01:08 م
الجمعة 31 مايو 2024
بي بي سي
بعد يومين من المداولات، أدان 12 من سكان نيويورك دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق بجميع التهم في قضية الأموال السرية.، وهو ما يعد حكمًا تاريخيًا بعد محاكمة تاريخية، فأصبح أول رئيس أمريكي سابق يدان جنائيًا، وأول مرشح من حزب رئيسي يترشح للبيت الأبيض وهو مُدان.
فماذا سيحدث بعد ذلك، هل ما زال بإمكانه الترشح للرئاسة؟ والإجابة هي نعم، فإن دستور الولايات المتحدة الأمريكية، يحدد عددًا قليلًا نسبيًا من متطلبات التأهل كمرشح رئاسي.
فينبغي ألا يقل عمر المرشح عن 35 عامًا، وأن يكون مواطنًا أمريكيًا “مولودًا بشكل طبيعي”، وأن يكون قد عاش في الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن 14 عامًا، ولا توجد قواعد تمنع المرشحين الذين لديهم سجلات جنائية، وبرغم ذلك، فإن الحكم بالإدانة قد يؤثر على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر المقبل.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته بلومبرج ومورنينج كونسلت في وقت سابق من هذا العام، أن 53 % من الناخبين في الولايات المتأرجحة الرئيسية، سيرفضون التصويت لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب إذا أدين.
وأظهر استطلاع آخر أجرته جامعة كوينيبياك خلال شهر مايو أن 6 % من ناخبي ترامب سيكونون أقل ميلًا للتصويت له، وهو أمر مهم في مثل هذه المنافسة الشديدة.
ماذا يحدث لترامب الآن؟
كان ترامب حرًا بكفالة طوال المحاكمة، ولم يتغير هذا بعد تلاوة نص الحكم أمس الخميس، فقد أطلِق سراح المرشح الجمهوري المحتمل بناءً على تعهده الشخصي، وسيعود إلى المحكمة في 11 يوليو المقبل، وهو التاريخ الذي حدده القاضي خوان ميرشان لجلسة النطق بالحكم، مع العلم أن القاضي سيأخذ في الاعتبار عوامل عدة ينبغي مراعاتها في الحكم، ومنها عمر ترامب.
ويمكن أن تكون العقوبة غرامة أو فترة مراقبة أو إشراف أو ربما السجن، ومن المؤكد أن ترامب، الذي وصف الحكم بأنه “عار”، سيستأنف حكم الإدانة، وهي العملية التي قد تستغرق شهوراً أو ربما فترة أطول.
كما سيواجه فريقه القانوني دائرة الاستئناف في مانهاتن، وربما محكمة الاستئناف، ما يعني أنه حتى بعد النطق بالحكم، من غير المرجح أن يغادر ترامب المحكمة مكبّل اليدين، بل يُتوقع أن يظل حراً بكفالة أثناء استئنافه.
حيثيات الاستئناف
قد تكون أدلة نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز، التي كان لقاؤها الجنسي المزعوم مع ترامب لُبّ القضية، إحدى الحيثيات، إذ قالت آنا كومينسكي، الأستاذة في كلية الحقوق في نيويورك: “إن التفاصيل التي قدمتها [دانييلز] ليست ضرورية حقاً لسرد القصة”.
وأضافت: “من ناحية، تجعلها التفاصيل موثوقة؛ فالمدعي العام يرغب في تقديم تفاصيل كافية كي تصدق هيئة المحلفين ما تقوله [الشاهدة]. ومن ناحية أخرى، هناك خط يفصلك عن أن يصبح الأمر متحيزاً وفي غير محله”.
ولقد طالب فريق الدفاع عن ترامب مرتين بإعادة المحاكمة أثناء شهادة دانييلز، الأمر الذي رفضه القاضي، وقد تكون الاستراتيجية القانونية الجديدة التي استخدمها المدعي العام في هذه القضية أيضاً سبباً للاستئناف.
وعادة ما تعامل عملية تزوير السجلات التجارية في نيويورك، كجنحة من الدرجة الأدنى، لكن ترامب يواجه اتهامات جنائية أكثر خطورة بسبب جريمة ثانية مفترضة، وهي ما يُعتقد أنها محاولة غير قانونية للتأثير على انتخابات عام 2016.
ويرى فريق الادعاء أن انتهاك قوانين الانتخابات الفيدرالية والخاصة بالولاية، إلى جانب الاحتيال الضريبي، ينطبق على هذه القضية، لكنهم لم يوضحوا لهيئة المحلفين أي منها جرى انتهاكه بالتحديد.
