدان حزب الله.