04:28 م
الخميس 23 يناير 2025
كتبت- سهر عبد الرحيم
بعد يومين فقط من دخول هدنة غزة حيز التنفيذ، أعلنت إسرائيل بدء عملية عسكرية واسعة على مدينة جنين بالضفة الغربية أطلقت عليها اسم “الجدار الحديدي”، والتي أسفرت عن استشهاد 12 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 40 شخصًا واعتقال عشرات الشباب.
ومع دخول العملية يومها الثالث على التوالي، فرضت قوات الاحتلال حصارًا على مخيم جنين وأغلقت مداخله، وأجبرت الأهالي في بعض مناطقه على الخروج من منازلهم والمغادرة عبر طريق واحد باتجاه المدخل الغربي للمخيم فيما يُعرف بطريق واد برقين.
وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع، إنه “منذ البداية والاحتلال الإسرائيلي يسعى لضم شمالي الضفة الغربية إلى مناطق أخرى يسيطر عليها، وتجلى ذلك في إلغاء قانون فك الارتباط”، مضيفًا أن تل أبيب كانت تبحث عن مبرر لتصرفاتها تجاه الضفة؛ الشئ الذي منحته لها كتيبة جنين”.
و”فك الارتباط” هو قانون أقره الكنيست الإسرائيلي عام 2005، نص على أن تكون 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية وهم: جانيم وكاديم وحومش وسانور، مناطق عسكرية مغلقة يُحظر دخولها إلا بإذن جيش الاحتلال، وتم إجلاء آلاف المستوطنين من جميع مستوطنات قطاع غزة، ومن المستوطنات الأربع المذكورين، وذلك بهدف حماية اليهود الموجودين فيهم مما وُصِفَ بالمخاطر الأمنية وقتها.
وفي مايو 2024، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت، إلغاء سريان قانون “فك الارتباط” بالكامل في شمال الضفة الغربية، ما يعني السماح للمستوطنين بالعودة إلى المستوطنات التي تم إخلاؤها في السابق، والتي تقع بالقرب من مدينتي جنين ونابلس.
كتيبة جنين قدمت المبرر لإسرائيل
ويرى مطاوع في حديثه مع “مصراوي”، أن نشاط كتيبة جنين، التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قد أعطى للاحتلال “المبرر” الذي كان يبحث عنه لتنفيذ مخططاته والتي تتمثل في دخول مخيم جنين والسيطرة عليه، من خلال إعلان الكتيبة ارتباطها بـ إيران وشكرها على المساعدة التي تقدمها لها.
وبدوره، أدعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول أمس الثلاثاء، أن العملية هدفها القضاء على الإرهاب وتعزيز الأمن بالضفة، إذ قال “أطلقت قوات جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام (الشاباك) عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة في جنين، وهذه خطوة أخرى نحو تحقيق الهدف الذي حددناه وهو تعزيز الأمن في الضفة”.
وأشار نتنياهو إلى أن القوات الإسرائيلية تتحرك بشكل منهجي وحازم ضد المحور الإيراني أينما أرسل أسلحته في غزة ولبنان وسوريا واليمن والضفة الغربية، على حد زعمه.
وأكد المحلل السياسي الفلسطيني أن إسرائيل تسعى لضم الضفة من قبل اندلاع حرب غزة، إذ تسعى إلى يهودا والسامرة، وهو مصطلح إسرائيلي رسمي يطلقه اليهود على كامل مناطق الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية، إلا أنها كانت تبحث عن مبرر لعملياتها في الضفة الأمر الذي منحته لها كتيبة جنين.
ويوافق الخبير في شؤون الشرق الأوسط حسن مرهج المحلل الفلسطيني عبدالمهدي مطاوع في الرأي، أن إسرائيل تعمل على ضم مناطق الضفة الغربية من قبل دخول حرب غزة وأنه بعد انتهاء القتال في القطاع ستسحب قواتها إلى الضفة.
ويرى مرهج أن إسرائيل لن تسمح بتكرار عملية ال7 من أكتوبر التي نفذتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات قطاع غزة، إذ تعتبر تل أبيب أن التهديدات الأمنية لا تزال قائمة، لذلك تعمل قوات الاحتلال على التخلص من عناصر المقاومة في الضفة الغربية وخاصةً بجنين، التي يوجد بها أكثر عناصر المقاومة تنظيمًا عسكريًا عن باقي مدن الضفة.
وذكر دكتور حسن مرهج خلال حديثه مع “مصراوي”، أنه بعدما تنتهي إسرائيل من حرب غزة ستنقل قواتها إلى الضفة الغربية للقضاء على المقاومة الفلسطينية فيها، وقد تعمل تل أبيب على تهجير الفلسطينيين إلى دول الجوار خاصة الأردن، وسنشهد هذا العام عمليات عسكرية مكثفة بالضفة تبدأ من جنين وربما تنتهي بالخليل.
وبالفعل بدأت عمليات النزوح، إذ أفادت تقارير إعلامية بأن عشرات العائلات الفلسطينية تنزح من مخيم جنين بالضفة عبر ممر تسيطر عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اعتقلت عشرات الشباب خلال مرورهم، حسبما نقلته قناة “الجزيرة مباشر” عن مصادر.
جنين غزة جديدة
وفيما يتعلق بإمكانية استخدام جيش الاحتلال الأساليب ذاتها التي استخدمها في قطاع غزة أثناء الحرب وتسببت في تدميره بشكل شبه كامل، أكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط حسن مرهج أن إسرائيل “تستطيع تحويل جنين إلى غزة أخرى وأكثر منها”.
ولفت مرهج إلى أن ما يساعد إسرائيل على ذلك بشكل كبير هو عدم وجود أنفاق تحت الأرض كالتي في غزة، فكل المناطق مأهولة بالسكان، وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال لم تستخدم الطائرات المسيرة في هجماتها على المقاومة في جنين من قبل، لكنها استخدمتها لأول مرة في عملياتها العسكرية الحالية بالمدينة.
وساعدت هدنة غزة على انتقال القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية، إذ قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تكثيف الهجوم على الضفة لوزير المالية الإسرائيلي بتسئيل سموتريتش الذي أعلن معارضته للهدنة.
وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أول أمس الثلاثاء، بأن نتنياهو وعد سموتريتش بشن هجوم على مخيم جنين مقابل عدم استقالته من الحكومة، وأضافت أن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر اتخذ قرار عملية جنين خلال اجتماعه الجمعة الماضية.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عبدالمهدي مطاوع أنه كان من الممكن “تجنب” كل ما يحدث في مخيم جنين لولا الاستعراضات التي قامت بها الكتيبة التابعة لسرايا القدس فضلًا عن المبررات التي استغلتها إسرائيل لتدمير جنين كما فعلت في غزة.
وفي وقتٍ سابق، نفذت السلطة الفلسطينية عملية أمنية واسعة في المخيم الذي حاصرته لاعتقال عدد من المطلوبين، لكن توقفت هذه العملية بعدما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، أول أمس الثلاثاء، عملية عسكرية واسعة في جنين أطلق عليها اسم “الجدار الحديدي”.
وتدخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بعدما طاردت السلطة الفلسطينية كتيبة جنين وألقت القبض على قائدها مسلم مصاروة وعددًا أخر من عناصرها، أمس الأربعاء، على مسافة تبعد أكثر من 30 كيلومترًا عن المخيم.
وفيما يتعلق بانسحاب قوات السلطة الفلسطينية من المخيم، أشار مطاوع إلى أن القوات انسحبت بعدما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار عليها، ما تسبب في إصابة عددًا من قوات الأمن.