11:58 م
الجمعة 27 ديسمبر 2024
الإسماعيلية – أميرة يوسف:
وسط أشهر حدائق الإسماعيلية، “حدائق نمرة 6″، يتوافد الأهالي من كل مكان، يصطحبون أطفالهم لقضاء وقت ممتع داخل الحديقة التي يملؤها ضجيج الأطفال ولعبهم هنا وهناك، يقف “حازم”، حاملًا أطباقًا من الترمس على رأسه، يراقبهم في صمت، يلتقط أنفاسه بهدوء خوفًا من أن تسقط منه أطباق الترمس التي يبيعها يوميًا لمساعدة والدته المريضة
“حازم” طفل لا يتجاوز عمره ثماني سنوات، جاء من منطقة كيلو اثنين بالإسماعيلية لبيع بعض أطباق الترمس التي أعدتها والدته، وكان يهدف إلى مساعدتها في توفير مصاريف علاجها، وبالرغم من هذه الظروف الصعبة، لم يتخل “حازم” عن حلم طفولته، فكما كان يحمل أطباق الترمس على رأسه، كان يحمل معه أحلامه في اللعب والرسم مثل باقي الأطفال، ويأمل أن يتحقق حلمه ذات يوم، حتى لو كان ذلك بمحض الصدفة، ليعيش حياة مليئة بالمرح والإبداع.
“أنا بحب الألوان والرسم، ماصدقت أشوفهم عشان أشارك معاهم بس مفيش وقت ولا فلوس عشان اتعلم”.. هكذا تحدث “حازم” إلى “مصراوي” من أمام أحد اللوحات التي اختار أن يرسم عليها بأنامله الصغيرة، اختار اللون الأحمر وبدأ يصول ويجول بالفرشاة على اللوحة البيضاء، وكأنه يضيف إلى حكايته ألوانا يحيا بها.
رغم أن “حازم” لم يتمكن من رسم لوحة واضحة الملامح لكنّه استمع إلى ملاحظات المشرفين، ووعدهم بسرعة التعلم وطلب منهم تنظيم مرسم مفتوح في الحدائق بشكل مستمر حتى يتمكن أن يشاركهم في كل مرة.
وقف “حازم” يحدق عينيه في لوحات الأطفال، ويسألهم كيف ترسم هذا، وكيف تلون ورغم صغر عمر الأطفال وعدم معرفتهم بقصته لكنهم بدأوا يتبادلون الضحكات مع الألوان وأعطوه نصائحهم حول كيفية تحسين الرسم.
بعد أن انتهى “حازم” من ملئ لوحته باللون الأحمر، طلب من أحد الأطفال أن يحمل لوحته ليلتقط بها صورة للذكرى وكأن أمله بدأ يتحقق ولو جزئيا وهو يقول ذات يوم سأعود ارسم معكم بعد أن اتعلم وربما أصبح فنانا مشهورا.
استطاع “حازم” أن يخطف الأنظار أثناء مبادرة “ابتسم أنت في الإسماعيلية” التي نظمتها مكتبة مصر العامة في “حدائق نمرة 6 “، لم يكن مجرد طفل يبيع الترمس في شوارع الإسماعيلية، بل أثبت للجميع أنه مثالا للإرادة والسعي وراء حلمه، قلبه يحمل الأمل ويرسم في خياله حياة يبحث عنها بين الألوان.