05:36 م
الأربعاء 26 يوليو 2023
كتبت- سلمى سمير:
تسود حالة من الغموض بشأن وزير الخارجية الصيني، المعزول تشين جانج الذي لم يظهر لقرابة الشهر، دون إدلاء بكين بأي تصريحات حول مكان الوزير أو أسباب عزله، أو حتى الرد على أي استفسارات بشأن اختفائه أو ظهوره في المناسبات الرسمية التي من المفترض أن يظهر فيها.
أعلنت الصين، تعيين وانج يي، وزير لخارجيتها، خلفا لسلفه المقال تشين جانج، الذي لا يزال الغموض يحاوط مصيره، مع إبهام أسباب اختفائه طوال تلك المدة، وأسباب عزله من منصبه، مع سعي وسائل الإعلام للحصول على رد شافي من وزارة الخارجية الصينية بشأن إقالته، لكن دون فائدة.
جاءت إقالة جانج، خلال اجتماع لأعلى هيئة لصنع القرار في البرلمان الصيني، أعلنت عنه وسائل الإعلام الحكومية في بيان مقتضب، بعدما رُصد أمام الكاميرات آخر مرة مبتسماً إلى جانب نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودنكو، الذي زار بكين، بعد مدة قصيرة من تمرد فاجنر العسكري، وسبق ذلك بأيام قليلة لقاء جانج مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في الصين ، في حدث هام جذب أنظار العالم ولم يتكرر منذ عام 2018،
كان من المفترض أن يعقد جانج عدة لقاءات، مع دبلوماسيين، هذا الشهر أهمها الاجتماع السنوي لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في إندونيسيا، ومرة أخرى في اجتماع رئيسي لكتلة “بريكس” للاقتصادات النامية الرئيسية في جنوب إفريقيا، لتبرر الوزارة غيابه حينها لظروف صحية يمر بها الوزير، لكن عندما سئل المتحدث باسم الوزارة في الأسبوع التالي ، قال إنه لا يمتلك أي معلومات ليقدمها عن المسؤول صاحب منصب ذا طبيعة تظهر بكثافة في وسائل الإعلام وأمام الكاميرات.
أين هو جانج؟
الوضع مبهم حاليا بخصوص وضع الوزير الُمقال، وما إذا اتخذ بحقه أي إجراءات تأديبية أو ستتخذ لاحقا، لكن ون تي سونج، أستاذ العلوم السياسية، في الجامعة الوطنية الأسترالية، يرجح لـ صحيفة “جابان تايمز”، أن جانج يخضع للتحقيق في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن عزله كان لخطأ مهني ارتكبه الوزير، وليس ذلة سياسية، حيث تنتظر السلطات البت في مسألة إقالته من المجلس لحين الانتهاء من التحقيق معه.
ولا تعد تلك بسابقة يختفي فيها مسؤول صيني، عن الأنظار، فطالما اشتهار البلد الآسيوي، بغموضه سياسياً، وله سوابق في اختفاء مسؤوليه ليظهروا لاحقا في تحقيق تأديب سري بتهم الفساد بعد أشهر من تواريهم عن الأنظار، في بيان عادة ما يعلنه الحزب الشيوعي الحاكم، الذي يوضح احتجاز المسؤولين بسبب التحقيقات.
في العام الماضي اختفى وزير الصناعة شياو ياكينج، عن الأنظار لمدة شهر تقريبا، ليظهر لاحقا أنه يحقق معه بتهمة الفساد، وفي العام الماضي، اصطحب الرئيس الصيني السابق هو جينتاو 79 عاما إلى خارج الجلسة الختامية لمؤتمر الحزب الشيوعي، بينما كان جالسا إلى جانب خلفه الرئيس شي جينجبينج، وظهر جينتاو ينادي إلى شي ويخبره بشيء ما ويصر على عدم الخروج، بينما ابتسم الآخر وأومأ برأسه إليه بالمغادرة مع الحارسين دون النظر إليه وتمسك بأوراق كان يمسكها جينتاو، وأعلنت بكين حينها أنه كان يعاني من وعكة صحية لذلك توجب خروجه، وشوهد جينتاو بعد عدة أشهر في جنازة جيانج زيمين زعيم صيني سابق.
وفي حادثة كانت على غير مثيلاتها اختفى الرئيس الصيني الحالي، في سبتمبر 2012، وحينها كان يشغل منصب نائب الرئيس مدة أسبوعين، ثم عاود الظهور مرة أخرى دون تقديم أي مبررات، ليبرر المسؤولين حينها تعرضه لإصابة رياضية. ليتولى منصب الرئيس بعد ذلك بشهرين فقط في نادرة لم تحدث مع نظرائه.
لم يكن الاختفاء من نصيب المسؤولين فقط، بل تمادى إلى رجال الأعمال وأصحاب النفوذ الاقتصادي في البلاد، حيث اختفى مالك موقع علي بابا، جاك عقب فترة وجيزة من انتقاده للسياسة الاقتصادية للصين، حينما وصف البنوك الصينية بـ “التقليدية”، وانتشرت الشائعات بعدها من وضع ما قيد الإقامة الجبرية أو الاحتجاز، وما زاد الشائعات حينها تصديقا هو إلغاء السلطات تعويم أسهم شركته “آنت جروب” في خطة كانت بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني، وتوارى ما عن الأنظار لمدة 3 أشهر وبعد ذلك انتشرت تقارير عدة عن مشاهدة ما في بلدان عدة مثل إسبانيا وهولندا وتايلاند وأستراليا، حسب ذكر “بي بي سي”.
اختفى أيضا جو جوانجتشانج، الملياردير الصيني عن الأنظار، ليظهر لاحقا بعد أيام وقوعه تحت طائلة القانون بشبهة التحقيق معه بتهم فساد، وأوقف تداول أسهم شركته في هونج كونج، حتى يتعاون مع السلطات في التحقيق، وأفرج عن جو بعد ذلك عقب انتهاء التحقيقات.