ويقول الخبراء القانونيون إن هناك أسئلة حول نطاق وتطبيق القانون الفيدرالي، قد تكون أساساً للاستئناف؛ فلم يسبق لأي مدع عام في الولاية أن استشهد بجريمة فيدرالية غير متهم بها، وهناك سؤال عما إذا كان المدعي العام في مانهاتن لديه السلطة القضائية للقيام بذلك.
هل يمكن لترامب أن يدخل السجن؟
ربما، وإن كان من غير المرجح إلى حد كبير أن يقضي ترامب بعض الوقت خلف القضبان، فإن التهم الـ 34 التي يواجهها ترامب، كلها جرائم من الدرجة الخامسة في نيويورك، وهي أدنى درجة في الولاية، وتصل عقوبة كل تهمة منها إلى 4 سنوات كحد أقصى.
وهناك عدة أسباب قد تجعل القاضي ميرشان يختار توقيع عقوبة أقل شدة، ومنها عمر ترامب، وعدم وجود إدانات سابقة، وحقيقة أن التهم تنطوي على جريمة غير عنيفة، كما يمكن للقاضي النظر في انتهاكات ترامب لأوامر حظر النشر الصادرة عن المحكمة أثناء المحاكمة.
ومن الممكن أن يضع القاضي في الاعتبار الطبيعة غير المسبوقة للقضية، وربما يختار تجنب وضع رئيس سابق ومرشح حالي خلف القضبان.
هناك أيضا مسألة عملية، فترامب، شأنه كشأن كل الرؤساء السابقين، يحق له الحصول على حماية مدى الحياة من جهاز الخدمة السرية، ومع ذلك، سيكون من الصعب بمكان تطبيق نظام السجون مع وجود رئيس سابق نزيلًا، وسوف يكون الحفاظ عليه آمنًا أمرًا مُكلفًا ومحفوفاً بالمخاطر الأمنية الهائلة.
وقال جاستن بابيرني، مدير شركة استشارات السجون وايت كولار أدفايس: “إن أنظمة السجون تهتم بأمرين: أمن المؤسسة وخفض التكاليف”، ومع ترامب “سيكون الأمر أشبه بعرض غريب، لن يسمح به أي مدير سجن”.
هل يمكنه التصويت؟
من المرجح أن يتمكن ترامب من التصويت هذا الخريف، وبموجب قانون فلوريدا، حيث يقيم ترامب، فإن من يُدان بجناية من ولاية أخرى، يكون غير مؤهل للتصويت “إذا كانت الإدانة تجعله غير مؤهل للتصويت في الولاية التي أدين فيها”.
وأدين ترامب في نيويورك، حيث يُسمح بالتصويت للمدانين طالما أنهم غير مسجونين في الوقت الراهن، ما يعني أنه ما لم يكن ترامب خلف القضبان بحلول الخامس من نوفمبر، فإنه يحق له الإدلاء بصوته.
هل من صلاحياته العفو عن نفسه كرئيس؟
لا، ليس من سلطة الرئيس إصدار عفو عمن ارتكبوا جرائم فيدرالية، وقضية الأموال السرية في نيويورك هي أمر خاص بالولاية، ما يعني أنها ستكون خارج سلطة ترامب إذا أصبح رئيسًا من جديد، وينطبق الأمر ذاته على قضية ترامب في جورجيا، حيث اتُهم بالتآمر الجنائي لقلب هزيمته بفارق ضئيل أمام الرئيس جو بايدن في الولاية خلال انتخابات عام 2020. وهذه القضية قيد الاستئناف.
ومع ذلك، فإن صلاحيات العفو غير واضحة بالنسبة لقضيتي ترامب الفيدراليتين، إحداهما تتعلق بسوء التعامل مع وثائق سرية، والأخرى تتعلق بالتآمر لإلغاء نتيجة انتخابات عام 2020، في الأولى، أرجأ قاضٍ عيّنه ترامب في فلوريدا، المحاكمة إلى أجل غير مسمى، قائلًا إن تحديد موعد قبل الإجابة عن أسئلة حول الأدلة، سيكون أمرًا “غير حكيم”، كما تأجلت القضية الفيدرالية الثانية للنظر في استئناف ترامب.
ومن غير المرجح أن يُبت الأمر في أي من القضيتين قبل انتخابات نوفمبر، لكن حتى لو حدث ذلك، فإن فقهاء الدستور يختلفون حول ما إن كانت سلطة العفو التي يتمتع بها الرئيس قد تشمل شخصه أم لا، وقد يكون ترامب أول من يحاول فعل ذلك.