08:17 م
الجمعة 31 مايو 2024
كتبت- أسماء البتاكوشي
لم يمر شهر على إعلان الاحتلال الإسرائيلي شن عملية وصفها بـ”المحدودة” على مدينة رفح الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة، حتى أعلن اليوم، أنه يقوم بعملية دقيقة وسط المدينة الحدودية، متجاوزا التحذيرات المصرية والأمريكية، مهددًا حياة نحو مليون نازح هناك.
بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي التوغل في المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في الأيام الأخيرة، ودمرت عشرات المباني على طول الطريق، وفي الوقت ذاته تعمل فيه على تفكيك حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وإنشاء خط سيطرة، وفقا لصور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي حللتها صحيفة واشنطن بوست.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الهجوم الإسرائيلي، الذي بدأ في 6 مايو الجاري، توسع بشكل كبير، وأدى إلى تغيير جذري في جغرافية منطقة رفح، وتشريد أكثر من مليون فلسطيني، فضلًا عن اختبار حدود الدعم من جانب إسرائيل، والولايات المتحدة الداعم الرئيسي لتل أبيب.
ويزعم الاحتلال الإسرائيلي، أن مدينة رفح، هي المعقل الأخير لفصائل المقاومة الفلسطينية، خاصة “حماس”، مدعية أن حربها لا يمكنها تحقيق النصر فيها دون معركة حاسمة هناك، وذلك برغم تحذيرات من المسؤولين الأمريكيين ومنظمات الإغاثة الإنسانية من أن العملية العسكرية في المدينة الحدودية الجنوبية ستكون نتائجها كارثية.
وفي الـ8 من مايو الجاري، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن، من أنه سيحجب الأسلحة إذا تحركت القوات إلى مناطق النازحين في رفح- التي كانت في السابق موطنا لـ 1.4 مليون شخص-، وهو خط أحمر بالنسبة لإدارة بايدن، ورغم التحذيرات لم يستمع رئيس وزراء الاحتلال، فلأول مرة، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أن قواته تعمل في وسط رفح.
ومع تقدم القوات الإسرائيلية وتزايد الغضب الدولي، تقول الولايات المتحدة الآن إنها لا تريد أن ترى “عملية كبيرة” في المدينة، وعندما سئل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، الثلاثاء الماضي، عن كيفية تعريف واشنطن لهذا المصطلح، وصفه بأنه “آلاف وآلاف من القوات تتحرك بطريقة مناورة ومركزة ومنسقة ضد مجموعة متنوعة من الأهداف على الأرض”.
وخلال الأسبوع الجاري، أرسلت إسرائيل لواءً إضافيًا إلى رفح، ولديها الآن 6 لواءات يعملون في المدينة وما حولها، وتعد قوة قتالية مماثلة في الحجم لتلك التي قاتلت في خان يونس، وفقا لإذاعة جيش الاحتلال .
وتظهر صور الأقمار الصناعية التي تحققت منها صحيفة واشنطن بوست، أن هجومًا إسرائيليًا تعدى على وسط رفح، مع دخول المركبات العسكرية إلى حي تل السلطان الغربي، وهو موطن العديد من المدنيين الذين بقوا هناك، فضلًا عن أنها تشير حشد إسرائيلي بالقرب من منطقة العودة، التي تعتبر قلب المدينة.
كما تظهر صور الأقمار الصناعية، أن قوات الاحتلال، قامت بمسح مساحات كبيرة من الأراضي شرق غزة خلال تقدمها في الأسابيع الأخيرة، وهدمت المباني وجرفت الأراضي، ما سعيها لإنشاء مناطق عازلة عسكرية
وقال بلال صعب مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” ومحلل عسكري في مركز أبحاث تشاتام هاوس: “إن أي شخص لديه فهم أولي للعمليات العسكرية يمكنه أن يرى أن الهجوم على رفح يجري الآن، وقد لا يفي بمعايير الإدارة، “لكنه ليس أقل واقعية أو فتكًا”.
لا مكان للذهاب
واستشهد ما لا يقل عن 83 شخصًا في رفح منذ يوم الجمعة، بحسب محمد المغير مسؤول الدفاع المدني في قكاع غزة، منهم 45 شخصًا استشهدوا ليلة الأحد في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين في تل السلطان، ما إلى احتراقه، وتطاير الشظايا على الخيام.
وزعم جيش الاحتلال، أنه كان يستهدف اثنين من قادة حماس، واصفا استهدافه مخيمًا للنازحين، بأنه حادث مأساوي ناجم عن انفجار ثانوي.
متابعة عملية الجيش الإسرائيلي في رفح
يقوم الناس الآن بإخلاء الأحياء المركزية، لكن هناك خيارات قليلة متاحة للعائلات مثل تلك التي يرأسها أحمد، والتي تحدث بشرط ذكر اسمه الأول خوفًا على سلامته، إذ انتقل مع زوجته وأطفاله الأربعة من جحر الديك، وسط غزة، إلى تل السلطان في بداية الحرب، ومع إجلاء الآخرين، قرر البقاء.
وقال أحمد: “كانت المنطقة آمنة، ولكن بعد غارة قاتلة أخرى في المنطقة الثلاثاء الماضي، فرت العائلة شمالا إلى مواسي، وهي منطقة ساحلية تعتبرها إسرائيل “منطقة إنسانية”.
تُظهر صور الأقمار الصناعية ما كان ينتظرهم هناك – على ما يبدو امتدادًا لا نهاية له من الخيام المكتظة وغيرها من الملاجئ المؤقتة، ولا يتوفر سوى القليل من فرص الحصول على الغذاء أو المياه النظيفة أو الصرف الصحي.
التقدم الإسرائيلي
وشوهدت الدبابات لأول مرة على أطراف تل السلطان مطلع هذا الأسبوع، وتظهر الصور التي تم التحقق منها من قبل الصحيفة الأمريكية، مركبات عسكرية جنوب الحي مباشرة يوم الثلاثاء، بما يتماشى مع روايات شهود العيان.
واستعرضت الصحيفة صور الأقمار الصناعية التي أظهرت ما حدده أحد الخبراء على أنه مركبة عسكرية إسرائيلية على جانب أحد الشوارع في تل السلطان يوم الأربعاء، ويظهر مقطع فيديو تم التقاطه يوم الثلاثاء مسارات على طول نفس الطريق قال الخبراء إنها عادة ما تكون مصنوعة من مركبات عسكرية ثقيلة.
بجوار مستشفى ميداني إماراتي في منطقة العودة، التي يعتبرها السكان قلب المدينة، تظهر صور الأقمار الصناعية الإثنين الماضي، مجموعتين يبلغ مجموعهما أكثر من 20 مركبة، يبدو أنها ذات طبيعة عسكرية.
وقال ويليام جودهيند، الباحث مفتوح المصدر في Contested Ground، وهو مشروع بحثي يتتبع التحركات العسكرية باستخدام صور الأقمار الصناعية: “إن حقيقة تجميعهم معًا تشير إلى أن هذه المنطقة آمنة”.
وعلى الرغم من أن التحرك نحو رفح كان “أكثر تدريجيًا” من الهجمات السابقة في خان يونس ومدينة غزة، كما قال شلومو بروم، العميد العسكري الإسرائيلي المتقاعد، إلا أنه لا يزال “هجومًا كاملًا.